المناطق الحرة بالعراق.. انفتاح خارجي أم تهديد للمنتج المحلي؟

منفذ طريبيل الحدودي مع الاردن copy.jpg
عبر البعض عن مخاوف من تهديد السلع الخارجية لنظيرتها المحلية.

وليد المصلح-بغداد

تختلف الآراء حول أهمية المناطق الحرة في تطوير اقتصاد البلاد وتعزيز العلاقات بدول الجوار وزيادة حجم الصادرات وتحقيق التقارب والتعاون معهم.

ويرى البعض أن المناطق الحرة تمثل عاملا إيجابيا في اكتساب الخبرات والتكنولوجيا نتيجة الاحتكاك مع الشركات الأجنبية المتطورة، وتدوير عجلة التنمية وزيادة حجم الصادرات على حساب الواردات من خلال مختلف المشاريع الاستثمارية، وفرصة للتقارب السياسي والتعاون الأمني مع دول الجوار.

وفي المقابل يعتبر آخرون المناطق الحرة إغراقا للسوق المحلية ببضائع رديئة مختلفة وتهديدا للصناعة الوطنية مطالبين بدعم المنتوج المحلي وإعادة تأهيله.

وتكمن التحديات في التجاذبات القائمة حول المناطق الحرة بين الأطراف السياسية التي تملك زمام السلطة والأطر القانونية والتشريعية السائدة من جهة، والمعوقات الإدارية والتنظيمية وضعف البنى الأساسية والخدمات من جهة أخرى، مما يقلل من فرص الاستثمار ويحد من جذب رؤوس الأموال.

 ناقلة ترسو في منفذ خور الزبير بالبصرة (الجزيرة)
 ناقلة ترسو في منفذ خور الزبير بالبصرة (الجزيرة)

خطوة متأخرة

التوجهات الأخيرة للحكومة العراقية بفتح مناطق حرة مع الجوار الإقليمي كالسعودية والكويت والأردن، يعتبره مراقبون خطوة ناجعة لإنعاش الاقتصاد المحلي الضعيف رغم أنها جاءت في وقت متأخر.

وبحسب الخبير الاقتصادي ماجد الصوري، تمثل المناطق الحرة منفذا مهما للغاية للعلاقات التجارية الدولية ولفتح آفاق جديدة للاستثمار خارج إطار التعقيدات الإدارية والروتينية.

وشدد الصوري في تصريح للجزيرة نت على أهمية إيلاء الأهمية اللازمة لهذه المنافذ، وأكد ضرورة أن تكون مستقلة بشكل تام أسوة ببقية دول العالم.

ورغم أن العراق يمتلك مقومات عدة لنجاح هذه التجربة جغرافيا وإداريا وماليا، لكن محاولاته في هذا المضمار لا تزال في أطوارها الأولى، وهي بحاجة إلى المزيد من الدعم الحكومي والرؤية الاقتصادية الإستراتيجية.

بداية إنشاء المناطق
صدر في تسعينيات القرن الماضي القانون رقم 3 لعام 1998 الذي شرع لتأسيس الهيئة العامة للمناطق الحرة بإنشاء ثلاث مناطق مختلفة هي خور الزبير في البصرة، والمنطقة الحرة في نينوى، ومنفذ القائم الحدودي في الأنبار.

ويعد إنشاء المنطقة الحرة بين العراق ومصر عام 2001 إنجازا مهما في تفعيل السوق العربية المشتركة باعتبارها أول اتفاقية للتعاون التجاري بين دولتين عربيتين وقتذاك، لكنها سرعان ما تلاشت على وقع الغزو الأميركي للبلاد عام 2003.

عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية غاندي الكسزنزاني بين الأهمية الإستراتيجية للمناطق الحرة في تنشيط الاقتصاد المحلي وتوفير فرص العمل وزيادة الاستقرار في العراق والمنطقة.

ورأى أن الاقتصاد شريان مهم يدعم استتباب الأمن، وقال للجزيرة نت إن "اللجنة تدعم الحكومة في إيجاد مصادر جديدة للدخل القومي بدل الاعتماد الكلي على النفط فقط".

ويضاعف الموقع الجغرافي الحيوي القريب من الأسواق العالمية، والوضع الأمني الذي شهد تحسنا ملحوظا في الفترة الأخيرة الثروات الطبيعية وتوفر اليد العاملة، من رغبة أصحاب المال في التهافت على الاستثمار في العراق.

شاحنات محملة بالبضائع في منفذ طريبيل الحدودي (الجزيرة)
شاحنات محملة بالبضائع في منفذ طريبيل الحدودي (الجزيرة)

تحديات
ثمة الكثير من الفرص والتحديات التي تواجه المناطق الحرة وتؤثر عليها بالسلب والإيجاب، تبعا للإرادة الاقتصادية والسياسية والتجاذبات الإقليمية المحيطة بالبلاد.

سعد السامرائي أحد المستثمرين في مجال السيارات لم يخف توجسه من وجود غايات سياسية تخدم أطرافا دون أخرى وراء افتتاح المناطق الحرة معربا عن أمله في وجود سوق حرة حقيقة تعمل على استقطاب وتوطين الأموال المحلية قبل غيرها بدلا من الاستثمار في الأسواق الخارجية.

وتستخدم الدول وسائل شتى لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير بيئة جاذبه للاستثمار، ولعل المناطق الحرة هي إحدى الوسائل المستخدمة لتحقيق هذا الهدف، حيث تعفى السلع من التعريفة الجمركية والضرائب والقيود الإدارية الرتيبة.

المصدر : الجزيرة