شركات حذرة من دخول السوق الليبية
في الوقت الذي يستعد فيه الليبيون للمشاركة في أول عملية انتخابية منذ 47 عاما، تسعى الشركات الأجنبية لاغتنام الفرص الاقتصادية التي توفرها ليبيا ما بعد معمر القذافي، غير أنه مثلما يخشى مراقبو انتخابات المؤتمر الوطني العام من أن تفسد أعمال عنف فرحة العملية الانتخابية، فإن الشركات بدورها تواجه هشاشة الوضع الأمني والبيروقراطية والفساد، وهي تطرح تحديات حقيقية أمام الباحثين عن اقتناص الفرص في سوق مربحة.
ويقول أليكس وارين -وهو محلل مختص بليبيا- إن العديد من الشركات الأجنبية تؤخر دخولها المحتمل للسوق الليبية إلى وقت لاحق من هذا العام.
ويضيف وارين -وهو مدير أبحاث في شركة أدفايزر فيرم فرونتير- أن الشركات التي لديها عقود في ليبيا تعود لما قبل عام 2011 لا ترغب في إعادة الحياة لها حتى تدفع مستحقاتها المالية وتتضح صورة شروط عودتها لاستئناف نشاطها بليبيا.
ومن جهة أخرى فإن الشركات التي لديها عقود بليبيا تبقى أكثر فهما لظروف البلاد من الشركات التي تستثمر لأول مرة فيها، وهو ما قد يجعل الأولى أكثر استعدادا لتحمل المخاطر من أجل ضمان حضورها في السوق الليبية.
ومن بين الشركات التي تتطلع لعودة وشيكة لليبيا شركة هيل الأميركية للبناء التي كانت تقدم قبل اندلاع الثورة الليبية العام المقبل خدمات استشارية للسلطات الليبية في مشاريع بناء 25 جامعة، بما فيها اثنتان في العاصمة طرابلس.
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة هيل إيرفين ريختر إن شركته تأمل بالعودة إلى ليبيا في غضون شهرين، غير أن بعض المقاولين يريدون الحصول على مستحقاتهم قبل العودة للبلاد، مضيفا أن الأمر لن يعرف تسوية قبل تشكيل حكومة جديدة في البلاد.
الوضع الأمني يزداد سوءا ويفسر هذا الأمر جزئيا باتساع دائرة الفساد |
مستحقات عالقة
ويشير ديفد برودي ستيدمان العضو المنتدب في شركة هيل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أن قرابة 15 شركة صينية تتأهب للرجوع إلى ليبيا، غير أن لديها مستحقات مالية هناك بقيمة عشرين مليار دولار. ويقدر ستيدمان مجموع المستحقات المالية للشركات العاملة بليبيا بما بين أربعين إلى ستين مليار دولار، حيث كانت الشركات الصينية والتركية الأكثر نشاطا خلال فترة ما قبل سقوط نظام معمر القذافي.
ويعد قطاع البناء والإنشاءات من أبرز القطاعات التي تسترعي اهتمام الشركات الأجنبية بليبيا، كما أن قطاع النفط هو محط اهتمام المستثمرين على المدى الطويل لأن احتياطيات البلاد من النفط والغاز لم تستغل بعد بشكل كاف.
وكانت الشركة النفطية العملاقة شل قد قالت إن اضطراب الوضع الأمني كان السبب وراء تركها البلاد، ويظل عامل الأمن من أكثر الهواجس الضاغطة على الأجانب العاملين هناك، حيث إن الثوار الذين أسقطوا نظام القذافي حول بعضهم سلاحه ضد البعض الآخر.
الهاجس الأمني
ويوضح مستشارون أمنيون أنه في الوقت الذي تظل فيه المناطق الحضرية بليبيا آمنة نسبيا فإن المناطق الريفية تبقى خطيرة في ظل انتشار ظاهرة السطو على السيارات، ويشير سكوت ويلكوكس أحد جنود مشاة البحرية البريطانية الذي يدير حاليا شركة استشارية لإدارة المخاطر، إلى ما وقع من هجمات على محيط سفارات واستيلاء مسلحين الشهر الماضي على مطار طرابلس.
وقال ويلكوكس إنه تم اختطف مسؤول حكومي في الفترة الأخيرة لمدة أربعة أسابيع لرفضه التوقيع على صفقة يشوبها فساد، مضيفا أن "الوضع الأمني يزداد سوءا ويفسر هذا الأمر جزئيا باتساع دائرة الفساد".