الشركات الأجنبية بليبيا ملف مثقل بالتحديات

صورة لمشروع في بنغازي متوقف من بداية الثورة ،والتعليق كالتالي: مشاريع ليبيا توقفت مع اندلاع الثورة في فبراير من العام 2011 ( الجزيرة نت- أرشيف).

undefined

خالد المهير-طرابلس

مع إعلان السلطات الليبية مؤخرا عن عودة عدد من الشركات الأجنبية لتنفيذ مشاريع توقفت مع اندلاع الثورة قبل عامين، برزت إلى السطح تحديات كبيرة تواجه الشركات أبرزها ملفات الأمن والفساد والتخبط الإداري وإنهاء الخلافات بشأن حجم التعويضات بين الطرفين الليبي والأجنبي.

يذكر أن رئيس الوزراء علي زيدان قال -أثناء زيارته تركيا يوم الأربعاء الماضي- إن بلاده ستدفع تعويضات لشركات تركية، بعد نقاش بينه وبين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.

وأبرمت ليبيا مع شركات أجنبية بين عامي 2007 و2009 عقودا بقيمة تتجاوز 140 مليار دينار (109 مليارات دولار).

وسرعت ليبيا إبان العهد السابق من وتيرة المشاريع التنموية مع بروز مشروع "ليبيا الغد" بقيادة سيف الإسلام نجل القذافي، وهذا دعا الخبراء الآن إلى فك الارتباط بين ملف المشاريع الضخمة والسياسة والتعامل بشفافية ومهنية مع المشروعات والعقود.

تحديات وتعويضات
وأكد مدير عام الشؤون الفنية وجدوى المشروعات بوزارة التخطيط أبو بكر سعيد للجزيرة نت رجوع عدد من الشركات التركية والنمساوية والتونسية والبريطانية إلى استكمال مشروعاتها في قطاعات الكهرباء والصحة والمرافق، مقدرا قيمة المشاريع الجاري تنفيذها حاليا في حدود 600 مليون دينار، لكنه اعتذر صراحة عن الكشف عن أعداد الشركات.

وأكد سعيد أن الأمن هو التحدي الأكبر لعمل الشركات، لكنه قال إن ليبيا قطعت شوطا لا بأس به في هذا الجانب، مؤكدا أنه بإمكان الشركات العمل بطريقة آمنة، مشيرا إلى أن بعض الشركات تستخدم حجة الأمن للحصول على مزيد من التعويضات.

ولفت إلى أنه في السابق حصلت هذه الشركات على عقود بالتكليف المباشر، أي إنها لديها قصور في التنفيذ، وبالتالي معظمها غير مستحق للتعويضات.

كما اعتبر عضو لجنة الإسكان والمرافق بالمؤتمر الوطني عبد الكريم الجياش الوضع الأمني وتعويض الشركات تحديات إضافية لاستكمال عودتها، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت أنه إلى الوقت الحالي "لا توجد معلومات رسمية عن الشركات التي عادت فعليا للعمل".

سعيد: الأمن هو التحدي الأكبر لعمل الشركات (الجزيرة نت)
سعيد: الأمن هو التحدي الأكبر لعمل الشركات (الجزيرة نت)

وبحسب البرلماني الليبي سوف تحصل الشركات الأجنبية على40% من المبالغ المقدرة لإنجاز خطة قصيرة الأجل في مجال الإسكان والمرافق بحوالي ثمانية مليارات دينار خلال عامي 2013 و2014، رصد منها هذا العام ثلاثة مليارات للإسكان.

وأشار رئيس تجمع "مهندسون من أجل ليبيا" فتحي الصلابي في تصريح للجزيرة نت إلى عيوب في التعاقد مع الشركات الأجنبية سابقا، مشيرا إلى مخاوفهم بعدم جدوى المشروعات، رافضا أن تستهدف عودة الشركات "تحويل أزمات المواطن" إلى قناة ابتزاز لليبيين، وسرقة الأموال والضغط على ليبيا.

وقال إن العقود بالإمكان تعديلها وتصويبها، مؤكدا أن الموقف ليس ضعيفا كما يصوره البعض، متمنيا من الشركات عدم الرجوع "لاستبدالها بشركات أخرى أكثر قدرة وكفاءة".

كما أكد أن الشركات قادرة على الإنجاز ولديها رغبة كبيرة في الدخول إلى السوق الليبي، قائلا إنهم الطرف الأقوى.

وتأسف الصلابي لرجوع شركات لاستكمال مشاريع في آخر سلم الأولويات، وهي مشروعات في الفنادق والاستثمارات، مؤكدا أنه كان يتمنى رجوع شركات لها علاقة بصيانة البنية التحتية المتهالكة.

أموال طائلة
وقابلت الجزيرة نت خبراء في القانون والهندسة والتخطيط الذين تباينت تصريحاتهم بشأن الملف.

وقد حذر الباحث أسامة العبيدي من رجوع الشركات قبل إقرار الدستور، وانتخاب برلمان وحكومة، مؤكدا أن ذهاب حكومة زيدان إلى صرف أموال طائلة على الشركات "نوع من المغامرة المحفوفة بالمخاطر".

وقال إنه اطلع على عقد شركة أوزلتون التركية المسؤولة عن بناء شبكة بنية تحتية في مدينة درنة شرقا، مؤكدا أن قيمة التعويضات عن الأضرار التي لحقت بها أثناء الثورة تعادل قيمة العقد المتفق عليه بقيمة 700 مليون دولار.

وتوقع عضو الاتحاد الليبي للاستشارات الهندسية جلال العرفي عدم رجوع الشركات للتخبط الإداري والفوضى الأمنية، ورأى المهندس المتقاعد آدم أكويري أن ليبيا تأخرت كثيرا في الملف، مؤكدا أنه بالإمكان أن تقدم الحكومة تعهدات للشركات بتوفير الحماية.

أما الخبير القانوني في مجال الأضرار مسعود الخزخاز فقال إن "على ليبيا تعويض الشركات عن الآليات والمعدات"، أو عقد لقاءات على مستويات عليا بين الجانبين الليبي والأجنبي تحت إشراف الأمم المتحدة كطرف محايد لإنهاء الخلافات، مؤكدا أن ما جرى في ليبيا ظروف استثنائية طارئة.

المصدر : الجزيرة