رفع أسعار الوقود في إيران.. روحاني متهم ومراجع دينية تؤيد الرافضين

الجزيرة نت-طهران

حذر عدد من نواب البرلمان الإيراني من تداعيات قرار رفع أسعار الوقود على حياة المواطن في ظل العقوبات الأميركية، بينما طالب بعض مراجع الدين الحكومة بإعادة النظر في قرارها، والبرلمان بالتحرك لإلغائه.

وبعد يوم من اندلاع مظاهرات ضد رفع أسعار الوقود في إيران ومقتل مدني علی الأقل وإصابة آخرين، طالب عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني أكبر رنجبر زاده الرئيس حسن روحاني بمحادثة الشعب عبر التلفزيون الإيراني لتوضيح أسباب رفع الأسعار وطمأنته من تداعياته على مستوى المعيشة. 

وانتقد زاده الحكومة لعدم الإصغاء لنصائح نواب البرلمان في اتخاذها القرار آنيا وعدم تطبيقه تدريجيا، موضحا أن الحكومة اختارت توقيتا غير مناسب لرفع أسعار الوقود نظرا للانتخابات البرلمانية المقررة بعد نحو أربعة أشهر، وأنه كان الأجدر بها تأجيل مثل هذا القرار إلى العام المقبل.

موقف البرلمان
من جانبها، صعدت البرلمانية الإيرانية بروانة سلحشوري من لهجتها إزاء تجاهل الحكومة للبرلمان في اتخاذ القرارات الصعبة، وأكدت في تغريدتها على تويتر أن البرلمان لم يعد على رأس الأمور في إيران، وأن هذا الموضوع اتُّخِذ في اجتماع على مستوى رؤساء السلطات الثلاث.

وختمت تغريدتها بمخاطبة الجهات المعنية وكتبت "أوقفوا البرلمان المقبل ليصب ذلك في صالح الاقتصاد المقاوم".

وكان رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني بحث قبل أشهر موضوع رفع أسعار الوقود في جلسة غير علنية تحت قبة السلطة التشريعية، الأمر الذي رفضه النواب بسبب صعوبة الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وفق ما كشفه عضو اللجنة الاقتصادية محمد رضا بور إبراهيمي.

وأضاف إبراهيمي أن اللجنة الاقتصادية ستجتمع اليوم الأحد مع الفريق الاقتصادي بالحكومة، وقد تستضيف الرئيس روحاني غدا الاثنين لإدارة تداعيات القرار. 

رجال الدين
وفي الحوزات العلمية، تعالت الأصوات المنددة بالقرار الحكومي، إذ طالب المرجع الشيعي صافي كلبايكاني البرلمان بالتحرك لإلغائه، وعبّر عن أسفه الشديد لاتخاذ الحكومة هذا القرار بينما يتعرض الشعب لمضايقات غلاء المعيشة والتضخم والبطالة.

من جانبه، عبر المرجع محمد علي علوي كركاني عن قلقه جراء الضغوط المعيشية التي تفرض على الشعب بفعل رفع أسعار الوقود، وطالب الحكومة بإعادة النظر في قرارها، كما حث نوابَ البرلمان على سد الطريق على إثارة القلاقل في المجتمع.

السياسة وحياة المواطن
أما عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان حشمت الله فلاحت بيشه، فاعتبر أن الاقتصاد يدفع ضريبة أخطاء الساسة، وأن "الوقود الذي ينبغي أن يكون في خدمة التنمية وفق القانون، يضرم النار في مائدة الشعب"، مشيرا إلى أن عقد الآمال بإيجاد حل على بعض الساسة انتصار فارغ لا معنى له.

من جهته أشار الباحث حيدر مستخدمين حسيني إلى أن نفقات الإيرانيين لا تتناسب مع عوائدهم، وأن رفع أسعار الوقود سيؤدي إلى رفع أسعار البضائع الأخرى دون أدنى شك، ورأى أنه لا أثر ملموسا على حياة المواطن جراء ما يقال عن توزيع أرباح تقنين الوقود على الأسر المعوزة.

في المقابل، اعتبر الباحث الاقتصادي مجيد شاكري أن تأثير رفع أسعار الوقود لن يتجاوز 2% من عوامل زيادة التضخم، مشيرا إلى أن نسبة التضخم تراجعت في بعض الأعوام رغم ارتفاع أسعار الوقود، علی حد قوله.

منصات التواصل
وتفاوتت تعليقات الإيرانيين على منصات التواصل الاجتماعي بين من يطالب بعزل الرئيس روحاني أو استجواب فريقه الاقتصادي من الوزراء، وبين من يدعم القرار للحد من تهريب المزيد من الوقود.

وفي هذا السياق، غرد المحلل السياسي العربي الإيراني كيوان ساعدي بأنه وفق البند الثاني من المادة 89 للدستور الإيراني، لا بد من جمع توقيعات ثلث نواب البرلمان لاستجواب الرئيس، وعند مصادقة ثلثي النواب على مشروع قانون عدم الكفاية السياسية، سيَعزل المرشد الأعلى للجمهورية الرئيس وفق البند العاشر من المادة 110 للدستور.

كما اتهم آخرون الحكومة بالتآمر على الأمن القومي لتمرير مشاريعها، كما جاء في تغريدة الأستاذ الجامعي المقرب من الحرس الثوري محمد صادق كوشكي، إذ قال إن "هدف الرئيس روحاني من رفع أسعار الوقود هو حض الناس على الشغب! كما كان يريد صيفا ساخنا خلال العام الماضي".

وأعاد مئات الإيرانيين مقاطع من تصريحات الرئيس روحاني وحاشيته خلال حملته الانتخابية، وكتبوا تحتها "وعدتنا بحياة وردية لكنك نسيت وعودك بعد تربعك على كرسي الرئاسة". كما اتخذ إيرانيون آخرون المقاطع ذاتها للتندر على ما آلت إليه الأوضاع.

وبينما انتشر مقطع لأحد أساتذة جامعة تشالوس شمالي إيران على نطاق واسع على منصات التواصل، وهو يستقل حمارا للذهاب إلى الحرم الجامعي بدلا من سيارته، في إشارة إلى رفضه قرار رفع أسعار الوقود، وجّه العديد من الإيرانيين انتقادات لهيئة الإذاعة والتلفزيون لمساهمتها في التعتيم الإعلامي الحكومي.

كما غرد آخرون بأن أداء الإعلام الرسمي الإيراني بشأن الإعلان عن القرار الحكومي أثبت فشله وصوابية قرار الشعب في متابعة الإعلام الأجنبي ومنصات التواصل الاجتماعي لمعرفة مستجدات الأوضاع.

المصدر : الجزيرة