تراجع المشاريع الحكومية يعمق أزمة الشركات السعودية

A view shows the construction of the King Abdullah Financial District in Riyadh, Saudi Arabia May 12, 2016. REUTERS/Faisal Al Nasser
قطاع الإنشاءات بالمملكة هو الأكثر تضرر من أزمة انخفاض أسعار النفط (رويترز)

زهير حمداني

يأتي إعلان إفلاس شركة سعودي أوجيه بنهاية يونيو/حزيران الجاري عنوانا كبيرا لتعثر شركات سعودية كبرى، ولا سيما في قطاع المقاولات والإنشاءات، ومؤشرا على الصعوبات التي يشهدها الاقتصاد السعودي مع تراجع أسعار النفط وانخفاض الإنفاق الحكومي.

وألقت أزمة أسعار النفط المستمرة بظلالها على واقع ومستقبل شركات سعودية كبيرة، بينها "سعودي أوجيه" المملوكة لعائلة الحريري"، و"مجموعة بن لادن"، و"المعجل"، وخلفها عشرات شركات المناولة الصغيرة (الباطن) جراء التراجع الكبير في الإنفاق بالمملكة، وذلك بعد سنوات من الصعود جراء الطفرة النفطية، وهو ما أثر على أوضاع عشرات آلاف الأجانب والسعوديين.

وتعاني السعودية -وهي أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم- من تراجع حاد في إيراداتها المالية بفعل تراجع أسعار الخام منذ منتصف عام 2014، وأعلنت مطلع عام 2017 عن موازنة تتضمن عجزا تقديريا يبلغ 53 مليار دولار، وتستند الموازنة إلى سعر متوقع لبرميل النفط يبلغ 55 دولارا.

المملكة السعودية أعلنت أواخر 2016 وقف تنفيذ مشاريع تقدر بنحو 270 مليار دولار (رويترز)
المملكة السعودية أعلنت أواخر 2016 وقف تنفيذ مشاريع تقدر بنحو 270 مليار دولار (رويترز)

تراجع الإنفاق
وضمن الاضطراب العام الذي يشهده الاقتصاد السعودي جراء الانخفاض الحاد في أسعار النفط تواجه الشركات السعودية -خاصة بقطاع المقاولات، وقطاعات أخرى بينها الصناعات البتروكيميائية والتأمين والاستثمار الصناعي والاتصالات- مشاكل جمة يرجع الكثير منها إلى انخفاض الإنفاق الحكومي على المشروعات والبنية التحتية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016 أوقفت المملكة التعاقد على تنفيذ عدة مشاريع تصل قيمتها إلى تريليون ريال (نحو 270 مليار دولار)، وذلك في إطار إجراءات التقشف التي تم اعتمادها لمواجهة التراجع في إيراداتها.

وصدرت تبعا لذلك قرارات بإعادة هيكلة بعض القطاعات الحكومية، ومراجعة نفقات عدد من المشروعات، كما تمت مراجعة مئات العقود وجدولة بعضها، وإيقاف التعاقد على تنفيذ عدد كبير من المشاريع التي لا يتناسب حجم الإنفاق عليها مع العائد الاقتصادي والتنموي.

كما أوقفت مساعدات كانت تقدمها الدولة لبعض هذه الشركات، بينها شركة "سعودي أوجيه" التي تعد جوهرة التاج في ممتلكات عائلة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.

وتعتمد الشركات السعودية العملاقة في قطاع المقاولات بشكل أساسي على الإنفاق الحكومي وعائدات المشاريع الكبرى التي تنجزها الدولة، مما فاقم أزمته وضاعف عدد مشاريعها المتعثرة لتصل إلى أكثر من 40% من المشاريع المعتمدة.

وفي مارس/آذار 2017 أشارت هيئة المقاولين السعودية إلى أن 60% تقريبا من المشاريع الحكومية متعثرة، وهو ما ضرب قطاع المقاولات الذي يمثل ما نسبته 20% من الناتج المحلي، ويعد الأكبر في أعداد القطاعات والأكثر تشغيلا للعمالة الوافدة بالمملكة.

 تعثر الشركات السعودية أدى إلى عدم دفع رواتب آلاف العمال لأشهر وزيادة معدلات تسريحهم (الأوروبية)
 تعثر الشركات السعودية أدى إلى عدم دفع رواتب آلاف العمال لأشهر وزيادة معدلات تسريحهم (الأوروبية)

آثار اجتماعية
وقدرت المستحقات غير المدفوعة لشركات الإنشاءات والمقاولات بنحو 22 مليار دولار، فيما يبلغ حجم الديون المترتبة عليها نحو 375 بليون ريال (مئة مليار دولار) وفق تقديرات صدرت منتصف عام 2016.

وتبعا لتعثر الشركات الكبرى في المملكة -ومن ورائها شركات المناولة الصغيرة- برزت على السطح مشكلة عدم دوفع رواتب العمال لعدة أشهر، وتسريح الآلاف منهم دفعة واحدة، وهي ظاهرة لم تبلغ هذا الحجم في المملكة من قبل.

وإضافة إلى شركة "سعودي أوجيه" التي ستسرح آخر موظفيها بنهاية يونيو/حزيران2017 بعد أن أوقفت دفع رواتب الآلاف من عمالها لأشهر أعلنت مجموعة بن لادن -التي تعد من بين الأكبر في مجالها عالميا- العام الماضي أنها استغنت عن 77 ألف عامل أجنبي.

وخلال الأشهر الماضية برزت معاناة عشرات الآلاف من العمال المسرحين من وظائفهم لدى شركات المقاولات السعودية، مما أدى إلى تحركات احتجاجية نادرة بالسعودية، وتدخلت سفارات عدة دول، كما دخلت وزارة العمل السعودية على الخط لإنهاء أزمة الرواتب المستحقة.

وبحسب التقارير، فإن أزمة تعثر الشركات وإفلاسها في قطاع الإنشاءات وغيرها تمس عشرات آلاف السعوديين أيضا، وهو ما سيؤدي إلى تفاقم أزمة البطالة بالبلاد الذي يضاف إلى إجراءات التقشف وخفض الدعم عن الطاقة والمياه والكهرباء، مما يشكل ضغطا على مقدرات الطبقات المتوسطة في المملكة.

المصدر : الجزيرة