اليونان تحاول استعادة أموال بسويسرا

لمصرف ألفا اليوناني وبعض المودعين الذين يسحبون بعض أموالهم
undefined

شادي الأيوبي-أثينا

تحاول حكومة اليونان منذ عدة سنوات التوصل مع نظيرتها السويسرية إلى اتفاقية للحد من تهريب الأموال اليونانية غير المصرح بها إلى المصارف السويسرية. ويهرب آلاف اليونانيين مبالغ كبيرة سنوياً إلى مصارف سويسرا التي تنعم بالاستقرار لحماية تلك المبالغ من أي هزة مالية أو إفلاس في بلادهم التي تعاني أزمة ديون خانقة، كما أصبحت المصارف السويسرية ملجأ لليونانيين المتهربين من دفع الضرائب في بلادهم.

وفي حال سارت الأمور كما تخطط له الحكومة اليونانية، فإنه يفترض أن توقع الحكومتان اتفاقية خلال الشهر الجاري تأمل أثينا أن تجلب لها مبلغاً يقدر بحوالي خمسة مليارات يورو (6.4 مليارات دولار)، كما جرى في اتفاقيات وقعتها سويسرا مع بلدان أخرى مثل ألمانيا وبريطانيا والنمسا، كما تأمل حكومة أنطونيوس ساماراس أن تطبيق الاتفاقية سيجعلها تظهر في أعين الدائنين بمظهر الحكومة الجادة في تطبيق شروط الإنقاذ المالي.

ولا يخفي مختصون عدم تفاؤلهم بشأن الاتفاقية المرتقبة، والتي يرون أنها لن تغير شيئا على أرض الواقع، فيما يشيرون إلى توزع الأموال اليونانية على بلاد أخرى غير سويسرا مثل قبرص وبريطانيا، وإلى مرور فترة زمنية أتاحت للمودعين اليونانيين اتخاذ تدابير احتياطية ضد أي اتفاقية من هذا النوع.

وقد بلغت خسائر المصارف اليونانية منذ عام 2009، حينما بدأ اليونانيون بسحب أموالهم للخارج، حوالي 83.6 مليار يورو (107 مليارات دولار).

وتقول مصادر سويسرية إن اليونانيين أودعوا حوالي عشرين مليار يورو (25 مليار دولار) في المصارف السويسرية، معظمها لم يتم التصريح به في اليونان، وفي حال تطبيق الاتفاقية فربما يضطر هؤلاء لدفع ضرائب تتراوح ما بين 25% و45% من المبالغ المودعة، والتي ستذهب للسلطات اليونانية، إضافة لعقوبات وملاحقات قانونية.

سيمينيس: قد تفرض ضرائب على الودائع في بنوك سويسرا من غير تصريح بأسمائهم   (الجزيرة)
سيمينيس: قد تفرض ضرائب على الودائع في بنوك سويسرا من غير تصريح بأسمائهم   (الجزيرة)

أسباب النزيف
وقال الأكاديمي المتخصص في شؤون الضرائب أوريستيس سيمينيس إن خطورة وتذبذب الوضع الاقتصادي في اليونان وضبط مسؤولين كبار وهم يهربون أموالهم للخارج كانت من أسباب تهريب الأموال اليونانية خارج البلد، فيما كان بعض اليونانيين يهربون أموالهم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وهو ما شكل نموذجا سيئاً، على حد قوله.

ونقل سيمينيس عن مسؤولين في وزارة الاقتصاد اليونانية قيامهم بعقد اتفاقية مع الجهات السويسرية دون أن يفصحوا حتى الساعة عن تفاصيلها، مرجحاً أن يتم فرض ضرائب على الودائع اليونانية في مصارف سويسرا دون التصريح باسم المودع، أو إتاحة الفرصة لهم لإرجاع الأموال لليونان، واعتبر أن الخطوة الأخيرة لن تنجح لأنها ستمنح المودعين الوقت الكافي لتهريب أموالهم.

وتساءل سيمينيس عن عدم إثارة الموضوع نفسه مع دول مثل قبرص التي تضم الكثير من الأموال اليونانية في مصارفها، وبريطانيا التي تم تهريب أموال يونانية كثيرة إليها لتحول إلى عقارات، ولم يستبعد المتحدث نفسه أن تكون "وراء ذلك مقاصد خفية مشبوهة".

مصالح المصارف
وشكك المحلل الاقتصادي في مجلة إيبيكيرا يورغوس فيليباكيس في إمكانية تطبيق الاتفاقية في حال توقيعها، وفي إعطاء السويسريين معلومات كاملة عن الودائع اليونانية، مضيفاً أن المصارف القبرصية من جهتها لا تعطي أي معلومات حول الودائع الموجودة لديها، بسبب الاتفاقيات التي تربطها بأكثر من جهة روسية ومنها المافيا.

وقال فيليباكيس إن ما يهم المصارف السويسرية هو ألا تكون الودائع نتيجة نشاطات غير شرعية، كما أن المصارف الفرنسية تحتوي قسماً كبيراً من الودائع اليونانية، لكن حجم الأخيرة في سويسرا هو الأكبر من الناحية النظرية.

سويسرا طلبت منذ 10 سنوات من اليونان التقدم بطلب رسمي لمراقبة الحسابات اليونانية في مصارف سويسرا، لكن أثينا لم تقم بذلك حتى الساعة

ويرى أستاذ الاقتصاد والتنمية في جامعة أثينا عبد اللطيف درويش أن السلطات السويسرية كانت طلبت منذ حوالي عشر سنوات من نظيرتها اليونانية التقدم بطلب رسمي لمراقبة الحسابات اليونانية في مصارف سويسرا، لكن أثينا لم تقم بذلك حتى الساعة، مما أتاح الوقت لمالكي الودائع للتصرف فيها.

وقال درويش للجزيرة نت إن أرقاماً تتحدث عن حوالي ألف يوناني يمتلكون أكثر من 250 مليار يورو (320 مليار دولار)، متوقعاً عدم نجاح الاتفاقية لعدة أسباب، من بينها امتلاك المودعين اليونانيين عدة جنسيات أجنبية، مما يعني عدم ظهور أصلهم اليوناني، والتلكؤ الرسمي المقصود في اتخاذ خطوات لمنع تهريب الأموال والتهرب الضريبي، وذكر أن أرقاماً تشير إلى أنه خلال فترة الأزمة الحالية تم تهريب حوالي 80 مليار يورو (102 مليار دولار) إلى قبرص وحدها.

المصدر : الجزيرة