تباين بشأن إنجازات بوتفليقة الاقتصادية

مشاريع الاسكان بالجزائر تعرف تأخرا كبيرا
undefined

ياسين بودهان-الجزائر  

مع انتهاء فترة ولاية الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة العام القادم، تكون الآجال المحددة لتنفيذ الخطة التنموية الخمسية الثالثة التي رصد لها 286 مليار دولار قد انتهت.

ومع اقتراب الانتهاء تختلف مواقف الطبقة السياسية والخبراء بشأن إنجازات بوتفليقة.

ووفق البعض لم ينعكس حجم الإنفاق على مستوى حياة الجزائريين ووضع اقتصاد بلادهم، بينما يؤكد البعض الآخر أن الإنجازات واقع ملموس ولا يمكن نكرانها.

نسب التنفيذ
ويشير الإطار التوجيهي لإعداد قانون المالية 2014، المصادق عليه الأسبوع الماضي في البرلمان، إلى أن مختلف القطاعات لم تستهلك أكثر من 30% من مخصصاتها المالية.

ففي قطاع النقل مثلا لم تتجاوز نسبة التنفيذ أكثر من 10%، بينما قطاع السكن سجل تأخرا كبيرا حيث يتجاوز المبلغ المتبقي للإنجاز 360 مليار دينار، في حين لم تتجاوز نسبة التنفيذ بقطاع الأشغال العمومية 26%، ونسبة استهلاك المخصصات للفترة ما بين 2005 و2014 لا تتجاوز 60%.
الطاهر بن بعيبش: يجب تقييم عملية التنمية منذ 1999 (الجزيرة نت)
الطاهر بن بعيبش: يجب تقييم عملية التنمية منذ 1999 (الجزيرة نت)

وبرأي البعض فإن حصيلة الخطة الخمسية الثالثة سلبية مقارنة مع المبالغ التي رصدت لها، لأن واقع الجزائريين ومناخ الأعمال يثبت ذلك، كما أن الاقتصاد الجزائري ما يزال يعتمد بنسبة تزيد عن 60% على عائدات النفط في تمويل ميزانيته.

ووفق رئيس حزب "الفجر الجديد" المعارض الطاهر بن بعيبش فإنه لا يمكن الحديث عن تقييم الخطة الخمسية الثالثة فقط, وإنما يجب تقييم عملية التنمية منذ 1999 أي بعد مجيء بوتفليقة.

والواقع، وفق ما يقول للجزيرة نت، لا يعكس المبالغ الضخمة التي رصدت للبرامج التنموية، والتي تجاوزت قيمتها خلال هذه الفترة ستمائة مليار دولار. وبرأيه فإن هناك تساؤلات عدة حول وجهة هذه الأموال، لكنه يشدد على أن هناك إهدارا للمال العام، وأن هذه الأموال جزء منها يذهب في المشاريع بطرق غير مدروسة، والجزء الآخر يذهب في قضايا الفساد والرشوة، التي أصبحت برأيه قاعدة أساسية في المعاملات التجارية.

ويذهب أستاذ الاقتصاد بجامعة سعد دحلب بالبليدة د. فارس مسدور إلى القول بأن الأموال الضخمة التي ضخت في مختلف برامج التنمية كان يمكن أن تفيد في بناء مدن جديدة عوضا عن ترقيع مدن قديمة. ويضيف أن تبني هذا النمط من التنمية لم يمكن من الانتقال نقلة نوعية تشعر الجزائريين بتحقيق تقدم.

نقائص بالجملة
ويشير مسدور إلى نقائص بالجملة في مختلف القطاعات، وإلى أن المشاريع المنجزة تفتقر للنوعية. فالعديد من الطرق المنجزة بعد مدة تحفر من جذورها، ويعاد إنجازها من جديد. ويقول إن الدليل على ذلك الطريق السريع الذي استهلك ميزانية تتجاوز 16 مليار دولار، فهناك أجزاء كثيرة منه يعاد إنجازها للمرة الرابعة.

الأمر نفسه ينطبق على المشاريع السكنية التي لا تتوافق برأيه مع خصوصية الشعب الجزائري. وتوقع بروز آثار اجتماعية خطيرة، وكان يمكن تجاوز هذه المشكلة ببناء مدن عن طريق الانتشار الأفقي، بدل الانتشار العمودي، مع وجود مساحات كبيرة غير مستغلة.

وبنظره، فإن أهم قطاعين تم إهمالهما من طرف الحكومة هما القطاع الزراعي والسياحي "فلا يعقل, أن بلدا مثل الجزائر يستورد كل سنة غذاءه" وأن فاتورة الاستيراد تتضخم كل سنة، كما أن قطاع السياحة كان يمكن أن يمتص أعدادا كبيرة من العاطلين عن العمل، لكن هذا القطاع يعتبر الأكثر تهميشا وتجاهلا.

ووفق مسدور فإن الخطة الخمسية الثالثة لم تستغل إلا في الشكليات، من خلال ضخ الأموال الذي يقابله فساد واختلاسات كبيرة، مع عدم وجود إنجازات حقيقية تعكس هذا الإنفاق.

لكن وزيرة الأسرة سابقا والمكلفة بالإعلام على مستوى المكتب المؤقت لحزب التجمع الوطني الديمقراطي (أحد أحزاب السلطة) نوارة سعدية جعفر لها رأي آخر.

فقد أكدت أن حصيلة بوتفليقة إيجابية جدا. وأشارت إلى التزام الحكومة بتقديم حصيلة إنجازات الرئيس منذ 1999، وأن الوزير الأول عبد المالك سلال سيثبت ذلك بالأرقام والمعطيات.

نوارة سعدية جعفر: المخططات التنموية لها انعكاسات إيجابية على الواقع الاجتماعي للجزائريين (الجزيرة نت) 
نوارة سعدية جعفر: المخططات التنموية لها انعكاسات إيجابية على الواقع الاجتماعي للجزائريين (الجزيرة نت) 

وبخصوص تقييمها للخطة الخماسية الثالثة، أكدت أن الإنجازات واقع ملموس، ويبقى برأيها أن كل عمل إنساني يطبق في الميدان تكتنفه بعض النقائص، وإذا كان هناك نقص في إنجاز المخطط التنموي فذلك ليس عيبا برأيها، لأن الجزائر خرجت قبل 1999 من أزمة دموية كادت تعصف بالبلاد، حينها كانت كل مقدرات الجزائر مسخرة من أجل القضاء على "الإرهاب".

وتشدد نوارة على أن المخططات التنموية لها انعكاسات إيجابية على الواقع الاجتماعي للجزائريين، عكس ما تنقله تقارير دولية تفتقد برأيها إلى الدقة والموضوعية.

فنسبة البطالة تراجعت الآن إلى أقل من 10%، بعد أن كانت تتجاوز 29% سنة 1999. وفي السكن فإن ما حققته الجزائر لا يمكن برأيها أن ينكره أي جاحد. فليس هناك أي دولة في العالم تعطي مساكن مجانية لمواطنيها. كما أن نسبة التغطية بالكهرباء تقدر بـ99% وهو أمر جد إيجابي، هذا فضلا عن إنجازات أخرى تقول إنها تتمثل في قطاعات الأشغال العمومية والصحة والتعليم العالي وغيرها.

المصدر : الجزيرة