ما أهم التحديات التي ستواجه الاقتصاد العالمي في 2019؟

Chinese and U.S. flags are set up for a meeting during a visit by U.S. Secretary of Transportation Elaine Chao at China's Ministry of Transport in Beijing, China April 27, 2018. Picture taken April 27, 2018. REUTERS/Jason Lee
استمرار الحرب التجارية بين الصين و أميركا من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي (رويترز)

ثمة مخاطر اقتصادية كبرى ستشهدها عدد من المناطق بالعالم وعلى رأسها الصين خلال هذه السنة والسنة المقبلة، في وقت يعتقد فيه مراقبون أن ارتفاع أسعار الفائدة سيقلص من الطلب ويدفع الأعمال التجارية إلى الهاوية.

يقول الخبير الاقتصادي كينيث روجوف، في مقالة بموقع "بروجيكت سنديكيت"، إن الاقتصاد العالمي قد يواجه تحديات كبرى خلال هذه السنة تشمل الركود الاقتصادي في الصين، وارتفاع أسعار الفائدة الطويلة الأجل على الصعيد العالمي، بالإضافة إلى تصاعد السياسات الاقتصادية الشعبوية التي تقوض مصداقية استقلال البنك المركزي.

تباطؤ اقتصاد الصين
بحسب تقرير بروجيكت سنديكيت، يتوقع أن يتراجع اقتصاد الصين تراجعا كبيرا نتيجة الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مواجهته هذا البلد الآسيوي.

التقرير حذر أيضا من تراجع النمو لثاني أكبر اقتصاد بالعالم على المدى الطويل، وربط ذلك بما وصفه بالتناقض المتجذر بين نظام سياسي يقوده حزب أكثر مركزية من أي وقت مضى، وبين الحاجة إلى نظام اقتصادي لامركزي يقوده المستهلك.

وقال الكاتب "مما لا شك فيه أن الصين مُصدر عالمي رئيسي، لكن لا توجد مساحة في السوق ولا تسامح سياسي يسمح لها بالحفاظ على النسق الذي عهدته في توسع دائرة الصادرات".

وأضاف أن تعزيز النمو من خلال الاستثمار، لا سيما في العقارات السكنية، بات أمرا صعبا أكثر من أي وقت مضى.

وحذر الكاتب من أن أي انكماش كبير في النمو بالصين من شأنه أن يؤثر على بقية الدول الآسيوية على نحو مهم، إلى جانب الاقتصادات النامية المصدرة للسلع الأساسية.

‪وفق المراقبين فإن أي تراجع لأداء الاقتصاد الصيني سيؤثر على بقية الدول الآسيوية‬ (رويترز)
‪وفق المراقبين فإن أي تراجع لأداء الاقتصاد الصيني سيؤثر على بقية الدول الآسيوية‬ (رويترز)

ولفت الكاتب إلى أن أوروبا لن تنجو أيضا، ولا سيما ألمانيا، من هذه التحديات.

وأضاف أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة أقل اعتمادا على الصين من الناحية الاقتصادية، فإن الصدمة التي ستتعرض لها الأسواق المالية من شأنها أن تجعل تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني أكثر إيلاما بكثير مما يدركه القادة الأميركيون.

تشديد السياسة النقدية
من المحتمل أن تتبلور المخاطر الخارجية الأقل احتمالا والأشد قسوة، إذا تغيرت أسعار الفائدة الحقيقية طويلة الأجل على الصعيد العالمي بعد تراجعها لسنوات عديدة ثم ارتفاعها بشكل ملحوظ، يقول التقرير.

التقرير تحدث عن تشديد السياسة النقدية من جانب الاحتياطي الفدرالي الأميركي سنة 2019، وقال "في الحقيقة، سيتسبب ذلك في عديد المشاكل، لكنه سيؤثر بشكل رئيسي على أسعار الفائدة الحقيقية قصيرة الأجل".

وأضاف "رغم أن احتمال استمرار سعر الفائدة الحقيقي طويل الأجل في الارتفاع يعد ضعيفا جدا، فإنه ليس بالأمر المستحيل".

واستدرك الكاتب "ربما يكون السبب الأكثر ترجيحا لارتفاع أسعار الفائدة العالمية في انفجار الشعوبية بمعظم أنحاء العالم".

ولفت إلى أن هؤلاء قد يزرعون الشك في الأسواق العالمية بشأن حقيقة ديون الدول المتقدمة الآمنة، وقد يؤدي ذلك إلى رفع معدلات المخاطر وأسعار الفائدة.

وتابع أن معظم خبراء الاقتصاد يتفقون على أن أسعار الفائدة المنخفضة تسمح للاقتصادات المتقدمة بالمحافظة على قدر من الديون أكبر بكثير مما يمكن أن تتحمله، لكن ارتفاع مستويات الديون يجعل من الصعب على الحكومات الاستجابة بقوة للصدمات.

ويرى الكاتب أن هناك العديد من المخاطر الأخرى التي يمكن أن تؤثر على النمو الاقتصادي العالمي، بما في ذلك الفوضى السياسية في الولايات المتحدة، وانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية المتزايدة.

 وفق خبراء، تشديد السياسة النقدية من جانب الفدرالي الأميركي سيتسبب في مشاكل عديدة (رويترز)
 وفق خبراء، تشديد السياسة النقدية من جانب الفدرالي الأميركي سيتسبب في مشاكل عديدة (رويترز)

انهيار الأعمال التجارية
بالمقابل رأى تقرير لمجلة فوربس الأميركية أن الحرب التجارية بين أميركا والصين لن تكون المشكلة الكبرى التي سيواجهها الاقتصاد العالمي سنة 2019، بل ستتجلى أبرز مشاكل هذه السنة في انهيار الأعمال التجارية الكبرى، فضلا عن بعض المصارف.

وقال الكاتب بانوس مردوكوتاس إن الحرب التجارية التي اندلعت بين الولايات المتحدة والصين تعتبر من بين أبرز المشاكل الاقتصادية التي ظهرت خلال سنة 2018، وقد أثار ذلك مخاوف بشأن تفكك العولمة وتراجع الاقتصاد العالمي وتحوله إلى مجموعة من الأسواق الوطنية الخاضعة إلى حماية كبرى.

لكن -بحسب الكاتب- ستدفع الأسواق المالية والشركات العالمية كلا من واشنطن وبكين إلى طاولة المفاوضات خلال سنة 2019.

وربط الكاتب انهيار الأعمال التجارية بارتفاع أسعار الفائدة ووضع حد للاقتراض السهل من قبل محافظي البنوك المركزية خلال السنوات الأخيرة، بعدما تسبب في تسوماني من العرض والطلب عالميا.

وأشار التقرير إلى أن "المال السهل" عزز النمو الاقتصادي وغذى عمليات الإنفاق وأحجام الاستثمار وإطلاق أعمال جديدة، مما رفع بدوره من مستويات الدخل والتوظيف. لكن مع عودة البنوك لرفع أسعار الفائدة يتوقع أن يتراجع الاقتراض ومعه الطلب، الأمر الذي سيدفع الأعمال التجارية إلى الهاوية.

المصدر : بروجيكت سينديكيت + فويس