حكومة تونس تعجز عن خفض الأسعار والمواطن يشكو

غلاء الأسعار يرهق كاهل المواطنين في تونس (يناير/كانون الثاني 2015 في العاصمة تونس)
غلاء الأسعار يرهق كاهل المواطنين في تونس (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

رغم الانخفاض القياسي في أسعار المحروقات في الأسواق العالمية، وما ترتب عليه من انخفاض أسعار كثير من السلع عالميا، فإن التونسيين لم ينعموا بشيء من ذلك، وتبدو الحالة عكس ذلك في تونس حيث يشكو المواطنون من الغلاء.

ورغم أن الدولة استفادت من تراجع أسعار النفط، باعتبارها تخصص عائدات مالية كبيرة من العملة الصعبة لاستيراد المحروقات، فإنّ المواطنين التونسيين لم يلمسوا أي منفعة من ذلك، حيث ارتفعت أسعار أغلب المنتجات الزراعية والصناعية التي يحتاجها المواطنون في قوتهم اليومي إلى مستويات قياسية، ولم يستثن الغلاء أي منتج استهلاكي في السوق.

ويرى علي -الموظف في إحدى الشركات الخاصة- أنه كان من المفروض أن تعمل الحكومة الحالية التي يقودها مهدي جمعة على راحة المواطنين، متسائلا "ما الذي منعها من خفض الأسعار؟"

‪بشير يشكو من ارتفاع أسعار المتطلبات الأساسية للمعيشة‬ (الجزيرة)
‪بشير يشكو من ارتفاع أسعار المتطلبات الأساسية للمعيشة‬ (الجزيرة)

مقارنة بالمغرب
واستغرب من سبب استمرار النسق التصاعدي في غلاء الأسعار التي شملت جميع السلع الاستهلاكية، في وقت نزلت فيه أسعار المحروقات لدرجة قياسية بالأسواق العالمية.

وقال "المغرب بلد لا يملك ثروات طبيعية مثل تونس، لكنه تفاعل إيجابيا مع تراجع أسعار النفط، وقام بخفض سعر البنزين، وهو أمر ستتبعه تخفيضات أخرى في العديد من المنتجات".

ويضيف "في تونس المواطن البسيط دائما هو الذي يدفع الفاتورة الباهظة والحكومة تسعى لمعالجة توازناتها المالية على حساب المواطنين البسطاء".

ويشكو بشير -وهو رب أسرة يعول خمسة أبناء- من أن ارتفاع أسعار الخضر واللحوم والدواجن والمحروقات والنقل أثقل كاهله إلى جانب ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز والماء والتعليم والصحة.

وبحسب المعهد الوطني التونسي للإحصاء، بلغت نسبة التضخم العام الماضي 5.5% بسبب ارتفاع أسعار الأغذية والملابس والسكن والطاقة والنقل والاتصالات والتعليم.

‪البدوي: الحكومة لم تتخذ إجراءات ملموسة لخفض الأسعار‬ (الجزيرة)
‪البدوي: الحكومة لم تتخذ إجراءات ملموسة لخفض الأسعار‬ (الجزيرة)

تعددت الأسباب
ويرجع الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي ارتفاع الأسعار إلى "عدّة عوامل: أبرزها ارتفاع الاستهلاك مقابل تراجع الإنتاج وانتشار ظاهرة التهريب وضعف الرقابة على الأسعار".

ويرى البدوي أن الحكومة لم تتخذ إجراءات ملموسة لخفض الأسعار، مؤكدا أنها "لو أقدمت على خفض سعر المحروقات سينخفض مؤشر أسعار السلع والخدمات التي ترتبط بالمحروقات".

وقال إن انخفاض أسعار المحروقات في الأسواق العالمية "لم ينعكس مباشرة على المستهلك، والمستفيد الوحيد من تراجع أسعار النفط هو التوازنات العامة للدولة".

ورجح البدوي أن يسهّل انخفاض أسعار المحروقات مسؤولية الحكومة القادمة التي ستتشكل في الأيام القريبة، وأنها ستبقي في المرحلة القادمة على الأسعار الحالية "دون ترفيع".

‪بن حمودة استبعد خفض المحروقات في تونس‬ (الجزيرة)
‪بن حمودة استبعد خفض المحروقات في تونس‬ (الجزيرة)

الحكومة والمواطن
وأعلن وزير الصناعة كمال بن ناصر أن الحكومة ستحافظ على نفس أسعار المحروقات خلال الفترة القادمة بفضل تدني أسعار النفط في الأسواق العالمية.

لكن وزير المالية حكيم بن حمودة استبعد خفض سعر المحروقات في تونس رغم الانخفاض الحاصل في الأسواق العالمية.

وأشار إلى وجود "ارتفاع حاد" في عجز الميزان التجاري الذي بلغ العام الماضي 13.6 مليار دينار (7.11 مليارات دولار)، موضحا أن استيراد المحروقات هو الجزء الأكبر الذي ينخر هذا الميزان.

وأكد الوزير للجزيرة نت أن بلاده" تواجه صعوبات في مستوى توازناتها المالية بسبب شراء المحروقات المدعّمة من قبل الدولة بالعملة الصعبة التي ارتفعت لمستويات قياسية أمام الدينار".

ولأول مرة، ارتفع خلال هذا الشهر سعر صرف الدولار إلى أكثر من 1.9 دينار تونسي، في حين بقي اليورو في مستوياته العادية ليصل إلى أكثر من 2.2 دينار تونسي.

المصدر : الجزيرة