البورصة الكويتية.. هل تحل الخصخصة أزمة السيولة؟
محمد الحايك-الكويت
اعتبارا من مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري لم تعد البورصة الكويتية مرفقا حكوميا، بل باتت سوق المال الوحيد المملوك للقطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط، فقد أعلنت هيئة أسواق المال الكويتية قبل أيام قليلة نجاح المرحلة الثانية والأخيرة من إجراءات خصخصة شركة بورصة الكويت.
وفي إطار المرحلة الثانية من عملية الخصخصة، تم طرح حصة هيئة أسواق المال البالغة 50% من أسهم رأس المال المصدر والمدفوع لشركة بورصة الكويت للأوراق المالية للاكتتاب العام للمواطنين الكويتيين خلال الفترة الممتدة بين 1 أكتوبر/تشرين الأول الماضي و1 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وكانت المرحلة الأولى من مشوار الخصخصة التي انتهت في فبراير/شباط الماضي شهدت تخصيص نسبة 44% من رأس مال الشركة من خلال مزايدة -فاز بها تحالف محلي إلى جانب مشغل عالمي- طرحت لهذه الغاية، وبذلك أصبحت نسبة 94% من أسهم رأس مال شركة البورصة اليوم مملوكة لمستثمرين من القطاع الخاص، في حين تبقت نسبة 6% فقط بيد القطاع الحكومي، ممثلا بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
خطوة مهمة
وفيما تمت تغطية عملية الاكتتاب بنسبة تفوق 850% وصف رئيس مجلس مفوضي هيئة أسواق المال الدكتور أحمد الملحم إتمام عملية الخصخصة بـ"الحدث التاريخي البارز في تاريخ أسواق رأس المال في المنطقة"، معتبرا أنها خطوة مهمة نحو تحقيق الأهداف التنموية الوطنية الطموحة والمحددة ضمن رؤية الكويت 2035.
من ناحيته، رأى المحلل الاقتصادي الكويتي محمد رمضان أن "عملية الخصخصة أمر طبيعي في الدول المتقدمة، ولكن الخصخصة ليست بالضرورة أمر جيد، ولا سيما أن القطاع الخاص في الكويت لم يثبت جدارته على مدار السنوات الماضية، لذلك فإن الحكم على نجاح هذه التجربة يحتاج بعض الوقت".
وأوضح رمضان في تصريح للجزيرة نت أن نجاح الخصخصة يعتمد على التطوير الذي يمكن أن يحققه سوق المال من خلال هذه العملية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن البورصة المحلية بحاجة إلى أدوات ومنتجات استثمارية جديدة، في حين سيكون التحدي الأبرز أمامها معالجة شح السيولة، وتراجع حجم التداولات، وهذا هو المؤشر الرئيسي على نجاح الخصخصة من عدمه.
نسبة ضئيلة
من ناحية ثانية، قال رمضان إن عدد المواطنين الذين اكتتبوا في البورصة بلغ نحو 80 ألفا فقط، وهم أقل من 10% من إجمالي الكويتيين، مبينا أنه وعلى الرغم من أن نسبة تغطية الاكتتاب كانت عالية جدا فإن هذا الأمر مرده إلى فتح الحدود القصوى للاكتتاب، إلى جانب سعر السهم الواحد والبالغ 100 فلس كويتي، وبالتالي فإن نسبة المواطنين الذين اكتتبوا ضئيلة جدا بناء على المعطيات المذكورة.
وعلى الجانب الآخر، لفت رمضان إلى أن الترقيات التي نالتها البورصة الكويتية خلال العامين الماضيين على مؤشري "فوتسي" و"أس آند بي" جاءت متأخرة نسبيا، داعيا إلى طرح المزيد من المنتجات والأدوات الاستثمارية من أجل جذب المزيد من التدفقات الأجنبية، إلى جانب العمل على إدراج أسهم أجنبية بالبورصة المحلية.
إدارة حصيفة
من جهته، قال الرئيس التنفيذي للاستثمار في شركة بوبيان للبتروكيماويات أحمد جاسم القمر إن انتقال إدارة أي مرفق من القطاع العام إلى القطاع الخاص يعتبر أمرا إيجابيا، مشيرا إلى أن إدارة القطاع الخاص حصيفة، وتعمل على تحسين أداء المرفق الذي تديره.
وتوقع القمر في تصريح للجزيرة نت أن يتحسن أداء شركة البورصة لأن القطاع الخاص حريص على تحقيق الربحية والاستفادة للمساهمين، وبالتالي فإن الأداء سيتحسن من خلال تقديم العمل على توفير خدمات ومنتجات جديدة تسهم في زيادة وتيرة التداولات وأحجام السيولة، بما يعود بالفائدة على المستثمرين.
وبشأن معايير نجاح عملية الخصخصة، أكد القمر أنها مرتبطة بالدرجة الأولى بزيادة سيولة التداولات التي تعد المشكلة الأزلية لبورصة الكويت، فإذا استطاعت الإدارة الجديدة للشركة جذب السيولة المطلوبة فهذا سيكون أمرا إيجابيا.
كيف يستفيد المكتتب؟
أفاد القمر بأن التغطية الكبيرة للاكتتاب ليست مقياسا للنجاح، ولا سيما أن قيمة الأسهم المطروحة تبلغ 10 ملايين دينار فقط، مشيرا إلى أن استفادة المواطن المكتتب في أسهم شركة البورصة تتأتى من أن سعر السهم بعد إدراج شركة البورصة في وقت لاحق سيكون أعلى من القيمة التي اشترى بها المواطن عند 100 فلس.
يذكر أنه تم إدراج بورصة الكويت ضمن مؤشر "فوتسي راسل" للأسواق الناشئة في سبتمبر/أيلول 2017، وضمن تصنيف الأسواق الناشئة على مؤشر الأسهم العالمية "أس آند بي داو جونز" في ديسمبر/كانون الأول 2018، كما تم تصنيف الكويت سوقا ناشئا على مؤشرات أسهم مؤسسة مورغان ستانلي في يونيو/حزيران الماضي.