لماذا لا تريد روسيا التخلي عن "أوبك بلس" حتى الآن؟

The logo of the Organisation of the Petroleum Exporting Countries (OPEC) is seen at OPEC's headquarters in Vienna, Austria July 1, 2019. REUTERS/Leonhard Foeger
موسكو تسعى لتعزيز شراكاتها مع دول الخليج منذ إبرام الاتفاق مع أوبك (رويترز)

تحدثت مجموعة "جيمس تاون" للبحث والتحليل في تقرير نشره موقع "أويل برايس" الأميركي، عن إصرار روسيا على عدم الانسحاب من منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، التي تحولت في النهاية إلى تحالف "أوبك بلس" لرفع أسعار النفط العالمية.

وناقش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عددا من صفقات الاستثمار في مجال الطاقة مع السعودية خلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة يومي 14 و15 أكتوبر/تشرين الأول التي لم تتجاوز قيمتها الإجمالية مئات الملايين من الدولارات، وليس المليارات التي كانت روسيا تطمح إلى تحقيقها.

وذكرت مجموعة جيمس تاون أن بوتين نجح في الحصول على استثمار من الإمارات خلال رحلته إلى الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن النتائج كانت متواضعة بشكل عام، فإن كل اتفاقية اقتصادية من هذا القبيل تضع حجر الأساس لإبرام مزيد من الاتفاقيات في المستقبل.

روسيا تعزز شراكاتها
أفادت مجموعة البحث بأن موسكو تسعى إلى تعزيز شراكاتها مع دول الخليج الغنية منذ إبرام اتفاق قبل ثلاثة أعوام مع أوبك.

وتسعى روسيا أيضا إلى إقامة روابط أمتن مع منطقة الشرق الأوسط لتعزيز مكانتها بالمنطقة والحصول على تمويل لمشاريع الطاقة التي حظرتها العقوبات المفروضة من الغرب. لكن السعودية تؤجل مسألة الاستثمار خاصة أن روسيا منافسة لها في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وأوضحت مجموعة جيمس تاون أن السعوديين سبق وحرضوا على صفقة "أوبك بلس"، لكن روسيا تبنت افتتاح العرض لأنها أرادت أن يشهد انخفاض أسعار النفط استقرارا واعتقدت أن بإمكانها الحصول على فوائد جيوسياسية واستثمارية من هذا الاتفاق.

وتأمل الرياض حاليا تمديد صفقة "أوبك بلس" لمدة عقد أو أكثر، لكن موسكو ترفض الالتزام بهذا الإطار الزمني لأنها تريد التمتع بحرية الانسحاب من الاتفاق إذا تبين أن تغيير الظروف الجيوسياسية والاقتصادية يعني أن روسيا ستكون أفضل حالا إذا ما عادت بمفردها مرة أخرى.

لكنْ هناك عامل مهم آخر يجعل موسكو مترددة بشأن التوصل إلى اتفاق طويل الأجل بخصوص تحالف "أوبك بلس" ألا وهو معارضة حكومة الأقلية بقطاع الطاقة في روسيا، لأنها لا تريد وضع قيود تحد من قدرتها على ضخ كميات إضافية من النفط.

وإذا بدأت روسيا تميل نحو التخلي عن "أوبك بلس"، فسيتعين عليها التفكير مليا فيما إذا كان هذا القرار يستحق المغامرة بخسارة شراكتها مع السعودية مرة أخرى. فرغم كل شيء فإن موسكو لا تزال تأمل الحصول على استثمارات سعودية بمجال الطاقة بمليارات الدولارات.

وذكرت المجموعة أن رئيس صندوق الاستثمار الروسي المباشر، كيريل ديميترييف تباهى أخيرا بأن الصندوق المشترك للبلدين استثمر بالفعل ملياري دولار في مشاريع روسية وسعودية. لكن معظم هذه الأموال الروسية ذهبت إلى مشاريع النقل الجوي وغيرها من البنى التحتية غير المتصلة بالطاقة، عوضا عن التوسع بقطاع النفط والغاز مثلما كان يرغب الكرملين.

اتفاقات سعودية روسية
كان بوتين يأمل من خلال خطاب شخصي وجهه قبل عامين إلى وزير الطاقة السابق خالد الفالح في إقناع السعوديين بمشروع نوفاتيك آركتيك آل أن جي 2 للغاز الطبيعي المسال. لكن هذه المبادرة التمهيدية فشلت، ومنذ ذلك الحين عزل الفالح من منصبه.

لم تتمكن روسيا أيضا من الحصول على استثمارات سعودية لأكبر شركة لخدمات النفط والغاز، شركة أوراسيا للتنقيب، أو إقناع المملكة بالسماح لمتعهد الطاقة النووية "روس آتوم" الحكومية للطاقة النووية ببناء مصنع في المملكة.

وخلال زيارة بوتين الأخيرة وقع الروس والسعوديون على العديد من الوثائق المتعلقة بالأعمال التجارية لكن معظمها كانت مذكرات تفاهم أو اتفاقيات تعاون غير إلزامية.

تم توقيع عدة اتفاقات تجارية بين روسيا والسعودية لكنها غير ملزمة (الأناضول)
تم توقيع عدة اتفاقات تجارية بين روسيا والسعودية لكنها غير ملزمة (الأناضول)

بحسب تقرير المجموعة، لا تزال روسيا في المراحل الأولى من تقربها من دول الخليج، وهي مهمة تحمل في طياتها العديد من الوعود، لكنها قد تتغير في أي لحظة.

وعلى الرغم من أن موسكو لم تحول بعد شراكاتها الخليجية إلى تدفقات استثمارية كبيرة ملموسة، فإن اهتمامها بهذه المنطقة بدأ دون شك في تحقيق بعض المكاسب.

ومن أبرز هذه المكاسب تمديد اتفاقية "أوبك بلس" لمدة عامين آخرين، ومنع أسعار النفط العالمية من الانخفاض إلى الحد الأدنى.

وعلى خلفية القمة الروسية الأفريقية التي انعقدت يومي 23 و24 أكتوبر/تشرين الأول، بالإضافة إلى الاتفاق الأمني الذي توصلت إليه موسكو وأنقرة بشأن سوريا، من المتوقع أن يتزايد اهتمام الكرملين بهذه المنطقة و"بالجنوب العالمي" بشكل عام.

المصدر : مواقع إلكترونية