عامان على "التعويم".. هذا ما جناه المصريون

صورة البنك المركزي : المركزي قرر إلغاء كافة القيود على التعامل بالنقد الأجنبي.
البنك المركزي المصري قرر تعويم الجنيه في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 (الجزيرة)

محمد السهيلي-القاهرة

سنتان مرتا على صدور قرار البنك المركزى المصري بشأن تحرير سعر الصرف (تعويم الجنيه)، لكن نتائج هذا القرار -حسب مراقبين- جاءت مخالفة للوعود التي أطلقها المسؤولون، حيث زادت الواردات وتراجع المردود السياحي، وانخفضت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بجانب تآكل رواتب المواطنين.
 
وقال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي "كي تعرف مدى تأثير قرار تعويم الجنيه على الاقتصاد المصري يجب أن نعود لما وعدت به الحكومة حينها ومعرفة كم من تلك الوعود تحقق وبأي نسبة".
 
رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" الأسبق أشار في تصريح للجزيرة نت إلى أن وعود المسؤولين آنذاك "تمثلت في أن تخفيض قيمة الجنيه ستنعكس على الواردات وتؤدي لزيادة حركة التصدير والسياحة والاستثمار الأجنبي، وأن (هذا التخفيض) الحل الوحيد لإنقاذ هذه الملفات الاقتصادية الأربعة"، لكن "أيا من تلك الملفات لم يشهد تحسنا".
 
وقال إن "الأرقام الرسمية أكدت أن الواردات زادت ولم تنخفض، رغم أن الحكومة أتبعت قرار التعويم بقرارات أخرى مكملة للبنك المركزي، ووزارتي المالية، والتجارة الخارجية، مثل وضع أسعار استكشافية وزيادة الرسوم الجمركية أكثر من مرة، وإنشاء هيئة للرقابة على الصادرات وتحديد سعر الدولار الجمركي"، وأضاف "رغم ذلك لم يتحقق الوعد".

وأشار الولي إلى حديث وزيرة التخطيط هالة السعيد عن أن 60% من مكونات إنتاج الصادرات مستوردة وبسعر الدولار الجديد، وأوضح أن "هذا يعني زيادة فاتورة الاستيراد وتقليل مكسب الصادرات وضعف المنافسة بالأسواق العالمية".

وقال "حتى الزيادة الضعيفة بالصادرات جاءت (نتيجة) تصدير سلع بترولية زاد سعرها عالميا"، وأضاف "بالمقارنة بين واردات وصادرات المواد البترولية فإن الميزان البترولي سلبي".

وأكد الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن قيمة واردات مصر عن الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي بلغت نحو 44.7 مليار دولار، بزيادة تناهز 6.8 مليارات دولار عن هذه الفترة من العام الماضي.

وأوضح الولي أن الصادرات ارتفعت إلى 17.8 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام بزيادة 2.3 مليار دولار مقارنة بالفترة نفسها قبل عام، ليرتفع بذلك العجز التجاري إلى نحو أربعة مليارات دولار، وتوقع أن يصل هذا العجز إلى خمسة مليارات دولار بنهاية هذا العام.

‪(الجزيرة)‬ متخصصون أكدوا أن تعويم الجنيه رفع الأسعار وعمّق معاناة المصريين مع الديون
‪(الجزيرة)‬ متخصصون أكدوا أن تعويم الجنيه رفع الأسعار وعمّق معاناة المصريين مع الديون

تراجع المردود السياحي
وبشأن الوعود الخاصة بزيادة الاستثمار والسياحة أكد الولي أن الاستثمار الأجنبي المباشر  المتدفق لمصر في 2017 بلغ نحو 7.4 مليارات دولار بانخفاض 8% عن العام 2016.

كما أشار الولي إلى تراجع المردود السياحي -على خلاف الوعود- ذلك أن المنشآت الفندقية والخدمية تستورد مستلزماتها بالدولار، بجانب زيادة تذاكر السفر وأعباء شركات الطيران.

وتحدث الولي عن معاناة المصريين "بين القهر السياسي والأمني من جهة وذل الأسعار وتآكل الرواتب بسبب التضخم الناتج عن تعويم الجنيه"، واعتبر أن أرقام التضخم التي يعلنها البنك المركزي خادعة ولا تشمل أسعار الخُضَر والفاكهة التي وصلت إلى مستويات قياسية.

من جانبه تساءل الخبير الاقتصادي رضا عيسى عما إذا كانت "الصادرات قد حققت المطلوب منها خلال العامين؟"، داعيا إلى محاسبة كل من أطلق وعدا ولم يتحقق.

وقال في حديث للجزيرة نت "ما يدّعونه بشأن زيادة الاحتياطي النقدي مجرد قروض.. وتحويلات المصريين بالخارج لا نعلم أين توجه، كما أن السياحة تشهد مزيدا من التراجع".

وأضاف أن "قرار التعويم لم يقدم للمصريين سوى السقوط أكثر في وحل الديون، وكل ما حذرنا منه حدث".

شجاعة وحماية
من جهته اعتبر رجل الأعمال حسين صبور قرار التعويم "قرارا شجاعا"، وقال لصحيفة الوطن المصرية إنه كان ضروريا، حتى وإن تأثر كثير من المواطنين وعانوا متاعب كثيرة.

وأضاف صبور "المواطن سيعانى قليلا، لكن بدأ القرار ينعكس على الاقتصاد بالإيجاب".

كما قال عضو مجلس النواب محمد وهب الله للصحيفة نفسها إن الدولة تدخلت لحماية محدودي الدخل من قرار التعويم، بزيادة المعاشات ورفع مرتبات الموظفين بالدولة وبرامج التضامن الاجتماعي.

وأثارت ذكرى التعويم جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال المحاسب سلامة الوكيل "اليوم الذكرى الحزينة لتعويم الجنيه..قالوا إنه سيأتي بالاستثمار لكن لم نر شيئا".

المصدر : الجزيرة