أغرب سوق سوداء للوقود بصنعاء والمتهم الحوثيون

هكذا يتزود المواطن بالبنزين من السوق السوداء بصنعاء
بهذه الطريقة أصبح سكان صنعاء يزودون سياراتهم بالوقود (الجزيرة)

عبده عايش-صنعاء

تشهد العاصمة اليمنية صنعاء بشكل علني أغرب سوق سوداء لتجارة وبيع الوقود، في الوقت الذي تتزاحم مئات السيارات في صفوف طويلة عند محطات الوقود التي تفتقر للوقود.

وبطريقة غريبة وفاضحة تبرز السوق السوداء، حيث تصطف قرب محطات الوقود الرسمية المغلقة ناقلات وشاحنات نفط كبيرة وسيارات مكشوفة محملة ببراميل مليئة بالبنزين والديزل تبيع أنواعا مختلفة من المحروقات أمام الملأ بأسعار خيالية، دون حسيب أو رقيب.

ويتهم مواطنون مليشيات الحوثيين بالوقوف وراء السوق السوداء لمشتقات النفط، ويقولون إن تلك المليشيات هي المسؤولة عن الأزمة الخانقة للوقود التي تعيشها صنعاء منذ سيطرتها على مقاليد السلطة في 21 سبتمبر/أيلول 2014.

ويؤكد كثيرون أن السوق السوداء لتجارة الوقود ازدهرت على يد الحوثيين الذين نهبوا مخزونات النفط الإستراتيجية من شركة النفط اليمنية، وسخروا كميات كبيرة من الوقود لتسيير عرباتهم تحت مسمى "المجهود الحربي"، في وقت خلت كافة محطات التزود من المحروقات وأغلقت أمام المواطنين.

‪أجهزة لضخ البنزين توضع في مركبات لبيع مواد البترول في إطار السوق السوداء‬ (الجزيرة)
‪أجهزة لضخ البنزين توضع في مركبات لبيع مواد البترول في إطار السوق السوداء‬ (الجزيرة)

معاناة وتجارة
واللافت أنه تتوفر في السوق السوداء باليمن كميات كبيرة من المواد البترولية النفطية التي تباع بأسعار خيالية، إذ وصل سعر الغالون من البنزين سعة عشرين لترا إلى أكثر من مئة دولار، بينما السعر الرسمي هو ثلاثة آلاف ريال (قرابة 14 دولارا).

ويؤكد علي العزي -وهو سائق سيارة أجرة- أنه يضطر كثيرا إلى التزود بالوقود من السوق السوداء حتى لا يتوقف عن العمل وإعالة أسرته، إذ كان غالبا ما يركن سيارته لأيام في الشارع أمام شقته المستأجرة بسبب توقفه عن العمل.

كما أشار العزي للجزيرة نت إلى أنه عانى كثيرا من التزاحم والاصطفاف عند محطات الوقود التي يبقى فيها لعدة أيام، لكنه كان يرجع دائما خائبا دون التزود بالبنزين من المحطات الحكومية التي تشرف عليها شركة النفط اليمنية.

وتوجد السوق السوداء في عدد من شوارع صنعاء، خصوصا شارع خولان جنوب شرق العاصمة، وفي جولة عمران شمالي المدينة، وفي مناطق أخرى، حيث تظهر أمام الملأ ناقلات النفط وسيارات محملة ببراميل الوقود، وبعضها مزودة بخراطيم وماكينات ضخه، بطريقة أثارت اندهاش المواطنين واستغرابهم.

ويبدو حمود الذماري -أحد بائعي الوقود بالسوق السوداء- فوق سيارة قديمة من نوع هايس تويوتا مكشوفة وعليها عدد من البراميل المليئة بالبنزين، فيما يقف بجواره أحد العاملين معه بثياب رثة وهو يقول إن أسعاره رخيصة مقارنة بالآخرين.

وما يثير تساؤلات المواطنين هو مصدر حصول هؤلاء الباعة على كميات كبيرة من المواد البترولية، فيما تخلو منها محطات الوقود الرسمية، كما تثير المواطنين أيضا الألوان المتعددة للبنزين، وأبرزها الأحمر الفاقع والأخضر والأصفر، وهي ألوان غير معهودة في السوق اليمنية.

‪محطات الوقود بصنعاء خلت من المشتقات النفطية وأغلق بعضها‬ (الجزيرة)
‪محطات الوقود بصنعاء خلت من المشتقات النفطية وأغلق بعضها‬ (الجزيرة)

تعويم وأزمات
ويأتي توسع السوق السوداء في أعقاب إصدار ما تسمى اللجنة الثورية العليا -التي أسند إليها الحوثيون الإشراف وإدارة شؤون الدولة عقب انقلابهم في يناير/كانون الثاني الماضي- قرارا قضى بما سمته "تعويم" أسعار المشتقات النفطية وربط أسعار بيعه محليا بالبورصة العالمية، مما يعني أن الأسعار ستخضع للسعر العالمي صعودا وهبوطا.

وأثار قرار الحوثيين تعويم أسعار مشتقات النفط غضب الشارع اليمني واستهجانه لتسببه في ارتفاع أسعارها، وخضوعها لأطماع وجشع تجار السوق السوداء الذين يتهم الحوثيون بالاستفادة منها.

كما أثارت خطوات الجماعة استغراب قطاع كبير من المواطنين، إذ إنها اتخذت من رفع الحكومة اليمنية أسعار البنزين قبل أشهر سببا للانقلاب على الشرعية والاستيلاء على السلطة بالقوة بالتحالف مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.

واعتبر الكاتب اليمني عبد الله قطران أن ما يجري في صنعاء يعكس "قبح مليشيا الحوثيين الانقلابية التي باتت تدير السوق للوقود، وتثري من هذه التجارة القبيحة، في وقت أوقفت في ظل انقلابهم كافة الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه في البلاد وبشكل كلي ودائم منذ خمسة أشهر".

وتحدث قطران عن قيام الحوثيين بمنع أي شخص آخر من خارج جماعتهم بالبيع في أماكن السوق السوداء للوقود، ويقومون بإهانته واعتقاله وقد يقتلونه، لأنهم لا يسمحون إلا لعناصرهم فقط بالبيع في السوق السوداء.

المصدر : الجزيرة