ماذا يعني بيع المحروقات للمصريين بالأسعار العالمية؟
وأعلنت الحكومة قبل يومين عن ربط سعر بنزين 95 بالسعر العالمي في أبريل/نيسان المقبل، وهذا النوع تستخدمه الطبقات الأكثر ثراء في سياراتهم.
وأكد المتحدث باسم وزارة البترول حمدي عبد العزيز أن السعر الحالي لبنزين 95 يقترب من سعر التكلفة، ويرتبط بسعر خام برنت القائم على أساس العرض والطلب، وسعر الصرف، وتكاليف التداول.
وتابع عبد العزيز في مداخلة هاتفية مع إحدى الفضائيات أن سعره سيتحرك في حدود 10%، سواء بالارتفاع أو الانخفاض، ابتداء من مطلع أبريل/نيسان المقبل، تبعا لسعر خامات برنت العالمي.
وأوضح المتحدث باسم وزارة البترول أن بنزين 92 وبنزين 80 تدعمه الدولة، مشيرا إلى أن خطة الدولة تستهدف الوصول بسعر البيع إلى سعر التكلفة، حيث إن الطبقات القادرة هي الأكثر استفادة من دعم المنتجات البترولية.
ولا تثير هذه الإجراءات ذعر "الطبقات القادرة" فقط، فشعبان علي -وهو سائق سيارة ربع نقل- يجول ببصره بين مركبته أمام منزله وبين صغاره قائلا بقلق "هذه تنفق على أولئك، وهذه واقفة معظم الوقت، فمن أين يأكل هؤلاء؟".
ومنذ الارتفاع الأخير لبنزين 80 الذي تستهلكه سيارة ربع النقل -ويسمى بنزين الفقراء- والركود يضرب نشاط النقل بسبب توقف أنشطة تجارية عديدة وبسيطة كانت تعتمد على مثل هذه السيارات الخفيفة الحركة الصغيرة الحجم.
ويسخر شعبان من اضطرار العديد من الناس لاستخدام أساليب الماضي في النقل، ومنها العربات (الكارو) التي تجرها الحمير والأحصنة، إذ يعتمد عليها حاليا بائعو السيراميك في منطقة ترسا بالهرم في نقل البضائع بين مخازنهم ومحلاتهم حينما يطلبها الزبون، حتى لو تأخر النقل قليلا، فهو أوفر من استخدام سيارة نقل صغيرة لهذا الغرض.
ووصف الكاتب والخبير الاقتصادي ممدوح الولي قرار الحكومة تنفيذ آلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية بأنه "أخطر القرارات الاجتماعية التي تمس حياة المصريين".
وتربط الآلية -يضيف الولي- سعر المنتجات البترولية محليا بالأسعار العالمية للنفط، وتؤثر على أسعار كافة السلع المحلية مع زيادة سعر نقلها.
ويتنبأ الخبير الاقتصادي بأن البداية ستكون بربط بنزين 95 الأقل استخداما لدى المصريين تخفيفا للصدمة، ثم ما تلبث تتسع لتشمل أنواع الوقود الأخرى.
فالاتفاق مع صندوق الدولي لربط أسعار الوقود بالسعر العالمي يشمل كل المنتجات البترولية، مع إصرار الصندوق على التنفيذ خلال العام الحالي، يضيف الولي.
تشاؤم
وتوقع بنك الاستثمار بلتون في تقريره السنوي عن الاقتصاد المصري أن يؤدي هذا القرار إلى ارتفاع التضخم العام بما يتراوح بين 2.5 و3.5% وصولا إلى 17.8% في العام المالي الحالي.
بدوره قال مسؤول كبير في الحكومة المصرية لوكالة أنباء بلومبرغ -رفض ذكر اسمه- إن ربط أسعار الوقود المحلية بالعالمية خطوة أصر عليها صندوق النقد الدولي باعتبارها أساسية لخطط الحكومة لخفض التكاليف.
وأضاف المسؤول أن الحكومة تخطط لرفع الدعم عن أسعار المحروقات في سبتمبر/أيلول المقبل.
وأشارت تسريبات في وقت سابق إلى أن الحكومة حاولت تأجيل إطلاق آلية تسعير الوقود -التي يشترطها صندوق النقدـ في مفاوضاتها للإفراج عن الدفعة الخامسة من قرض بقيمة 12 مليار دولار.
ويعتقد الخبير الاقتصادي مصطفى شاهين أنه لا مانع اقتصاديا من تحريك سعر البترول محليا بحسب الأسعار العالمية، لكن بضوابط عادلة، فلا يصح لدولة تنتج جانبا من احتياجاتها البترولية مثل مصر أن تبيع الوقود لمواطنيها كما تبيعه دول مستوردة للوقود بالكامل في أوروبا مثلا.
وطالب شاهين بضرورة مراعاة اختلاف دخول الأفراد محليا عن دخول مواطنين في دول غنية، ما دام الوقود سيتم ربطه بالسعر العالمي، حتى لا يتم سحق الطبقات المتوسطة والفقيرة.
تداعيات
ولهذا الربط تداعيات خطيرة على المواطن والاقتصاد معاً، فالمواطن المنتمي إلى الطبقتين الوسطى والفقيرة ستزداد معاناته، أما الاقتصاد فسيتأثر بارتفاع تكاليف الإنتاج، وبالتالي عدم تنافسية المنتجات المصرية في الخارج سعريا، يقول شاهين.
وسيؤدي هذا القرار إلى انهيار شركات تعتمد على التصدير، وبالتالي تسريح عمالتها، وزيادة نسب البطالة، وما سيتبع ذلك من تضخم وهروب للاستثمارات إلى دول أخرى ذات تكاليف إنتاجية أقل.
ويتوقع المتحدث أن ترفع الحكومة أسعار الوقود مع ارتفاع أسعاره عالميا، التزاما بالاتفاق مع صندوق النقد بإلغاء الدعم، دون أن ينخفض السعر محليا عند تراجع الأسعار عالميا نظرا لعدم كفاءة الإدارة ورشدها من ناحية، ولانعدام المنافسة في السوق المحلي فيما يتعلق بالوقود، ورغبة الحكومة في التربح، من ناحية أخرى.