خسائر رغم رفع الأسعار.. متى يصل التطوير لمترو الأنفاق بمصر؟

مخاوف من تحريك أسعار تذاكر المترو (الجزيرة)
تكلفة التشغيل اليومية لخطوط مترو الأنفاق الثلاثة تفوق 900 ألف دولار يوميا (الجزيرة)

 

محمد سيف الدين-القاهرة

على مدار أكثر من عشرين عاما تستخدم الخمسينية المصرية أمينة صابر مترو الأنفاق يوميا، لكونه وسيلة المواصلات الأسهل والأسرع التي تربط بين سكنها بحي شبرا الخيمة (شمالي العاصمة) ومكان عملها في وسط القاهرة.

السيدة الخمسينية تدرس إنهاء هذه الرحلة الطويلة مع المترو وتسوية معاشها، بسبب الأعباء المالية التي تتحملها نظرا لارتفاع أسعار تذاكر المترو ما يزيد على 300% خلال الآونة الأخيرة والذي لم تقابله زيادة ملموسة في المرتبات أو تحسن في أداء الخدمة المقدمة.

وفي حديثها للجزيرة نت، تمنت السيدة المصرية أن ترى خطة التطوير التي سمعت عنها مع أول زيادة طرأت على أسعار تذاكر المترو في مارس/آذار 2017، كما تمنت أن تكون الزيادة -التي تحدث عنها وزير النقل- الأخيرة.

الوزير يمهد للزيادة
وخلال الأسبوع الجاري، مهد وزير النقل الفريق كامل الوزير لزيادة أسعار تذاكر المترو، لكنه عاد وأكد في مداخلة هاتفية لبرنامج "الحكاية" المذاع عبر قناة "أم بي سي مصر" الفضائية مع الإعلامي عمرو أديب أن رفع الأسعار لن يكون قبل سبعة أشهر على الأقل.

ويأتي تصريح المسؤول المصري تداركا لتصريحات أدلى بها صباح اليوم ذاته خلال افتتاح محطة مترو هليوبوليس في ضاحية مصر الجديدة (شمال شرق القاهرة)، والتي أكد فيها أنه لا نية لرفع أسعار تذاكر المترو على الرغم من الخسائر التي يتكبدها المرفق.

وقال كامل الوزير إن تكلفة التشغيل اليومية لخطوط مترو الأنفاق الثلاثة تصل إلى 15 مليون جنيه (628 ألف دولار) يوميا مقابل إيرادات تصل إلى 7.5 ملايين جنيه يوميا، لافتا إلى أن الدولة تتحمل هذا الفارق أو الخسارة -كما وصفها- على الرغم من زيادة الأسعار.

وقفزت أسعار تذاكر المترو في مصر من جنيه واحد إلى 10 جنيهات (الدولار يعادل 16.14 جنيها)، وذلك في الفترة من مارس/آذار 2017 وحتى يونيو/حزيران الماضي.

وقال رئيس الهيئة القومية للأنفاق اللواء عصام والي إن رفع سعر التذاكر للمترو يأتي على مستوى الخط الثالث فقط، مع ثبوت أسعار تذاكر الخطين الأول والثاني.

وأوضح والي في لقاء مع برنامج "90 دقيقة" المذاع عبر قناة المحور الفضائية أن رفع السعر يأتي لكون كافة المحطات والقطارات مكيفة، ووجود أعلى نظم للتحكم والأمان.

وعن الزيادة المتوقعة، قال والي إن سعر التذاكر في الخط الثالث سيكون "5- 7- 10" جنيهات بدلا من "3- 5 -7" جنيهات، ليغطي نسبة من تكاليف الصيانة وليس تكاليف الإنشاء.

وأضاف أنه لا توجد أي وسيلة بديلة توفر نفس التكلفة والسرعة والتأمين والرفاهية لمترو الأنفاق.

ولمراعاة البعد الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية في رفع الأسعار، قالت وزارة النقل إنها لجأت للعمل بنظام الشرائح، حيث تبدأ الأولى بـ5 جنيهات لـ9 محطات، والثانية 7 جنيهات لـ16 محطة، والثالثة 10 جنيهات لـ35 محطة.

أين تطوير المترو؟
تمهيد الوزير لزيادة أسعار تذاكر المترو الفترة المقبلة أثار استغراب المحامي سيد الصاوي الذي تساءل عن خطة التطوير التي عللت بها الحكومة الزيادات المتكررة خلال الآونة الأخيرة.

وأشار الصاوي إلى أنهم لم يشعروا بأي تطوير، ودعا للتحدث عن زيادات جديدة، مضيفا أن المترو لا يزال على وضعه الحالي ولم تمتد له يد التطوير منذ ثلاثة عقود.

وبعد مرور ما يقارب عامين ونصف العام من أول زيادة لأسعار تذاكر المترو في مارس/آذار 2017، أكد اللواء عصام والي أن خطة أعمال تطوير الخط الأول لمترو الأنفاق "المرج- حلوان" -الذي ينقل 1.4 مليون راكب يوميا- بدأت بالفعل.

وقال والي في تصريحات صحفية له مطلع الشهر الجاري إن الهيئة انتهت من الدراسات المطلوبة للتطوير، وتعاقدت مع شركات مصرية وعالمية لتنفيذ الخطة، لإدخال أحدث وسائل التكنولوجيا على عملية التشغيل، بعد الحصول على قرض خارجي.

الغضب امتد إلى مواقع التواصل الاجتماعي أيضا، حيث تساءل نشطاء عن خطة كامل الوزير لتفادي الخسائر التي أعلنها.

خسارة رغم الزيادة
وبشأن حجم الخسائر التي يحققها المترو رغم رفع أسعار التذاكر، يعتقد العضو السابق في لجنة النقل بمجلس النواب المصري المهندس محمد فرج أن المترو لا يخسر، ولكن ما يحدث هو تحميل المواطن البسيط عبء الاستثمار العام في إنشاء محطات جديدة.

وأوضح فرج في حديثه للجزيرة نت أن المترو يعتبر من أهم وسائل النقل المحورية في العاصمة المصرية القاهرة، ولو أُحسن استغلاله فإنه سيحقق دخلا كبيرا.

وبحسب مشروع موازنة الهيئة القومية لمترو الأنفاق للعام المالي 2018/2017، فإن رفع تذكرة إلى جنيهين رفع إيرادات الشركة إلى نحو سبعمئة مليون جنيه، في حين وصل إجمالي الإيرادات إلى 1.4 مليار جنيه سنويا.

ومع غياب الشفافية ونقص المعلومات وتضارب الأرقام بين المسؤولين أنفسهم فإنه لا يمكن الجزم بأن مترو الإنفاق يخسر أم لا.

وخلال السنوات الست الماضية صدرت خمسة أرقام من مسؤولين في الدولة بمناصب مختلفة عن عدد مستخدمي المترو يوميا، آخرها الوزير الحالي كامل الوزير الذي أكد أنهم حوالي 2.5 مليون شخص، وسبقه الوزير السابق هشام عرفات الذي أوضح مطلع العام الجاري أنهم حوالي ثلاثة ملايين شخص.

محمد فرج يعتقد أنه يتم تحميل المواطن عبء الاستثمار العام لإنشاء محطات جديدة (الجزيرة)
محمد فرج يعتقد أنه يتم تحميل المواطن عبء الاستثمار العام لإنشاء محطات جديدة (الجزيرة)

استنكار وتحذير
أزمة رفع الأسعار وملف التطوير وصلت إلى البرلمان المصري، حيث طالب رئيس لجنة النقل والمواصلات في مجلس النواب هشام عبد الواحد الحكومة بعدم التفكير في زيادة سعر تذكرة مترو الأنفاق أبدا، وذلك خلال اجتماع اللجنة الأحد الماضي، لمناقشة اتفاقية قرض بـ205 ملايين يورو لتحديث الخط الأول لمترو الأنفاق. 

المصدر : الجزيرة