أسباب استمرار أزمة الطاقة بمصر

People are seen at a petrol station in Cairo, January 13, 2015. Reuters photographers from Mali to Mexico have shot a series of pictures of fuel stations. Whether it is plastic bottles by the roadside in Malaysia or a futuristic forecourt in Los Angeles, fuel stations help define our world. Oil prices steadied above $48 a barrel on Tuesday, recovering from earlier losses as the dollar weakened against the euro. Oil prices have dropped nearly 60 percent since peaking in June 2014 on ample global supplies from the U.S. shale oil boom and a decision by OPEC to keep its production quotas unchanged. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany (EGYPT - Tags: TRANSPORT BUSINESS COMMODITIES ENERGY)ATTENTION EDITORS: PICTURE 15 OF 26 FOR WIDER IMAGE PACKAGE 'AT THE PUMP - THE WORLD FILLS UP' SEARCH 'WORLD FILLS UP' FOR ALL IMAGES
مصر تشهد في الفترة الأخيرة شحا بإمدادات السولار الذي تستعمله أغلب وسائل المواصلات (رويترز)

عبد الحافظ الصاوي

على مدار الأسابيع الماضية عادت أزمة الطاقة في مصر لتتجلى في شح أسطوانات غاز الطهي المنزلي، وأيضا في إمدادات السولار الذي تستخدمه أغلب وسائل المواصلات والمصانع والآلات الزراعية.

وكانت الحكومة المصرية قد اتخذت قرارا بخفض الدعم على جميع المشتقات النفطية والغاز الطبيعي في يوليو/تموز 2014 ضمن برنامجها لإلغاء الدعم الحكومي للأسعار بشكل كامل بحلول نهاية العام المالي 2017/2018.

وتوقع المواطنون بعد رفع سعر المشتقات النفطية أن تتوفر هذه السلع بشكل أفضل مما كانت عليه على مدار السنتين الماضيتين. وظن البعض أن أزمة انقطاع الكهرباء انتهت بنهاية الصيف، غير أنه لوحظ في الأسابيع الماضية عودة ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي بشكل يومي، ولأكثر من مرة في موسم الشتاء.

ويرى اقتصاديون أن أزمة الطاقة مرتبطة بالوضع المالي للحكومة، وكذلك بممارسات السوق السوداء، وتراجع الدعم الخليجي، والبعض الآخر يرى أن احتياجات مصر من مواد الطاقة تتزايد سنويا بنسبة 3%، وبالتالي لا تأخذ الحلول هذه الزيادة في الحسبان.

عشرات المصريين يصطفون لشراء أسطوانات الغاز أمام مركز توزيع بالقاهرة (رويترز)
عشرات المصريين يصطفون لشراء أسطوانات الغاز أمام مركز توزيع بالقاهرة (رويترز)

ويرى اقتصاديون آخرون أن الحكومة توازن بين الاستخدامات المختلفة، مما يجعلها تمد بعض القطاعات بالطاقة على حساب قطاعات أخرى.

نقص التمويل
ويعتبر الاقتصادي محمد رمضان أن التمويل من أهم أسباب استمرار مشكلة عجز الطاقة في مصر، إذ وجدت الحكومة نفسها مضطرة لدفع مستحقات لشركات الطاقة الأجنبية قيمتها ثلاثة مليارات دولار في الفترة الماضية.

ويبين رمضان أن التوجه لاستيراد النفط في ظل سداد مستحقات الشركات الأجنبية مثل عبئا مضاعفا على الحكومة، في ظل أزمة السيولة الدولارية التي تمر بها البلاد منذ ثورة 25 يناير، وبالتالي -يضيف المتحدث- من الطبيعي أن يكون هناك عجز في إمدادات الطاقة بالشكل الذي يتناسب مع احتياجات القطاعات الإنتاجية والخدمية، فضلا عن تشغيل محطات الكهرباء.

ويضيف رمضان أن جزءا من الأزمة مصطنع من لدن تجار السوق السوداء، بسبب انشغال الحكومة بمواجهة أحداث العنف، ونتيجة رفع تجار هذه السوق الأسعار يتخوف المستهلكون من وقوع شح في الكميات المعروضة فيسعون لتكوين احتياطي لديهم، مما يخلق طلبا غير حقيقي.

ويؤكد رمضان أن أزمة غاز الطهي ستنتهي بانتهاء الشتاء، نتيجة تراجع الاستهلاك في البيوت من جهة، وكذلك تراجع استهلاك مزارع الدواجن، حيث تستخدم هذه المزارع هذا الغاز في عمليات تدفئة الدواجن على مدار أشهر الشتاء بسبب عدم استفادتها من مد شبكات الغاز الطبيعي.

عجز حقيقي
أما الاقتصادي محمود عبد الله فيرى أن المشكلة القائمة الآن تتعلق ببعض مواد الطاقة، وهي ناتجة عن وجود عجز في المشتقات النفطية بشكل عام، إذ قل الإنتاج المحلي خلال الفترة الماضية، وتحولت مصر إلى مستورد صافٍ منذ عام 2008، في ظل تزايد احتياجات البلاد من الطاقة بنسبة 3% سنويا.

ويدلل عبد الله على وجود عجز في مشتقات الطاقة بشكوى مصانع الحديد في منتصف فبراير/شباط الماضي من انقطاع إمدادها بالغاز لمدة عشرين يوما، مما هدد بوقف عمل المصانع، لذلك تلجأ الحكومة إلى عملية تبادلية عبر وقف إمداد المصانع كثيفة استخدام الطاقة بالمشتقات لفترة محددة، ومد المنازل باحتياجاتها لفترة أيضا، وهكذا في محاولة لإيجاد توازن بتوزيع تبعات مشكلة العجز في إمدادات الطاقة.

الدعم الخليجي
ويتوقع عبد الله أن يكون لتراجع الدعم الخليجي المتمثل في شحنات النفط المجانية دور في الأزمة، إذ مرت السنة المالية 2013/2014 من دون أي مشكلة في الإمدادات، وذلك نتيجة المساعدات الخليجية.

ويقول محمد رمضان إن أزمة الطاقة ستستمر وتتفاقم في الصيف المقبل ما لم تستمر الدول الخليجية في الدفع بشحنات نفطية في إطار دعمها لمصر كما كان عليه الحال في العام الماضي، وذلك لأن الأوضاع الاقتصادية الحالية لا تسمح لمصر بأن تتحمل تكلفة استيراد النفط، في ظل أزمة السيولة الدولارية التي يبدو أنها لن تنتهي قريبا.

المصدر : الجزيرة