لشراء شقة بلبنان.. أقساط السنين تنتهي بالمجهول

بناء قيد الإنشاء
مشاريع سكنية عدة تعثرت وتواجه دعاوى قضائية (الجزيرة)

ديمة شريف-بيروت

سبعون ألف دولار هو المبلغ الذي دفعه الشاب إيلي سعادة منذ أن اشترى شقته في أحد المشاريع السكنية في منطقة أنطلياس شمالي بيروت عام 2013 بالتقسيط، على أن يستلمها عام 2016.
 
ها هي السنة السادسة تنتصف والشقة غير مشيدة بعد، وأحد مسؤولي الشركة فر من البلاد بعد أن تعثر ماليا وترك الآلاف ممن اشتروا شققا من الشركة في مناطق مختلفة من لبنان في وضع قانوني ومالي ضبابي.
 
يقول إيلي بحسرة للجزيرة نت "لا أعرف إلى اليوم مصير الشقة، الشقة مصيرها مجهول وكانوا يقولون لنا الكثير من الأمور حين كنا نسأل ثم عرفنا أنهم متعثرون ماليا وأن أحد مسؤولي الشركة قد هرب خارج البلاد".
 
إيلي سعادة فوجئ بتعثر الشركة التي اشترى منها بعد سنوات من التعاقد
إيلي سعادة فوجئ بتعثر الشركة التي اشترى منها بعد سنوات من التعاقد

إيلي هو واحد من حوالي تسعين شخصا اشتروا شققا في المشروع عينه من شركة "سايفكو" للتطوير العقاري، ليتفاجؤوا هذا العام بأن الشركة لديها مشاكل مالية مع المصرف الذي يمول أعمالها، وقد أدى ذلك إلى هرب أحد كبار المسؤولين فيها خارج البلاد فيما تحاول الشركة تدارك الوضع.

وأقيم اعتصام أمام المركز الرئيسي للشركة نهاية الشهر الماضي من قبل العشرات ممن اشتروا شققا مثل إيلي ولا يزالون ينتظرون معرفة مصيرهم. حينها وعدهم محامي الشركة أن هذه الأخيرة ستحل مشكلتها مع المصرف وتستكمل تمويل المشروع لتنهي بناء الشقق.

وقد قام المصرف باستلام المشروع من الشركة ليكمله ويسلم الشقق لأصحابها في تسوية حفظت حق من اشترى في المشروع رغم إضاعة الوقت على جميع من كان يفترض أن يستلم شقته عام 2016.

ورغم أن الشركة حتى الساعة تعاني من تعثر في مشروع واحد فإن الكثيرين ممن اشتروا شققا منها في مشاريع أخرى بدؤوا يتخوفون من مصير مماثل لأصحاب شقق مشروع أنطلياس.

مشاريع متعثرة
هذه الشركة ليست الوحيدة التي تجد مشاكل في إكمال مشاريعها السكنية، فهناك شركات أخرى، إحداها لديها أزمة في خمسة أو ستة مشاريع سكنية وتواجه دعاوى قضائية متعددة، ليتضح أن أزمة الركود الاقتصادي في لبنان باتت تهدد مباشرة قطاعا يشكل نحو ثلث الاقتصاد بحجم نحو عشرين مليار دولار.

القطاع العقاري يشكل نحو ثلث الاقتصاد اللبناني
القطاع العقاري يشكل نحو ثلث الاقتصاد اللبناني

وتقول الصحفية الاقتصادية فيوليت بلعة للجزيرة نت إن أول انعكاس للركود الذي شهده لبنان مع بدايات الأزمة في سوريا عام 2011 كان على القطاع العقاري الذي كان "أهم جاذب للاستثمارات والسيولة"، لكن "كلها تجمدت نتيجة الأزمة، ومع التباطؤ المستمر خلقت هذه الكتلة المالية مشكلة كبيرة".

وإلى جانب الركود الاقتصادي الذي شل حركة بيع العقارات، ساهمت عوامل أخرى في تعاظم المشكلة الحالية ومنها قيام مصرف لبنان المركزي بداية العام الحالي بوقف دعم القروض السكنية ذات الفوائد المنخفضة.

وقد علل المصرف المركزي الأمر بأن المصارف استنفدت الرزم المالية المخصصة لهذه القروض، وهي تستهدف الشرائح المتوسطة وذات الدخل المحدود لتمكينها من اقتناء السكن.

ويتخوف خبراء من تأثير جمود قطاع العقارات على مجمل الاقتصاد المرتبط إلى حد بعيد بالنشاط على الساحة العقارية، ومنها حوالي ستين مهنة مرتبطة مباشرة بمجال البناء، مما قد يفاقم من الأزمة الاقتصادية العامة.

المصدر : الجزيرة