الرئاسي الليبي يوصي بمنع تداول عملة مزورة طبعت لحفتر في روسيا

نقود ليبية رسمية من فئة 10 دينار ليبي.
الحكومة المؤقتة بالبيضا الموالية لحفتر طبعت مليارات الدنانير في روسيا منذ عام 2016 لتمويل قوات اللواء المتقاعد (الجزيرة)

محمود محمد-طرابلس

دعا رئيس المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الوطني فائز السراج محافظ البنك المركزي إلى التصدي للعملة "المزيفة" المطبوعة في روسيا، ومنع طباعتها وإصدارها عملا بنص المادة الخامسة في قانون المصارف في البلاد.

وقال السراج -في كتابه إلى محافظ المركزي الصديق الكبير- إن المجلس الرئاسي يذكر أن عملية طباعة النقود خارج الإطار الذي رسمه القانون تعد تقليدا للنقود الوطنية المتداولة في البلاد وتعاقب عليها القوانين المنصوص عليها في المادة 326 من قانون العقوبات، فضلا عن آثارها السلبية الخطيرة على الاقتصاد الوطني.

كما حذر المصارف التجارية من تداول هذه العملة أو قبولها أو التعامل بها على أي وجه، مطالبا بتوعية المواطنين بخطورة حيازتها كونها جريمة يعاقب عليه القانون.

وكانت بيانات جمركية روسية كشفت أن المركزي الموازي التابع للحكومة المؤقتة في البيضا الموالية لحفتر كثف من عمليات تسليم الأوراق النقدية الجديدة من موسكو قبل بدء الحرب التي شنها حفتر على طرابلس وحتى الآن.

وتظهر بيانات حصلت عليها رويترز أن نحو 4.5 مليارات دينار ليبي (3.22 مليارات دولار) أرسلت في أربع شحنات من فبراير/شباط إلى يونيو/حزيران هذا العام حيث تقدر كامل القيمة المطبوعة 11 مليار دولار وفق تقارير صحفية.

وأوضحت صحيفة تايمز أوف مالطا أن الحكومة المؤقتة في البيضا الموالية لحفتر طبعت مليارات الدنانير في روسيا منذ عام 2016 من أجل تمويل حروب قوات حفتر.

وصادرت مالطا في الأول من الشهر الجاري حاوتين تبلغ مساحتهما ألفي قدم مكعب ممتلئتين بالعملة المطبوعة في روسيا كانت بطريقها إلى بنك ليبيا الموازي في البيضا.

وتطبع الحكومة المؤقتة الموازية بالبيضا العملة في شركة "غوزناك" الروسية، في حين تطبع العملة الرسمية في مطابع شركة "دي لا رو" البريطانية.

وتمنع المصارف التجارية والمحلات في طرابلس والمدن المجاورة غرب البلاد من تداول النقود المطبوعة في روسيا.

‪السراج حذر المصارف التجارية من تداول العملة أو قبولها أو التعامل بها‬ على أي وجه (الجزيرة)
‪السراج حذر المصارف التجارية من تداول العملة أو قبولها أو التعامل بها‬ على أي وجه (الجزيرة)

هبوط متوقع للدينار
وصرح عضو المجلس الأعلى للدولة بالقاسم دبرز بأن تلك العملة المزورة ستؤثر بشكل مباشر على رفع قيمة العملات الأجنبية أمام الدينار.

وأضاف أن حفتر يعتمد على العملة المطبوعة في روسيا في تمويل حروبه وآخرها ضد العاصمة طرابلس، حيث لجأ إلى المرتزقة من روسيا وآسيا وأفريقيا الذين يعملون بمقابل مادي كي يقتلوا الليبيين.

وأكد دبرز -في تصريحه للجزيرة نت- أن شحنة النقود المطبوعة في روسيا الموقوفة في مالطا سيستخدمها حفتر في العمليات الحربية وتوسيع ولاءاته وشراء ذمم المسؤولين وقادة بعض القبائل من أجل استمراره في حربه على طرابلس.

واعتبر أن خطوة المجلس الرئاسي بإيقاف تلك العملة جاءت متأخرة لكنها في الطريق الصحيح، مشيرا إلى ضرورة الضغط دوليا لعدم السماح لأي دفعات جديدة من هذه الأموال بالدخول إلى البلاد ومعاقبة متداوليها محليا.

إيقاف صحيح
واعتبر حافظ الغويل عضو معهد الدراسات الدولية بجامعة جون هوبكنز الأميركية أن عدم الاعتراف بالعملة المطبوعة في روسيا قرار صائب اقتصاديا وسياسيا كان يجب اتخاذه منذ ثلاث سنوات عندما بدأ بنك البيضا الموازي بطباعة الأوراق النقدية في روسيا.

وأردف "هذه الأموال المطبوعة في روسيا منذ عام 2016 رفعت أسعار الدولار في السوق الموازي لأن البنك الموازي في البيضا استخدم هذه النقود لشراء الدولارات بالسوق السوداء مما أدى إلى رفع أسعار الدولار مقابل الدينار".

وتابع الغويل: من الناحية السياسية طباعة هذه النقود في نفس الدولة من جديد تعمق الانقسام السياسي وتخلق دولتين لهما عملتان مختلفتان تمولان بهما ميزانيتهما.

وأوضح أن الأموال المطبوعة في روسيا مكنت حفتر من الاستمرار في بناء ماكينته العسكرية، وعند قراره بالاعتداء على طرابلس احتاج للكثير من الأموال لمساعدته في تحمل نفقة الحرب الباهظة على العاصمة طرابلس.

وصرح الغويل للجزيرة نت بأن العملة الروسية تساهم في رفض -حفتر خصوصا والمنطقة الشرقية عموما- أي حل سياسي حيث إن توفر المورد المالي يبعد حفتر عن اللجوء إلى التفاوض السياسي.

استمرار طباعة العملة في روسيا سيؤدي إلى هبوط حاد للدينار (الجزيرة)
استمرار طباعة العملة في روسيا سيؤدي إلى هبوط حاد للدينار (الجزيرة)

إصلاحات تنهار
وأكد المحلل الاقتصادي وحيد الجبو أن العملة المطبوعة في روسيا بالمليارات سوف تؤثر بشكل مباشر على الإصلاحات الاقتصادية التي نفذ منها المجلس الرئاسي أجزاء مهمة.

وتابع الجبو أنه اتجاه خاطئ ومحاولة يائسة دون غطاء قانوني اتخذه المسؤولون في شرق البلاد من أجل التمويل، لكن الآثار السلبية كبيرة من بينها انحراف في السياسة النقدية في عرض النقود وإغراق السوق بالعملة المزورة، مما سيؤدي إلى تهاوي القوة الشرائية للدينار وارتفاع الدولار مقابله.

كما توقع أن يؤدي استمرار طباعة العملة في روسيا إلى مشاكل اقتصادية وهبوط حاد للدينار وزيادة الأسعار والتضخم وزيادة معاناة المواطنين من جديد بعد استقرار الدولار الواحد عند حوالي أربعة دينارات.

ويرى الجبو أن الحل في إنهاء طباعة العملة في روسيا هو الضغط على المجتمع الدولي لإيقاف تشويه الاقتصاد الليبي عبر التلاعب بالسياسة النقدية وتوحيد المصرف المركزي.

المصدر : الجزيرة