مخاوف إسرائيلية من المقاطعة الاقتصادية الأوروبية

نخب الاقتصاد الإسرائيلي قلقة من المقاطعة وتحذر نتنياهو من ثمن الجمود السياسي
undefined
محمد محسن وتد-القدس المحتلة 

حملت تحذيرات مجموعة من كبار رجال الأعمال الإسرائيليين لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من المقاطعة الأوروبية لمنتجات المستوطنات، رسائل داخلية إلى الائتلاف الحاكم بإسرائيل تحثه للدفع نحو تسوية سياسية مع الفلسطينيين واستغلال جهود الإدارة الأميركية للتوصل إلى اتفاق إطار يمهد لإنهاء الصراع وفق مبدأ "حل الدولتين".

وتهدف المجموعة التي تنتمي إلى منظمة "كسر الجمود" إلى مخاطبة الرأي العام وذلك سعيا للتأثير على الاتحاد الأوروبي، ومنع انتقال واتساع المقاطعة الاقتصادية إلى داخل إسرائيل.

وتأتي تحذيرات المنظمة -التي تضم عددا من الدبلوماسيين السابقين وجنرالات احتياط بالجيش ومجموعة من رجال الأعمال وأصحاب كبرى شركات التجارة والتكنولوجيا التي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد الإسرائيلي- عقب قرار صندوق التقاعد الهولندي قطع علاقاته مع خمسة بنوك إسرائيلية بسبب أنشطتها في المستوطنات.

وسبق ذلك حظر شركات بلجيكية التعاقد مع شركة المياه الإسرائيلية "مكوروت" لتنسجم مع تحذيرات هيئة التجارة والاستثمار في بريطانيا من التعاقد مع جهات وشركات لها استثمارات بالمستوطنات، وتوارد تقارير تشير إلى أن مقاطعة أوروبا لمنتجات وصناعة الاستيطان تسببت في تراجع صادرات تل أبيب عدا الخسارة الفادحة التي تكبدتها مجالس المستوطنات بالمحاصيل الزراعية.

وقال رجل الأعمال الإسرائيلي داني روتشيلد -عضو منظمة "كسر الجمود"- موضحا دوافع التحذيرات الصادرة عن المنظمة "بتنا نشعر أنه بدون تسوية سياسية واتفاق سلام ستعصف بالاقتصاد الإسرائيلي والفلسطيني الكثير من المشاكل، أما في حال تم التوصل إلى اتفاق ينهي الصراع، سيكون ذلك بمثابة رافعة للازدهار والتطور الاقتصادي والاجتماعي للجانبين، وعليه كثفنا نشاطاتنا في هذه المرحلة نحو الدفع لاستغلال جهود الإدارة الأميركية للتوصل إلى اتفاق تسوية".

روتشيلد:
 المنظمة تمثل كافة ألوان الطيف السياسي بإسرائيل، وتؤكد أنها ليست ضد الحكومة، وأطلقنا مبادرتنا من أجل السعي لإنهاء الصراع

إنهاء الصراع
وأوضح روتشيلد -وهو جنرال احتياط بالجيش الإسرائيلي- أن المنظمة تمثل كافة ألوان الطيف السياسي بإسرائيل، وتؤكد أنها ليست ضد الحكومة "بل أطلقنا مبادرتنا من أجل السعي لإنهاء الصراع وإبرام اتفاق سلام مع الجانب الفلسطيني".  
 
كما رفض الطرح القائل إن الخوف من اتساع المقاطعة الاقتصادية ووصلها إلى إسرائيل من دفعهم وحركهم لمثل هذه المبادرة، مؤكدا أنهم ينشطون عالميا ومحليا منذ نحو عامين بالتوازي مع مجموعة من رجال أعمال فلسطينيين للتوصل إلى السلام والاستقرار.

واستبعد روتشيلد أن تكون خطواتهم وسيلة ضغط على الحكومة الإسرائيلية، موضحا "صحيح الاقتصاد الإسرائيلي يعتمد بالأساس على النشاط التجاري لهذه المجموعة، لكن علينا ألا نوهم أنفسنا، فلا يمكننا إحداث تغييرات جوهرية بمعتقدات نتنياهو أو غيره، لكن بإمكاننا دعم ومرافقة كل قيادي وجهته التسوية السياسية وإنهاء الصراع".
 
من جانبه، يعتقد آدم كيلر، الناطق بلسان "كتلة السلام الآن" أن المنظمة تهدف إلى "إسماع الصوت الآخر للاتحاد الأوروبي لتفادي المقاطعة والتطلع إلى الازدهار والنمو والاستقرار الاقتصادي، حيث أيقنت من خلال الحراك الاحتجاجي الاجتماعي الذي تفجر بتل أبيب صيف 2011 لمناهضة غلاء المعيشة والأسعار، معاني وتداعيات المقاطعة الداخلية على المنتجات".

العائلات الإسرائيلية المسيطرة على الاقتصاد باتت تلمس نتائج المقاطعة الأوروبية لمنتجات المستوطنات، وتسعى لكبحها وعدم انتقالها لقطاعات مختلفة

نتائج المقاطعة 
ولفت كيلر إلى أن كبرى العائلات الإسرائيلية المسيطرة على الاقتصاد باتت تلمس نتائج المقاطعة الأوروبية لمنتجات المستوطنات، وتسعى لكبحها وعدم انتقالها لقطاعات مختلفة بعد أن اقتصرت على التعليم الأكاديمي وتخشى اتساع وانتقال المقاطعة للأسواق الإسرائيلية حال تعثر مسيرة المفاوضات ما يعني توجيه ضربة قاصمة لاقتصاد إسرائيل.

واستبعد إمكانية أن تشكل مبادرة وتحذيرات رجال الأعمال الإسرائيليين ومنظمة "كسر الجمود" محورا جوهريا في تغيير سياسة ونهج الحكومة الإسرائيلية بكل ما يتعلق بنظرتها لإنهاء الصراع الذي يأخذ منحى أيديولوجيا وآخر اقتصاديا.

وعلى الرغم من ذلك، فإن كيلر يرى في تحذيرات المنظمة قفزة نوعية داخلية بممارسة الضغوطات على نتنياهو تفاديا للمقاطعة التي أصبحت أشبه بكرة الثلج، ومحاولة إقناعه اختيار مسار المفاوضات وقبول مبادرة واشنطن، خاصة وأن رئيس الوزراء يعي أهمية ومكانة وقدرة هذه المجموعة بالسيطرة على الاقتصاد، وقال "لذا ستجده يراوغ ويتناغم مع توجهها رهانا منه على رفض السلطة الفلسطينية لمبادرة السلام".

المصدر : الجزيرة