اقتصاديون ينتقدون سياسة ميركل الأوروبية

German Chancellor Angela Merkel delivers a speech during a celebration to mark 10-years of the Euro at the conservative Konrad Adenauer foundation in Berlin on January 23, 2012.
undefined

خالد شمت-برلين  

شن 170 من أبرز وأشهر علماء وخبراء الاقتصاد الألمان هجوما حادا وغير مسبوق على سياسة المستشارة أنجيلا ميركل تجاه أزمتي اليورو والديون السيادية الأوروبية.

ووجه العلماء خطابا مفتوحا إلى المواطنين الألمان مباشرة نشر اليوم في عدد من كبريات الصحف الألمانية عبروا فيه عن قلقهم الشديد من اقتراب بلادهم -بسبب سياسة ميركل الحالية- من مرحلة تكون فيها مرغمة على تحمل تبعات سداد كل ديون البنوك المتعثرة بمنطقة اليورو.

وقالوا في خطابهم الذي نشر اليوم في عدد من كبريات الصحف الألمانية "إن موافقة ميركل على قرارات القمة الأوروبية الأخيرة الجمعة الماضي، التي بدت المستشارة أنجيلا ميركل مرغمة عليها، كانت أمرا خاطئا"، وأوضحوا أنهم يعنون بذلك موافقة ألمانيا علي تأسيس صندوق دائم لتقديم المساعدة المباشرة للبنوك الموشكة علي الإفلاس بمنطقة العملة الأوروبية الموحدة.

وأشار العلماء إلى أنهم يرون في تأسيس مظلة الاستقرار المالي الدائم خطوة باتجاه تحول الاتحاد الأوروبي إلى اتحاد بنكي يتولى سداد كل ديون البنوك بمنظومة اليورو.

البنوك المتعثرة والديون
واعتبرت مجموعة العلماء والخبراء أن تقديم صندوق الإنقاذ الدائم الذي وافق زعماء الحكومات الأوروبية على تأسيسه، مساعدات مباشرة للبنوك المتعثرة من أموال دافعي الضرائب، يتطلب سلطة رقابة بنكية أوروبية موحدة، مما سيؤدي في النهاية إلى التحكم في كل المدخرات بمنطقة اليورو.

ولفت العلماء إلى أن ديون البنوك بدول اليورو المتعثرة تزيد عن ثلاثة أضعاف الديون العامة لهذه الدول، ورفضوا تحميل دافعي الضرائب وأصحاب المدخرات والمتقاعدين في دول اليورو المستقرة اقتصاديا مسؤولية سداد ديون الدول المتعثرة بالمنطقة، ورأوا أن المانيا التي تعد واحدة من الدول الأوروبية المستقرة اقتصاديا أصبحت مرغمة على دفع مبالغ ضخمة ستتزايد لديون دول اليورو المتعثرة.

حذر الخبراء من تسبب اللجوء إلى طباعة أوراق مالية بدون غطاء لتسوية ديون البنوك والدول المتعثرة في خلق أوضاع مماثلة لما حدث عام 1923 الذي شهد الركود الكبير وما أعقبه من كوارث سياسية

وشددوا على ضرورة إفلاس البنوك المتعثرة بمنطقة اليورو ووضع نهاية لها، واعتبروا أن قرارات القمة الأوروبية الأخيرة لن تنقذ اليورو، وستكون مفيدة فقط للبنوك الموشكة على الإفلاس والداعمين لها في أسواق المال بوول ستريت في الولايات المتحدة وحي المال في لندن.

وخلصوا إلى أن السياسة الراهنة بمواجهة الأزمة الأوروبية ستفضي إلى إثارة النزاعات والشقاق مع الدول الأوروبية المجاورة.

وجاءت رسالة علماء الاقتصاد الألمان الناقدة لسياسة المستشارة أنجيلا ميركل تجاه الأزمة الأوروبية الراهنة، بعد أيام من صدور قرارات قمة الإنقاذ الأخيرة لقادة الحكومات الأوروبية في بروكسل، كما جاءت قبل أيام من نظر المحكمة الدستورية الألمانية العليا في دستورية اتفاقية الانضباط المالي وتأسيس الصندوق الدائم للاستقرار الأوروبي، وهي الإجراءات التي وافق عليها البرلمان الألماني بأغلبية ثلثي نوابه الجمعة الماضي.

ووقع على هذه الرسالة المفتوحة إلى جانب العلماء والخبراء الاقتصاديين كل من رئيس وزراء ولاية سكسونيا جيورج ميلبارد ورئيس المجلس العلمي بوزارة المالية الألمانية كونراد كاي.

تحذير من القادم
واستهل علماء الاقتصاد الألمان رسالتهم بالإشارة إلى أن هدفهم منها هو نقل مخاوفهم إلى الناخبين ونواب الشعب لتوعيتهم بالأخطار المحدقة باقتصاد البلاد.

وقال صاحب مبادرة الرسالة عالم الإحصاء بجامعة دورتموند فالتر كريمر "إن الكثيرين لا يعرفون ما هو قادم إلينا، وأتوقع أن نرغم خلال عشرة أو خمسة عشرة عاما على الأكثر على نهب أموال معاشاتنا التقاعدية لإنقاذ بنوك مترنحة من الإفلاس".

وحذر كريمر من تسبب اللجوء إلى طباعة أوراق مالية بدون غطاء لتسوية ديون البنوك والدول المتعثرة ، في خلق أوضاع مماثلة لما حدث عام 1923 الذي شهد الركود الكبير وما أعقبه من كوارث سياسية.

المصدر : الجزيرة