هل تنجح تونس بالعودة إلى مصاف الدول الأكثر استقطابا للاستثمار الأجنبي؟

رئيس الحكومة التونسية يفتتح منتدى الأعمال المستقبلية (المصدر رئاسة الحكومة لامانع من استخدامها) (1)
رئيس الحكومة التونسية يفتتح منتدى الأعمال المستقبلية (الجزيرة)

 

منيرة الحجلاوي-تونس

السعي إلى التسويق لمناخ الاستثمار في تونس مثّل أبرز أهداف الدورة الـ22 لمنتدى الأعمال المستقبلية الذي احتضنته تونس العاصمة من 14 إلى 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

فرصة مهمة يراها المنظمون لتحسين صورة البلاد التي سقطت من قائمة الدول الـ15 الأولى الأكثر استقطابا لمشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر عام 2017، حيث تراجع عدد المشاريع التي استقطبتها تونس بنسبة 50% مقارنة بسنة 2016، حسب دراسة برنامج جاذبية أفريقيا نسخة 2018.

إجراءات حكومية
"تونس تعد منصة للاستثمار والشراكة الدولية، وهي توفر العديد من الامتيازات لشركائها اعتبارا للتحسن الملحوظ لمناخ الاستثمار، خاصة على مستوى الحوافز التي يوفرها قانون الاستثمار الجديد"، بهذه الكلمات افتتح رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد أشغال المنتدى يوم الخميس 15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

الشاهد وعد بمواصلة التحكم في العجز المالي العمومي عبر موازنة 2019 من خلال حصر نسبة العجز فيها إلى 3.9% والتحكم في ارتفاع العجز التجاري لتحسين سعر صرف الدينار، وبالمزيد من تحسين مؤشرات النمو وبرمجة عديد المشاريع الكبرى التي ستنطلق العام المقبل.

وفيما يتعلق بأولويات الحكومة خلال السنة المقبلة كشف الشاهد أنها تشمل تشجيع الاستثمار ودعم المؤسسات التونسية لتحفيزها على الإنتاج والتصدير، ومن ذلك تخصيص ثمانين مليون دينار (27.5 مليون دولار) لفائدة صندوق التصدير لأول مرة في قانون المالية لسنة 2019.

قطاع التشغيل أخذ حيزا مهما من تصريح يوسف الشاهد بالنظر إلى نسبة البطالة المرتفعة التي بلغت 15.5% خلال سنة 2018 ليعلن عن تخصيص خمسين مليون دينار (17.2 مليون دولار) لفائدة صندوق دعم الشباب العاطلين عن العمل لتوفير مصادر التمويل الذاتي، وعن الترفيع في اعتمادات صندوق التشغيل إلى 150 مليون دينار (51.6 مليون دولار).

يأتي ذلك في وقت أعلن البنك المركزي التونسي في تقريره ارتفاع عجز الميزان التجاري بنسبة 16% بين عامي 2017 و2018 ليبلغ 8.7 مليارات دينار (2.99 مليار دولار)، وهو ما يمثل 8.2% من الناتج المحلي الإجمالي.

 

ووفق تقرير البنك المركزي، فإن ميزان المدفوعات العام انخفض كذلك بنسبة 375%، مما يبين انخفاض معدل تعبئة الموارد الخارجية، خاصة في شكل الاستثمار الأجنبي المباشر.

قرارات غير كافية
هذه الإجراءات -التي أعلنها رئيس الحكومة التونسية لتشجيع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في تونس- يراها الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان غير كافية في ظل وضع سياسي يصفه بغير المستقر وغير واضح المعالم.

"اقتصاد مواز بلغ حجما كبيرا جدا بنحو 52% وعدم استقرار الوضع الاجتماعي والهبوط الحاد في سعر العملة الوطنية (الدينار) الذي يساهم في الرفع الحاد في كلفة الاستثمار" عوامل يؤكد سعيدان للجزيرة نت أنها تعيق الاستثمار الأجنبي في تونس.

أما على المستوى السياسي فيعتبر المحلل السياسي سليم الحكيمي أن التعديلات الوزارية القياسية في تونس بتعيين قرابة 540 وزيرا في عشر حكومات خلال سبع سنوات فقط "لا تشجع المستثمر الأجنبي الذي لا يمكنه التعويل على حكومات متقلبة".

الحكيمي يضيف للجزيرة نت أن المناخ السياسي في تونس يفتقر إلى تواصل المؤسسات وديمومة الدولة وللإيفاء بالاتفاقات والوعود والشراكات التي أصبحت متعلقة بأشخاص وحكومات، وهو ما يربك -في نظره- المستثمر الأجنبي.

الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان يرى أن الإجراءات التي أعلنها رئيس الحكومة التونسية لتشجيع المستثمرين الأجانب غير كافية في ظل وضع سياسي يصفه بغير المستقر وغير واضح المعالم

إرادة صادقة
وبالنسبة إلى الحلول الممكنة لتوفير مناخ مناسب للاستثمار في تونس، يشدد سعيدان على أنه لا يمكن الحديث عن استثمار أجنبي في ظل غياب الاستثمار العمومي والداخلي الخاص كمرحلة أولى لإقناع المستثمر الأجنبي في مرحلة ثانية.

أما الحكيمي فيدعو الدولة التونسية إلى أن تكون حاسمة في قراراتها، وعلى رأسها الحرب على الفساد التي يرى "أنها شملت فقط الفساد الهامشي لذر الرماد على العيون".

وبحسب الحكيمي، فإن الإرادة الصادقة موجودة في هذه الحرب إلا أنها تتضارب مع مصالح لوبيات أكبر من الدولة تتحكم في الاقتصاد الموازي الذي ينخر البلاد، وطالب الدولة باستكمال هذه الحرب إلى نهايتها.

يشار إلى أن منتدى الأعمال المستقبلية الذي احتضنته تونس ينتظم لأول مرة في بلد عربي وأفريقي بمشاركة 650 مؤسسة تونسية وأجنبية من أكثر من ثلاثين دولة، ويشهد أكثر من ستة آلاف لقاء بين المشاركين في قطاعات عدة، من بينها الصناعة والطاقة والتعليم والبحث.

ويهدف هذا المنتدى -حسب القائمين عليه- إلى توفير فرص مهمة لربط علاقات شراكة بين أصحاب المؤسسات من مختلف البلدان الأفريقية والأوروبية ومناقشة فرص التعاون في مختلف القطاعات الاقتصادية.

المصدر : الجزيرة