أوراق الصين في حربها التجارية مع أميركا

BEIJING, CHINA - NOVEMBER 9: Chinese President Xi Jinping and U.S. President Donald Trump attend a welcoming ceremony November 9, 2017 in Beijing, China. Trump is on a 10-day trip to Asia. (Photo by Thomas Peter-Pool/Getty Images)
ترامب (يمين) هدد بفرض رسوم على منتجات صينية إضافية (غيتي)
دخلت الصين والولايات المتحدة في مرحلة أكثر عمقا في نزاع تجاري عكّر صفو الأجواء في الأسواق المالية بعدما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم على منتجات صينية إضافية قيمتها 200 مليار دولار، مما دفع بكين إلى اتهام واشنطن بإشعال حرب تجارية.

وقال ترامب الاثنين إن تهديده كان ردا على قرار الصين فرض رسوم على منتجات أميركية قيمتها 50 مليار دولار، وهي خطوة اتخذتها بكين ردا على رسوم أميركية إضافية على منتجات صينية أعلن عنها يوم الجمعة.

ويجعل هذا الحجم الهائل لأحدث تهديد من جانب ترامب من المستحيل على الصين أن ترد بشكل مماثل، نظرا لأن قيمة المنتجات ذات الصلة بقرار ترامب تتجاوز بنحو 70 مليار دولار إجمالي واردات الصين من الولايات المتحدة العام الماضي، بحسب بيانات أميركية.

لكن ربما ترد الصين بطرق أخرى، وفيما يلي بعض الأوراق المحتملة للرد الصيني على الولايات المتحدة الأميركي:

رسوم إضافية
بعدما هددت يوم الجمعة بفرض رسوم إضافية بواقع 25% على منتجات أميركية قيمتها 50 مليار دولار، تستطيع الصين فرض رسوم على منتجات أميركية أخرى مثل الطائرات، لكن هناك حدودا لما يمكن أن تذهب إليه في هذا الصدد.

فقد استوردت الصين منتجات أميركية قيمتها 129.89 مليار دولار العام الماضي، بينما بلغت مشتريات الولايات المتحدة من الصين 505.47 مليارات دولار، بحسب بيانات أميركية، وتختلف تلك الأرقام عن بيانات الجمارك الصينية التي أظهرت أن الصين استوردت منتجات أميركية بقيمة 153.9 مليار دولار، بينما بلغت مشتريات أميركا من المنتجات الصينية 429.8 مليارا.

وحتى إذا مضى ترامب قدما في فرض رسوم على منتجات صينية بقيمة ثلاثمئة أو أربعمئة مليار دولار، فإن بكين تستطيع فقط فرض رسوم على منتجات أميركية تزيد قيمتها قليلا عن مئة مليار دولار.

قيود على الأعمال
تستطيع الصين فرض قيود مكلفة على الواردات من الولايات المتحدة. ففي مايو/أيار الماضي قال مستوردون ومصادر صناعية لرويترز إن الصين كثفت الفحوص التي تجريها على المنتجات المستوردة من الولايات المتحدة، مقارنة مع فحوص أكثر عشوائية في الماضي.

كما تستطيع الصين تطبيق قواعد تنظيمية جديدة على المنتجات والشركات الأميركية لتقليص وجودها في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أو ربما منعه نهائيا.

وتم منع شركات أميركية لسنوات من طرح منتجاتها في الصين، مثل فيسبوك وغوغل.

وربما تصبح عملية الحصول على تراخيص للعمل في قطاعات معينة أيضا أكثر صعوبة.

ويقول جاكوب باركر نائب الرئيس لعمليات الصين بمجلس الأعمال الأميركي الصيني إن الصين ستبدأ بلا شك البحث عن وسائل أخرى لتفعيل إجراءات ضد الشركات الأميركية العاملة في السوق.

ويضيف باركر أن من تلك الوسائل تحويل العقود إلى الأوروبيين أو اليابانيين أو شركات صينية محلية.

ويتابع باركر "ربما يكون لذلك تأثير هائل نظرا لأن الكثير من شركاتنا العاملة في الصين تحوز حصة سوقية كبيرة بنتها على مدى عقود. إذا تآكل ذلك على الفور، فسيكون من المستحيل تقريبا العودة".

الصفقات
ربما تصبح موافقة الصين على صفقات أميركية أكثر صعوبة. فعلى سبيل المثال، لم توافق الصين بعد على استحواذ مقترح بقيمة 44 مليار دولار من كوالكوم الأميركية للرقائق على "أن.أكس.بي" لأشباه الموصلات، في صفقة نالت بالفعل موافقة ثماني من تسع جهات تنظيمية عالمية ذات صلة.

تستطيع الصين السماح لعملتها اليوان بالتراجع مقابل الدولار، وهو ما يجعل المنتجات الأميركية أكثر تكلفة والصادرات الصينية أرخص.

تحركات العملة
تستطيع الصين السماح لعملتها اليوان بالتراجع مقابل الدولار، وهو ما يجعل المنتجات الأميركية أكثر تكلفة، والصادرات الصينية أرخص.

وفي الواقع، يشهد اليوان هبوطا أمام الدولار منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي بعد مكاسب قوية منذ يناير/كانون الثاني 2017.

لكن بعض خبراء الاقتصاد يقولون إن صناع السياسة في الصين سيتوخون الحذر حتى لا يشهد اليوان هبوطا حادا مقابل الدولار، بعدما أدى خفض قيمة العملة الصينية في 2015 إلى موجة نزوح أموال استمرت أشهرا وكافحت السلطات الصينية لوقفها.

سندات الخزانة
تستطيع الصين أيضا تقليص حيازاتها الضخمة من سندات الخزانة الأميركية. ففي مارس/آذار المنصرم بلغت حيازة الصين من السندات الحكومية الأميركية 1.188 تريليون دولار، مسجلة أعلى مستوياتها منذ أكتوبر/تشرين الأول 2017.

لكن صحيفة ليزيكو الفرنسية قالت إن الصين كانت بائعا صافيا للسندات الأميركية في مارس/آذار وأبريل/نيسان الماضيين، وهو موضوع مقلق بالنسبة لتمويل الولايات المتحدة.

وتضيف الصحيفة أنه وإن كانت المبالغ تبدو ضئيلة وبحدود 5.7 مليارات دولار في أبريل/نيسان مقابل 4.4 مليارات دولار في مارس/آذار الماضي، فإنها تمثل إشارة غير جيدة.

‪الصين قد تلجأ لخفض قيمة عملتها اليوان للتأثير على تنافسية السلع الأميركية‬ الصين قد تلجأ لخفض قيمة عملتها اليوان للتأثير على تنافسية السلع الأميركية (رويترز)
‪الصين قد تلجأ لخفض قيمة عملتها اليوان للتأثير على تنافسية السلع الأميركية‬ الصين قد تلجأ لخفض قيمة عملتها اليوان للتأثير على تنافسية السلع الأميركية (رويترز)

وتشير الصحيفة إلى أن الأجانب باعوا 5 مليارات دولار كقيمة صافية من السندات في أبريل/نيسان المنصرم، في حين تقترب احتياجات أميركا التمويلية من تريليون دولار.

وتقول إنه في هذه الظروف فإن الغضب الأميركي من الصين -الدائن الرئيسي لواشنطن- يبدو لعبة خطرة.

وتساءلت الصحيفة "هل سيتم استخدام الديون كسلاح في الحرب التجارية بين واشنطن وبكين؟"، وتشير إلى أن الصين مثل اليابان دخلت في خطوة لتقليص حيازتها من السندات الأميركية.

لكن مع حيازة الصين هذا الحجم الضخم من السندات الأميركية في محافظها، يقول بعض خبراء الاقتصاد إن بكين لا تريد أن تتسبب في خفض قيمة استثماراتها.

ربما تواجه المنتجات الأميركية مقاطعة من المستهلكين الصينيين، الذين قاطعوا منتجات كوريا الجنوبية حينما توترت العلاقات بين بكين وسول العام الماضي بعدما نشرت كوريا الجنوبية نظام "ثاد"

المقاطعة
ربما تواجه المنتجات الأميركية مقاطعة من المستهلكين الصينيين، الذين قاطعوا منتجات كوريا الجنوبية حينما توترت العلاقات بين بكين وسول العام الماضي بعدما نشرت كوريا الجنوبية نظام "ثاد" الأميركي المضاد للصواريخ رغم اعتراض الصين.

وربما تتضرر أيضا السياحة الصينية المتجهة إلى الولايات المتحدة، مع قيام وكلاء السفر بتقليص عروضهم، في وقت يزور فيه نحو ثلاثة ملايين صيني الولايات المتحدة سنويا وينفقون عشرات المليارات من الدولارات هناك.

كما شكلت خدمات السفر نحو ثلثي صادرات الخدمات الأميركية إلى الصين في 2015، بحسب لجنة التجارة الدولية الأميركية.

حظر المنتجات
ربما يتمثل رد صيني عنيف في فرض حظر على مجموعة كبيرة من المنتجات الأميركية، لكن ذلك لن يكون متناغما مع تصريحات الصين وأفعالها، إذا أقدمت بكين على مثل تلك الخطوة.

وستشكل تلك الخطوة تدهورا شاملا في العلاقات الثنائية، وستسبب فوضى في النظام التجاري العالمي.

وفرضت الولايات المتحدة حظرا تجاريا على الصين من عام 1950 إلى عام 1972.

ويعتقد كثير من خبراء الاقتصاد أن الصين ستصب جام غضبها على الأرجح على الشركات الأميركية بدلا من أن تخاطر بخلق فوضى في الأسواق ربما يمتد ضررها ليصيبها هي نفسها.

المصدر : الصحافة الفرنسية + رويترز