اتفاق النفط ينقذ جوبا

استأنف السودان وجنوب السودان مفاوضات السلام المعلقة بينهما في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وكانت العلاقات بين الطرفين قد تأزمت منذ أبريل/نيسان الماضي عقب معارك عنيفة في مدينة هجليج الحدودية. وقد قاد لقاء أديس أبابا الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي بينما ترأس وفد جنوب السودان باقان آموم وترأس الوفد السوداني كبير المفاوضين السودانيين إدريس محمد عبد القادر.
undefined

مثيانق شريلو-جوبا

رأى محللون اقتصاديون أن اتفاق النفط الأخير الذي تم بين السودان وجنوب السودان من شأنه أن ينقذ الدولة الوليدة في جوبا من ورطة الانهيار الاقتصادي في حال استمر وقف إنتاج النفط الذي قررته مطلع العام الجاري بسبب خلافها مع الخرطوم.

ومن شأن الاتفاق الذي أبرم بين الطرفين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مؤخرا برعاية الاتحاد الأفريقي أن يمنح جوبا وقتا كافيا لحين الانتهاء من بناء خط أنابيب جديد يمتد حتى ميناء لامو الكيني.

وتشير التقديرات إلى أن إتمام بناء خط الأنابيب الجديد يحتاج في أحسن الأحوال لثلاث سنوات على الأقل، وهو ما يجعل جوبا غير قادرة على تحمل التبعات الداخلية في تلك السنوات إن لم تعد إنتاج النفط، خاصة أنها تعتمد في ميزانيتها على النفط بنسبة 98%.

وكان كبير مفاوضي جنوب السودان باقان أموم قد قال عقب عودته من مراسيم التوقيع على الاتفاق إن جوبا ستبدأ عملية تصدير نفطها عبر السودان بواقع دولار واحد للبرميل، على أن تتكفل بكل مراحل عمليات التكرير والإنتاج لتدفع ما بين سبعة وتسعة دولارات لتباعد بعض أنابيبها عن الخرطوم.

اتفاق براغماتي
واعتبر الإعلامي الجنوب سوداني قبريال جوزيف أن الاتفاق ما كان ليتم دون الأخذ بالاعتبار الضغوط الاقتصادية التي عانتها كل من جوبا والخرطوم، وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن الإجراءات التقشفية التي انتهجتها جوبا أثرت على كل قطاعات المجتمع.

وأشار جوزيف إلى أن أبرز الآثار الاقتصادية لوقف تصدير النفط من جنوب السودان هو خفض الدعم للولايات في البلاد بنحو الثلث.

وأضاف أن القدرات الشرائية للدولة ضعفت للحصول على الواردات بسبب الانخفاض الكبير في النقد الأجنبي للخزانة العامة.

واعتبر أن الاتفاق الذي تم بين الخرطوم وجوبا حول النفط براغماتي أكثر من كونه مثاليا، ومن شأنه أن يجنب جنوب السودان ظواهر اجتماعية سلبية، أقلها انتشار الجريمة وأكبرها عودة النزاع القبلي.

وأعرب تجار محليون بمدينة جوبا عن سعادتهم بالاتفاق، وقالوا في إفادات للجزيرة نت إن الاتفاق سيسهل تدفق العملات الأجنبية التي ستمكنهم بالتالي من استيراد بضائعهم من الدول المجاورة، وسيزيد من القوة الشرائية لدى المواطنين، لأن هذا الأمر سيؤدي إلى انخفاض في سعر السلع التجارية وسيضمن لهم انخفاض سعر الدولار مقابل العملة المحلية.

جنوب السودان تعتمد بنسبة 98% في إيراداتها على النفط (الجزيرة-أرشيف)
جنوب السودان تعتمد بنسبة 98% في إيراداتها على النفط (الجزيرة-أرشيف)

انفراج الأسواق
ويشير الخبير الاقتصادي موسس أجانق إلى أن أنباء الإعلان عن توصل دولتي السودان لاتفاق حول إنتاج وتصدير النفط عبر الأراضي السودانية من جديد أدى إلى انفراج عام في سوق المعاملات التجارية، وأكد أن هذا الاتفاق إذا بدأ سريانه على أرض الواقع سينعش الأسواق بجنوب السودان وسيدفع إلى خفض أسعار السلع الاستهلاكية التي باتت تشكل أسعارها ضائقة لسكانها.

وعلى المستوى السياسي، اعتبر أجانق أن الاتفاق من شأنه أن يمهد للحزب الحاكم كسب العديد من المؤيدين، خاصة إذا شرعت الحكومة في تنفيذ المشروعات التنموية التي توقفت جراء وقف إنتاج النفط.

واعتبر أجانق أن الاتفاق بوضعه الحالي يمثل نعمة لكونه منح وقتا كافيا لجوبا لبناء خط نفطي جديد يعفي عبور النفط عبر السودان التي تكثر الخلافات معها، غير أنه استدرك بالقول إن الاتفاق قد يتحول لنقمة إن لم تستثمر الدولة السنوات الثلاث المقبلة -وهي عمر الاتفاق بين الخرطوم وجوبا- لإنجاز الخط الجديد.

المصدر : الجزيرة