مطعم بدبي يكشف كيف نجح ترامب بعزل إيران

Yachts are seen at a dock at the Dubai Marina, surrounded by high towers of hotels, banks and office buildings, in Dubai, United Arab Emirates December 11, 2017. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh
الإمارات لعبت دورا في فرض العقوبات الأميركية على إيران (رويترز)

إذا رغب أي شخص في قياس مدى نجاح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عزل إيران، فسيكون من الجيد أن يطلع على قائمة الطعام في مطعم "مريم شريفي" الواقع في مدينة دبي بالإمارات.

وتشير الكاتبة لادن ناصري في تقريرها الذي نشره موقع "بلومبرغ" الأميركي إلى أن صاحبة المحل قد بدأت، منذ يوليو/ تموز الماضي، في تقديم أطباق الباستا والبرياني، إلى جانب الأكلات المفضلة لدى الإيرانيين على غرار الكباب والأرز بالزعفران، وذلك بهدف استقطاب زبائن على نطاق أوسع.

ويُبرز هذا التغيير الذي طرأ على المطعم الإيراني الدور الذي تلعبه الإمارات في فرض العقوبات الأميركية على إيران، الشريك التجاري التاريخي الواقع على بعد مسافة قصيرة من مضيق هرمز، وهو المنفذ الضيق لرابطة البلدان المصدرة للنفط في العالم.

يحاول مشترو النفط النأي بأنفسهم عن شراء النفط الإيراني، وتقوم الشركات الأوروبية بتجميد استثماراتها، رغم تسابق السياسيين الأوروبيين لإنقاذ الاتفاق النووي الذي تخلت عنه الولايات المتحدة في مايو/أيار الماضي.

ومع ذلك، يتسبب تقييد المسالك التجارية القديمة في حرمان إيران من التجارة التي يصعب تتبعها، والتي ساعدتها على الالتفاف حول العقوبات السابقة التي فرضت عليها.


تصاريح مرفوضة
حققت التجارة بين إيران والإمارات قفزة نوعية، حيث وصلت قيمتها إلى نحو 22 مليار دولار خلال سنة 2017 بعد أن بلغت 18 مليار دولار فقط خلال السنة التي سبقت إبرام الاتفاق النووي عام 2015.

وكانت تعتبر كل من شركة "سيمنز" وشركة الخدمات المالية "إرنست ويونغ"، من بين الشركات التي تستخدم الإمارات العربية المتحدة كقاعدة للإشراف على العمليات في السوق الإيرانية الناشئة.

ومنذ وصول ترامب إلى سدة الحكم، كان شركاء واشنطن في الخليج العربي من المشجعين لحملته التي يقودها ضد إيران، حيث إنهم يعتبرونها منافسا يتمتع بنفوذ في الشرق الأوسط.

من جهتها، بدأت السلطات الإماراتية فرض قيود على التجارة مع إيران قبل أن تفرض الولايات المتحدة أولى عقوباتها خلال شهر أغسطس/آب. ورغم أن البيانات المرتبطة بالمعاملات التجارية لم تسجل تأثرا كبيرا، فإن مطعم شريفي يمثل عينة على الركود التجاري الذي من المتوقع أن يطغى على العلاقات بين الجانبين.

يقول حسين أسرار حجيجي، وهو مؤسس مجلس الأعمال الإيراني في دبي، إن طلبات الإقامة المقدمة من قبل الإيرانيين ترفض بشكل متزايد من قبل الإمارات. وخلال شهر يونيو/حزيران، أغلق مصرف الإمارات المركزي ﺳﺒﻊ ﺷﺮﻛﺎت ﻟﺼﺮف العملات اﻷﺟﻨﺒية بسبب اﻧﺘﻬﺎﻛﺎت تتعلق بغسيل اﻷﻣﻮال. وقالت الصحف الإيرانية إن هذه الشركات كانت لها علاقات بأعمال تجارية إيرانية.


روابط تاريخية
رجل أعمال إيراني، طلب عدم الكشف عن هويته، تحدث عن زيادة عمليات التدقيق في موانئ الإمارات. وبعد مرور عشر سنوات من العمل دون مواجهته لمشاكل، احتُجزت مؤخرا معدات صناعية كان قد استوردها، لمدة عشرة أيام، حيث طلبت السلطات المزيد من الوثائق. وقد تمكن رجل الأعمال من وضع حد لهذه الأزمة عن طريق تدخل أحد معارفه.

ويعود تاريخ التجارة بين دبي وطهران إلى ما قبل انضمام دبي إلى الإمارات العربية المتحدة بفترة طويلة. وقد تعززت مكانة ميناء الإمارة في أوائل القرن العشرين بقدوم التجار الذين فروا من ارتفاع الضرائب التي يفرضها عليهم الحكام الفارسيون.

قنوات تمويل
لا يفسر قرب المسافات فحسب أهمية دبي التجارية بالنسبة لإيران، فقد ساعدت بنوكها وتجار العملة غير الرسميين، في التمويل الذي يعد غير متاح بسهولة في بلدان أخرى، لكن هذا الأمر آخذ بالتحول أيضا.

خلال شهر يوليو/تموز، أشارت سيغال ماندلكر، وكيلة وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، إلى تعاون الإمارات في تعطيل عمل شبكة لصرف العملات التي تسرب أموالا غير مشروعة إلى إيران.

من جهة أخرى، ساهم التحالف العميق مع السعودية والسياسة التصادمية التي ينتهجها ترامب تجاه إيران في تعزيز موقف الإمارات إزاء طهران. وقد انتهج أولياء العهد الشباب، محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، سياسة خارجية أكثر عدوانية في الوقت الذي يتصارعان فيه مع إيران على السيطرة الإقليمية.

ضغط على عُمان
ويقول بارهام جوهاري، أحد مؤسسي شركة "فرونتير بارتنرز"، التي تقدم المشورة للشركات متعددة الجنسيات بشأن دخول السوق التجارية الإيرانية، إن 80% من العملاء الذين يعملون في الإمارات أوقفوا أعمالهم بسبب القيود المفروضة وهبوط قيمة الريال الإيراني. مشيرا إلى أن بعض العملاء قد تحولوا إلى سلطنة عمان القريبة التي تربطها علاقة أكثر حيادا مع إيران.

في هذا الصدد، حصلت إيمان ناراغي، مؤسسة شركة "داستان غروب" للسلع الاستهلاكية التي تتخذ من طهران مقرا لها، خلال السنة الماضية على موافقة السلطات العمانية لإنشاء صندوق لمشاريع التجزئة في إيران.

وقالت ناراغي إنه "كان بالإمكان أن يقام جسر مالي يربط إيران بالعالم. وقد عملنا كثيرا على هذا المشروع، لكنه توقف في مايو/أيار".

في هذا السياق، ذكر غوهاري أن عمان تقيّم كل مشروع على حدة، لكن "قدرا إضافيا من الضغط من قبل الولايات المتحدة" قد يتسبب في إغلاق هذا الطريق أيضا.

المصدر : بلومبيرغ