التصنيع بقطر.. توسع محلي وتمدد خارجي

دعم المنتج الوطني
غرفة قطر تتوقع ميلاد 63 مصنعا جديدا في البلاد خاصة في قطاع الأغذية (الجزيرة)
محمد أفزاز-الجزيرة نت

دشنت دولة قطر مرحلة جديدة من التوسع الصناعي، ليس تلبية للاحتياجات المحلية فقط في مواجهة تداعيات الحصار، بل توجيها للفائض نحو الخارج وإطلاق استثمارات في الأسواق الدولية ضمن رؤية واضحة تستند إلى جملة من الحوافز للقطاع الخاص القطري الذي أخذ على عاتقه المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني، كما يؤكد ذلك المصنعون المحليون.

يقول مدير عام غرفة تجارة وصناعة قطر صالح بن حمد الشرقي إن الظروف التي تمر بها البلاد في ظل الحصار -الذي فرضته كل من السعودية والإمارات والبحرين إلى جانب مصر منذ الخامس من يونيو/حزيران الماضي- ساهمت بشكل إيجابي في إيجاد حلول سريعة تتضمن عدم حدوث أي تأثير أو نقص في أي من المواد التي يتم استيرادها من دول الحصار.

ويضيف للجزيرة نت أنه منذ اليوم الأول للحصار تعاونت كافة الجهات المعنية في الدولة، وصدرت توجيهات وقرارات أميرية وحكومية تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني وتساهم في زيادة التوجه نحو الاستثمار في القطاع الصناعي.

وتحدث في هذا السياق عن تعديلات في قانون المناطق الاقتصادية، وتوجيهات رسمية باستخدام المنتجات الوطنية في المشتريات الحكومية بنسبة 100%، وتسهيل تمويل المشاريع الصناعية وخفض إيجارات المناطق اللوجستية.

تسهيلات مالية
ليس هذا فحسب، إذ يؤكد الشرقي أن التحفيزات شملت تقديم تسهيلات قروض لأصحاب المشاريع الصناعية، وزيادة نسبة شراء المنتجات المحلية من 30% إلى 100% لكافة الأجهزة والجهات الحكومية.

‪الشرقي: سنرى مصانع جديدة في قطاعات مختلفة‬ الشرقي: سنرى مصانع جديدة في قطاعات مختلفة (الجزيرة)
‪الشرقي: سنرى مصانع جديدة في قطاعات مختلفة‬ الشرقي: سنرى مصانع جديدة في قطاعات مختلفة (الجزيرة)

وإلى جانب ذلك، أطلقت جهات أخرى عددا من المبادرات، مثل بنك قطر للتنمية وغرفة قطر التي تواصلت مع الجهات المعنية في الدولة من أجل إزالة أي عقبة أمام استثمارات القطاع الخاص في القطاع الصناعي، والترويج للمنتج المحلي عبر تنظيم معارض من بينها معرض "صنع في قطر" الذي ستعقد نسخة منه في شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، بحسب الشرقي.

وتحدث الشرقي عن الجهود التي قامت بها غرفة قطر لعقد شراكات مع عدد من الدول تقود إلى تأسيس صناعات جديدة في البلاد، وتوجيه استثمارات القطاع الخاص لإقامة مشاريع استثمارية يحتاجها السوق، ولا سيما مشاريع الأمن الغذائي.

ورأى أن كل هذه العوامل "ساهمت في تسريع وتيرة التصنيع المحلي وزيادة الإقبال من قبل أصحاب الأعمال والمستثمرين على المشاريع الصناعية".

كما توقع أن تشهد الفترة القادمة إقبالا كبيرا على الصناعة، و"قال سنرى مصانع جديدة في قطاعات مختلفة تلبي احتياجات السوق المحلي وتصدر الفائض إلى الخارج".

مبادرات
وشهدت مبادرة "امتلك مصنعك خلال 72 ساعة" التي أطلقتها اللجنة التنسيقية لإدارة نظام النافذة الواحدة في قطر، إقبالا واسعا من القطاع الخاص منذ إطلاقها في يونيو/حزيران الماضي، حيث فاقت الطلبات ثمانية آلاف طلب تنافست على 250 فرصة استثمارية، وفق بيانات أوردتها غرفة قطر.

وجرت الموافقة على طلبات إنشاء 63 مصنعا ضمن المرحلة الأولى من المبادرة، بإجمالي استثمارات يبلغ حوالي 2.5 مليار ريال (686 مليون دولار)، مما يعني دخول 63 صنعا جديدا إلى الإنتاج قريبا في قطاعات الصناعات الغذائية التي استحوذت على 22 مصنعا إلى جانب الصناعات الدوائية والكيميائية والكهرباء والمعادن وصناعة الآلات، وفق بيانات غرفة قطر.

ويؤكد رجل الأعمال المستثمر القطري محمد بن أحمد  العبيدلي أن الخارطة الاقتصادية والصناعية والتجارية لدولة قطر تغيرت بالكامل عقب الحصار الذي فرضته دول سماها بالشقيقة.

وقال للجزيرة نت "تعلمنا الكثير من الحصار الذي فرضته دول كنا نعتبرها شقيقة لكنها خذلتنا، والآن جهودنا منصبة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في كل القطاعات خاصة الغذاء والدواء، وهذا واجب وطني نحمله على أعناقنا".

ويضيف العبيدلي -وهو عضو في مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة قطر- "بدأنا عقب الحصار بحصر الاحتياجات الصناعية الجديدة للبلد وفق دراسة محكمة، بجانب التوجه لتوسيع المصانع القائمة ورفع إنتاجيتها".

‪العبيدلي: المصنعون يتطلعون لإطلاق علامات تجارية قطرية في الأسواق الدولية‬ (الجزيرة)
‪العبيدلي: المصنعون يتطلعون لإطلاق علامات تجارية قطرية في الأسواق الدولية‬ (الجزيرة)

توسع خارجي
ويؤكد العبيدلي أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل بات المصنعون القطريون اليوم ينظرون إلى المستقبل وفق رؤية إستراتيجية تتجاوز التصنيع للداخل إلى توجيه الفائض نحو الخارج، وخلق علامات تجارية قطرية في الأسواق العالمية.

ويؤكد أن المصنعين بادروا لإقامة استثمارات صناعية للقطاع الخاص القطري في الخارج، وأن كل ذلك لتأمين سلسلة إمدادات كاملة تحسبا لأية تهديدات في المستقبل.

وثمّن العبيدلي الجهود التي تقوم بها الحكومة والبنوك والمؤسسات القطرية لدعم التصنيع في البلاد وتحفيز المستثمرين.

ووفقا لبيانات الغرفة، فقد بلغ عدد المنشآت الصناعية القائمة والمقيدة في السجل الصناعي حتى نهاية شهر يوليو/تموز الماضي 728 منشأة صناعية، بحجم استثمارات بلغ 262 مليار ريال (72 مليار دولار)، مقابل 707 منشآت في نهاية عام 2016.

ويساهم القطاع الخاص بنحو 30% من الناتج الإجمالي المحلي لدولة قطر، ورفع هذا القطاع صادراته غير النفطية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي إلى 3.65 مليارات دولار.

المصدر : الجزيرة