شتاء تونسي ساخن بسبب الإضرابات

تونس احتجاجات
جانب من احتجاجات سابقة لعمال تونسيين أمام مقر اتحاد الشغل (الجزيرة نت)

                                                                           خميس بن بريك-تونس

رغم أنهما يستعدان لشد الرحال إلى النرويج، الشهر المقبل، لتسلم جائزة نوبل للسلام لجهودهما في نجاح الحوار الوطني، فإن لغة الحوار حول زيادة الرواتب تعطلت بين الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة.

وكان يفترض أن تعقد أمس جلسة حوار بين اتحاد الشغل -أكبر منظمة نقابية- وبين اتحاد أرباب الأعمال، غير أن اتحاد الشغل قرر المقاطعة والدخول في إضرابات واسعة بسبب ما اعتبره عدم جدية الطرف الآخر في المفاوضات.

وأعلن الاتحاد العام للشغل عن شن إضراب في القطاع الخاص بمحافظة صفاقس يوم 19 من الشهر الجاري للمطالبة بالزيادة في الرواتب، يليه المزيد من الإضرابات ستشل مدنا أخرى هذا الشتاء.

سعيدان يطالب بضرورة فتح حوار اقتصادي لتشخيص الواقع (الجزيرة نت)
سعيدان يطالب بضرورة فتح حوار اقتصادي لتشخيص الواقع (الجزيرة نت)

تباين ردود الأفعال
وقد تباينت ردود أفعال المواطنين إزاء القرار الأخير الذي اتخذه اتحاد الشغل بين من عبر عن تفهمه لهذا التصعيد دفاعا عن مصالح العمال، وبين من عبر عن سخطه من رفض مواصلة الحوار وتبني سياسة الأرض المحروقة.

في السياق، يقول المواطن زهير الباسطي للجزيرة نت إن قرار اتحاد الشغل خوض إضرابات قطاعية واسعة "سيضر الاقتصاد الذي يعيش تقهقرا كبيرا وسيزيد من توتر مناخ الأعمال وتراجع الاستثمار وإرباك الأوضاع".

لكن هذا الرأي يراه الموظف الحبيب الدبابي منحازا ضد اتحاد الشغل الذي قال إنه "يدافع عن أبسط حقوق العمال الذين تضررت قوتهم الشرائية بسبب الغلاء, في حين بقيت رواتبهم عاجزة عن تلبية أبسط متطلبات العيش".

وكان الاتحاد العام للشغل يسعى لزيادة رواتب عمال القطاع الخاص عند انطلاق المفاوضات مع اتحاد أرباب الأعمال قبل أسابيع بـ15 نقطة، ثم تراجع عن ذلك بنقطتين، لكن مقترحاته قوبلت بالرفض.

ويقول الأمين العام المساعد باتحاد الشغل سامي الطاهري إن قرار مقاطعة المفاوضات وشن إضرابات جاء "احتجاجا على أسلوب حديث رئيسة اتحاد أرباب الأعمال الذي كان فيه استهانة وتعالٍ وتحقير لمطالب العمال".

وقبل يومين، كانت رئيسة اتحاد الصناعة والتجارة وداد بوشماوي قالت، في تصريحات لإحدى القنوات التلفزيونية، إن تهديدات اتحاد الشغل بشن إضرابات بالقطاع الخاص لا تقلقها في حال تعثرت المفاوضات.

ويقول الطاهري إن اتحاد الشغل لم يتوصل إلى أي نتيجة عقب سلسلة من المفاوضات مع اتحاد أرباب الأعمال بشأن نسبة الزيادة أو تاريخ مفعولها الرجعي، معتبرا أن "هناك عدم جدية تجاه مطالب العمال المشروعة".  

ويضيف للجزيرة نت أن عمال القطاع الخاص (650 ألف عامل) "ليس لديهم سلاح آخر سوى الإضراب الذي أقره الدستور" معتبرا أن "هؤلاء العمال هم الأكثر إنتاجية لخلق الثروة بالبلاد لكنهم الأقل انتفاعا بتلك الثروة".

الغرياني: منظمة أرباب الأعمال ترفض المطالبة بزيادة مبالغ فيها دون مراعاة الإنتاج والإنتاجية (الجزيرة نت)
الغرياني: منظمة أرباب الأعمال ترفض المطالبة بزيادة مبالغ فيها دون مراعاة الإنتاج والإنتاجية (الجزيرة نت)

غير مبرر
في الطرف المقابل، يقول رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية باتحاد أرباب الأعمال خليل الغرياني- للجزيرة نت- إن التصعيد من قبل اتحاد الشغل غير مبرر لأن منظمته "ما تزال تطلق يدها للحوار لإيجاد حلول ترضي الطرفين".

ويؤكد الغرياني أن منظمة أرباب الأعمال تسعى لتجاوز الصعوبات، لكنه يقول إنها ترفض في نفس الوقت المطالبة بزيادة مبالغ فيها دون مراعاة الإنتاج والإنتاجية في ظرف اقتصادي صعب يتميز بتراجع كل المؤشرات تقريبا.

كما عبر عن رفضه اللجوء إلى شن إضرابات عمالية قال إنها ستعود بنتائج عكسية على الجميع، مشيرا إلى أن اليوم الواحد للإضراب بالقطاع الخاص يكلف خسائر تفوق 125 مليون دينار من الناتج المحلي الإجمالي.

من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان إن الإضرابات العمالية سيكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني الذي يعيش في وضع انكماش، وينتظر ألا تتجاوز نسبة نموه مع نهاية العام الجاري 0.5%.

كما يؤكد أن الإضرابات سيكون لها نتائج وخيمة على مناخ الاستثمار الذي تراجع إلى مستويات قياسية بعد الثورة، مشيرا إلى أن الدراسات تبين أن لا وجود لانتعاش اقتصادي دون ارتفاع نسق الأعمال والاستثمار الخاص.

وطالب سعيدان بضرورة فتح حوار اقتصادي لتشخيص الواقع لوضع خطة لإنقاذ الاقتصاد وفق الأولويات الملحة، مؤكدا أن زيادة الرواتب في الوضع الحالي ستزيد في ارتفاع حجم التضخم وارتفاع الأسعار والغلاء المعيشي.

المصدر : الجزيرة