المغرب وشركة التكرير.. تحدي إنهاء الأزمة

Taxi drivers protesting against a fuel hike bring traffic to a standstill outside the police headquarters in Casablanca's city centre June 11, 2012. Taxi drivers protested on Monday against a hike in fuel prices implemented by Moroccan Prime Minister Abdelilah Benkirane's government. REUTERS/Macao (MOROCCO - Tags: TRANSPORT BUSINESS POLITICS ENERGY)
إقدام الحكومة على تحرير قطاع المحروقات أثار احتجاجات في المغرب (رويترز)

الحسن أبو يحيى-الرباط

يرى مراقبون أن الحكم بالتصفية القضائية على شركة تكرير النفط الوحيدة في المغرب "سامير" يمثل تعقيدا خطيرا لأزمتها التي ترتبط -في رأيهم- بإقدام الحكومة على تحرير قطاع المحروقات، بينما يرى آخرون أن الدولة لن تتخلى عن هذه الشركة التي أصبحت رصيدا وطنيا ذا قيمة مضافة.

وجاء الحكم الصادر قبل أسبوع عن المحكمة التجارية في الدار البيضاء، بعد أن أعلنت سامير التوقف عن تكرير النفط في أغسطس/آب 2015 بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها جراء تراكم الديون التي تجاوزت 43 مليار درهم (نحو 4.4 مليارات دولار)، منها 13 مليار درهم لفائدة إدارة الجمارك، وعشرة مليارات درهم لفائدة البنوك المغربية، وعشرون مليار درهم لفائدة البنوك الأجنبية.

ويرى النائب البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي في مدينة المحمدية مهدي مزواري، أن الحكم القضائي "قرار كارثي يهدد بتشريد آلاف العائلات"، إذ تشغل الشركة ستة آلاف من الموظفين والعمال.

ويؤكد أيضا أن القرار "يهدد الدورة الاقتصادية الوطنية والمحلية، ذلك لأن تاريخ مدينة المحمدية التي تحتضن مقر الشركة (ومصفاة النفط الوحيدة في البلاد) ونسيجها الاقتصادي والاجتماعي، قائم على الدينامية التي أحدثتها هذ الشركة".

مزواري: قرار التصفية يهدد الاقتصاد الوطني والمحلي
مزواري: قرار التصفية يهدد الاقتصاد الوطني والمحلي

ابتزاز مرفوض
وأضاف مزواري للجزيرة نت أن "ابتزاز الشركة للدولة مرفوض، ونحن ضد أن يبقى هذا القطاع رهينة لرأسمال أحمق، ولكن على الدولة أن تجد صيغة مناسبة لتحافظ على هذه الآلية الإستراتيجية".

وينتقد الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي إقدام الحكومة على تحرير قطاع المحروقات، حيث وصفه بالقرار العشوائي الذي قد يحمل معه كل المخاطر، "إذ كان يجب تأسيس جهاز لضبط هذا القطاع بما يحافظ على مصلحة المستهلك ويراعي المصلحة العامة، بدل فسح المجال لمجموعة ضاغطة من شركات التوزيع لتحتكر القطاع".

وقال أقصبي للجزيرة نت إن ملف سامير لا يمكن فصله عن سياق تحرير قطاع المحروقات، "غير أن الإنصاف يقتضي القول إن عمق المشكلة يرتبط بقرار خصخصة هذه الشركة سنة 1996".

تراكم المشاكل
ويضيف أقصبي أنه "كان واضحا أن الشروط التي تم بها تفويت هذه الشركة إلى القطاع الخاص جعلت الجهة المستفيدة تحس أنها فوق القانون، وأنها غير ملزمة بتطبيق بنود دفتر التحملات، مما جعل المشاكل المالية لهذه الشركة تتراكم، إضافة إلى إشكاليات التدبير والتسيير، وشروط التمويل وتوزيع الأرباح، والاقتراض من المؤسسات البنكية بأسعار فائدة مرتفعة".

أقصبي: عمق المشكلة يرتبط بخصخصة الشركة سنة 1996
أقصبي: عمق المشكلة يرتبط بخصخصة الشركة سنة 1996

ويبرّر مزواري الدعوة إلى إنقاذ الشركة بكونها تشكل موردا ضريبيا أساسيا بالنسبة للدولة، إلى جانب دورها في التكرير والإنتاج، حيث تبلغ الطاقة الإنتاجية لمصفاة هذه الشركة مئتي ألف برميل يوميا.

لكن أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس بالرباط عبد النبي مرزوقي، يرى أن الذي عجّل في تفاقم وضعية الشركة هو قرار الحكومة رفع الدعم عن المحروقات، حيث كانت تستفيد من هامش ربح كبير ضمن نظام الموازنة (صندوق المقاصة المخصص لدعم المواد الأساسية).

إعادة الحياة
ومع ذلك، فإن المرزوقي يرى أن الدولة لن تتخلى عن الشركة، ولن تترك العمال يواجهون مصيرهم. وتوقع -في حديث للجزيرة نت- أن تسعى الدولة بطرق مباشرة وغير مباشرة لإعادة الحياة لهذه الشركة.

من جانبه، دعا أقصبي إلى أن تأخذ الحكومة زمام الأمور ما دام الملف يتعلق بأمن الطاقة، فضلا عن كون هذه الشركة تمثل رصيدا وطنيا وآلية مهمة تضبط العلاقة بين السوق الدولية والسوق الداخلية، وتضفي قيمة مضافة على المواد الخام المستوردة عن طريق تحويلها وإعادة إنتاجها.

وكانت الشركة أعلنت أنها سجلت خسائر صافية في عام 2014 بلغت 2.5 مليار درهم (نحو 257 مليون دولار)، بينما بلغ إجمالي دين الشركة في نهاية 2014 أكثر من 24 مليار درهم.

ويوم الخميس الماضي تقدم محامي شركة سامير -التي تسيطر شركة كورال القابضة على نحو 67% من أسهمها- بطعن على حكم القضاء بتصفيتها وتعيين حارس مستقل لإدارتها. وشركة كورال القابضة تابعة للملياردير السعودي محمد العمودي.

وقد أفادت وكالة رويترز مؤخرا أن الحارس الذي عينه القضاء المغربي يستعد لاستئناف إنتاج الوقود في المصفاة.

المصدر : الجزيرة