قلق من هروب رؤوس الأموال من العراق
علاء يوسف-بغداد
أبدى عدد كبير من الاقتصاديين العراقيين قلقهم من هروب رؤوس الأموال من العراق بعد تدهور الأوضاع الأمنية وتشديد البنك المركزي العراقي إجراءات التداول في السوق المالية. فقد أعلن الأخير في وقت سابق عن انخفاض حجم التداول لغير العراقيين في القطاع المصرفي بنسبة 66% خلال العام الحالي ليصبح 2.2 مليار دينار (1.8 مليون دولار) بعدما كان في حدود 6.4 مليارات دينار (5.4 ملايين دولار) عام 2012.
وقالت عضو اللجنة المالية بمجلس النواب نجيبة نجيب إن هناك أسبابا عديدة أدت لانسحاب عدد كبير من المتعاملين غير العراقيين من السوق المحلية، ومنها التطورات التي تشهدها المنطقة وبالتحديد في سوريا والعقوبات الاقتصادية على إيران التي انعكست سلباً على العراق، إضافة إلى تردي الوضع الأمني خلال الفترة الأخيرة.
وأضافت في حديث للجزيرة نت أن القوانين المصرفية وإجراءات البنك المركزي الصارمة والشديدة من خلال إعادة العمل بضوابط بيع الدولار بالمزاد العلني، واتخاذ إجراءات من أجل رفع قيمة الدينار العراقي أمام الدولار، فضلا عن صعوبة التداول بالدينار لأن العملة المحلية ليست مفضلة للمتعامل الأجنبي، كل هذه العوامل ساهمت في هروب رؤوس الأموال الأجنبية.
وأوضحت نجيبة أن إجراءات الحكومة في القطاع المالي وتدهور الأمن لا يشجع الأجانب على الدخول لسوق المال العراقي والمنافسة في المشاريع، معتبرة أن على الدولة أن تستقطب الأجانب لأن البلد بحاجة إلى خبرتهم، وتوقعت أن تلحق بالاقتصاد العراقي العديد من الأضرار جراء هروب رؤوس الأموال الأجنبية.
الوضع الأمني
من جانب آخر، قال الخبير بمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) علي الصيهود السوداني إن تدهور الوضع الأمني بالعراق خلال الأشهر الخمس الأخيرة ترك دون أدنى شك ظلالاً قاتمة على المشهد الاقتصادي وسوق الأوراق المالية على وجه الخصوص، فأصبح عاملا لطرد المتعامل غير العراقي.
وأضاف السوداني أن القوانين الجديدة التي أقرها البرلمان وسمحت للمستثمر الأجنبي ببيع وشراء الأسهم بشكل مطلق بالبورصة العراقية ساهمت إلى حد ما في تنشيط هذه السوق الناشئة، إلا أن التشريعات المصاحبة لهذه القوانين والتي حددت نسبة امتلاك الأسهم بألا تتجاوز 49% من أسهم الشركة تشكل عامل تنفير وليس جذب المتعامل غير العراقي.
وتابع أن طبيعة التداولات في سوق المال تعتمد على القطاع المصرفي بنسبة 75% من حجم تداولاته اليومية، في حين تبقى حصة باقي القطاعات ضعيفة، ما عدا الاتصالات التي طرحت ربع أسهمها للتداول بموجب تعليمات الحكومة.
وأشار الاقتصادي العراقي إلى أنه عند إجراء مقارنة بسيطة لمعدل حجم التداول اليومي بالسوق العراقية والبالغ 1.9 مليون دولار يومياً فإن دولا مجاورة تشهد تداولاً كبيراً جدا لا يقارن بالسوق العراقية، فمصر مثلا تحقق 82.3 مليون دولار وإمارة دبي مائة مليون وأبو ظبي 141.7 مليونا.
صندوق حماية
ودعا السوداني الحكومة لإنشاء صندوق لحماية المستثمرين بقانون خاص، يمكن أن يساهم في جذب المستثمرين العراقيين وغيرهم للسوق العراقية، من خلال طمأنتهم وحمايتهم من الأخطار غير المتعلقة بأخطار التداول وإجراء التسويات الملائمة وتغطية المخاطر الناتجة عن أنشطة شركات الأوراق المالية.
من جهة أخرى، قال الاقتصادي رائد الهاشمي إن حديث المركزي عن انخفاض عدد المتعاملين من غير العراقيين يُعد مؤشراً خطيراً جداً على الوضع الاقتصادي العراقي بهذه المرحلة. وأضاف أن الأجانب يعتبرون العراق بيئة اقتصادية غير آمنة للاستثمار "وهذا أمر طبيعي جداً لأن الاستثمار والأمن يتناسبان طردياً، فكلما زاد الأمن والاستقرار زاد الاستثمار والعكس صحيح".
وطالب الهاشمي حكومة بغداد والمؤسسات المالية التابعة لها بالإسراع لاتخاذ إجراءات فعالة لمعالجة الموقف وتوفير الحماية المالية والأمنية لأصحاب رؤوس الأموال من غير العراقيين، مع ضرورة وضع خطط مصرفية آمنة من شأنها مساعدة هؤلاء وطمأنتهم على أموالهم واستقطابهم من جديد قبل أن تتفاقم هذه الحالة، وتخلف تأثيرات خطيرة على الاقتصاد العراقي.