تعويم الجنيه قد يعني غرق بعض المصريين

تعويم الجنيه سيزيد من الأوضاع المعيشية السيئة للمواطن المصري وفق توقع مراقبين. تصوير زميل مسموح باستخدامها.
خفض قيمة العملة يقترن بغلاء الأسعار وتزايد الأعباء على المواطنين البسطاء (الجزيرة)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

تصدّر خبر استعداد الحكومة المصرية لتعويم الجنيه معظم الصحف المحلية أمس الاثنين، مع توقع مؤسسات مالية واقتصادية دولية اتخاذ القرار خلال ساعات.

ويزداد القلق بشأن احتمال خفض قيمة الجنيه، وربما تعويمه كليا في مرحلة لاحقة، بسبب ما سيحمله ذلك من أثر تضخمي قد يثقل كاهل الأسر المصرية، لا سيما أنه يأتي بعد فرض ضريبة القيمة المضافة.

ورغم عدم استناد الأخبار المتداولة لمصدر رسمي، ونسبتها إلى مصادر مُجهلة، فإن الأمر يأتي على ما يبدو في إطار التمهيد للرأي العام وجس نبض سوق الصرف الموازية (السوداء)، قبل الإعلان بشكل نهائي.

وقد توقع بنك الاستثمار "بلتون" أمس الأول الأحد إقدام البنك المركزي "خلال ساعات" على تعويم الجنيه، بمعنى ترك سعر صرف العملة المحلية يتحدد وفق معطيات العرض والطلب في السوق النقدي.

الضوء الأخضر
ورأى البنك أن لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومحافظ البنك المركزي طارق عامر السبت الماضي بمثابة تأييد سياسي نهائي لقرار التعويم.

التوقعات تشير إلى خفض قيمة الجنيه بنسبة كبيرة أمام الدولار (الجزيرة)
التوقعات تشير إلى خفض قيمة الجنيه بنسبة كبيرة أمام الدولار (الجزيرة)

ورجح بلتون في مذكرة بحثية حملت عنوان "التنبيه الأخير: التعويم خلال ساعات"، أن يصل سعر الدولار الرسمي في مرحلة أولى من التعويم إلى ما بين 11.5 و12.5 جنيها مقابل 8.88 جنيهات في الوقت الراهن.

وتنسجم هذه التوقعات مع ما قاله بنك الاستثمار "فاروس" الأسبوع الماضي، حيث توقع خفض قيمة الجنيه أمام الدولار، قبل اجتماعات لمسؤولين مصريين مع ممثلين لصندوق النقد الدولي من المقرر عقدها الجمعة المقبل.

وتقع مصر تحت ضغط الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي لمنحها قرضا بقيمة 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات، ومنها مرونة سعر صرف العملة المحلية بما يتوافق مع قيمتها الحقيقية.

الواقع المعيشي
وتكثر التكهنات بشأن تداعيات التعويم على الاقتصاد المصري الذي يعاني من نقص الموارد المالية، وبشأن قدرته على ضرب السوق الموازية، وتأثيره على معيشة المصريين.

المصريون تلقوا في الفترة الأخيرة العديد من الأخبار الاقتصادية المحبطة (الجزيرة)
المصريون تلقوا في الفترة الأخيرة العديد من الأخبار الاقتصادية المحبطة (الجزيرة)

ويرى الخبير الاقتصادي أشرف دوابة أن قرار تعويم الجنيه لن يحل أزمة العملة بقدر ما سيزيد الأوضاع سوءا، ويحذر من ارتفاع جنوني للأسعار وزيادة كبيرة في الدين الخارجي.

ويقول دوابة إن هذا كله سيؤدي إلى تدهور الوضع المعيشي للمواطن الذي لم يفق بعد من إقرار ضريبة القيمة المضافة الذي ترتب عليه ارتفاع أسعار بعض السلع بنسب تصل إلى 30%.

وأكد أن سبيل الخروج من الأزمة التي يعانيها الاقتصاد المصري هو زيادة الصادرات المرتبط تحققها بمناخ سياسي مستقر.

التعويم الكامل أم المدار
من جهته، قال الكاتب الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة صحيفة الأهرام السابق ممدوح الولي إن البنك المركزي لا يستطيع التعويم الكامل للجنيه، مرجعا ذلك لانخفاض الاحتياطي النقدي وقلة الموارد الدولارية.

الولي يرى أن البنك المركزي لا يستطيع القيام بتعويم كامل (الجزيرة)
الولي يرى أن البنك المركزي لا يستطيع القيام بتعويم كامل (الجزيرة)

لكن ما يستطيعه البنك المركزي -حسب رأيه- هو التعويم المدار عبر تحريك سعر صرف الجنيه بقدر معين -ولو جنيهين مثلا- أمام الدولار.

أما تداعيات خفض قيمة الجنيه أمام الدولار مرة أخرى هذا العام فتشمل زيادة تكلفة الواردات؛ مما سيؤدي إلى موجة جديدة من غلاء السلع في بلد يستورد نحو 60% من احتياجاته الغذائية، حسب توقع الولي. وكان البنك المركزي المصري خفض قيمة الجنيه نحو 14% في مارس/آذار الماضي.

وبالنسبة لقدرة التعويم على ضرب السوق السوداء، يرى الولي أن الأمر مرهون بقدرة القطاع المصرفي الرسمي على تلبية كامل احتياجات المستوردين من العملات الأجنبية، وقال إن "هذا أمر صعب بالنسبة للبنوك التي تعاني من عجز في توفير العملات الأجنبية".

وأضاف أن الأزمة تتفاقم مع تراجع حصيلة الموارد الرئيسية للنقد الأجنبي من سياحة واستثمار أجنبي مباشر ودخل قناة السويس والتصدير، وأوضح أن البنك المركزي سيعتمد في اتخاذه قرار خفض الجنيه على القروض المرتبطة بفوائد ومواعيد سداد.

وحذّر رئيس قسم الاقتصاد بصحيفة العربي الجديد مصطفى عبد السلام من تأثير حالة الغموض التي تحيط بمسألة تعويم الجنيه على وضع الاقتصاد المصري.

وشدد عبد السلام -عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك- على ضرورة خروج المسؤولين لتأكيد أو نفي الأنباء المتداولة. وقال "لا يمكن تجاهل هذه الأنباء لأنها صادرة عن بنوك ومؤسسات لها سمعتها المحلية والإقليمية".

المصدر : الجزيرة