العرب وأزمة الغذاء الجديدة

مساحات من الأراضي الزراعية بمصر
undefined

عبد الحافظ الصاوي-القاهرة

بلغت الواردات الزراعية العربية 64.8 مليار دولار في العام 2009، ووصل العجز في الميزان التجاري للزراعة العربية في العام نفسه 45.7 مليار دولار، أما السلع الغذائية للدول العربية فبلغ العجز بها 35.7 مليار دولار.

وهذا يعني أن الدول العربية ما زالت تعتمد على الاستيراد بنسبة كبيرة في توفير الأمن الغذائي لمواطنيها.

غير أن ما حملته الأنباء بشأن ارتفاع أسعار الغذاء بالأسواق العالمية في الفترة الماضية أثار العديد من المخاوف، خاصة في الدول العربية التي مرت بثورات وتقدم جزءا كبيرا من موازناتها لدعم الغذاء، وكذلك الحال في الدول العربية الأقل نموا. وإن كان الخبراء يرون أن أزمة الغذاء المرتقبة هي أزمة أسواق وليست أزمة إنتاج، فإن العرب في كلتا الحالتين معرضون لموجة من ارتفاع الأسعار تنعكس آثارها على المواطنين البسطاء.

أزمات مفتعلة
يذهب أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة الأزهر محمود منصور إلى أن أزمات الغذاء على مستوى العالم هي أزمات مفتعلة، وهي تعبر عن فساد الأسواق وليس قلة الإنتاج.

ودلل على ذلك بالأرقام المنشورة عن مخزون الغذاء في العالم، حيث نجد ارتفاعا مفاجئا في فترة قصيرة يعقبه انخفاض كبير في المخزون في فترة وجيزة أيضا.

ويرجع ذلك إلى إحكام عملية الاحتكار التي يديرها المضاربون العالميون، حيث اتجه هؤلاء المضاربون إلى المضاربة على السلع بعد المشكلات الكبيرة والخسائر التي منوا بها في بورصات النقد والأوراق المالية.

وأكد منصور للجزيرة نت أن الدول العربية اتجهت بالفعل إلى التوسع الزراعي في الخارج، وهذا ما يمكن رصده في شرق وشمال أفريقيا من خلال زراعة ملايين الأفدنة، حتى إنه في مصر زرعت مساحات واسعة في منطقة شرق العوينات.

ويرى منصور أن أثر أزمة الغذاء الجديدة على الدول العربية سيكون متنوعا، فدول الخليج التي لديها فائض سيولة لن تعاني من مشكلة، لأنها سوف تدفع فروق الأسعار دون أن يشكل لها ذلك أثرا يذكر، وإن كان ثمة ارتفاع في أسعار السلع الزراعية فسوف يلمسه المستهلك في منطقة الخليج.

محمود منصور: أزمات الغذاء على مستوى العالم هي أزمات مفتعلة (الجزيرة نت)
محمود منصور: أزمات الغذاء على مستوى العالم هي أزمات مفتعلة (الجزيرة نت)

أما الدول الأقل نموا والدول متوسطة النمو في العالم العربي فسوف يكون لديها أثر واضح، خاصة تلك الدول التي عاشت تجربة الربيع العربي، وبعض الدول التي تعاني من اضطرابات داخلية.

ويتوقع منصور أنه بعد تحقيق الاستقرار بدول الربيع العربي ستدار قضية السلع الغذائية والزراعية بشكل أفضل مما هي عليه الآن.

غير آمنة
يرى خبير الاقتصاد الزراعي خالد عبد الحميد أن الأسواق العالمية تشهد بالفعل حالة من ارتفاع الأسعار في الحبوب، حيث ارتفعت أسعار القمح مثلا بنسبة 40% على مدار الأسابيع الماضية، وكذلك حال الذرة وفول الصويا.

ويضيف عبد الحميد أن المشكلة في الدول العربية اعتمادها بشكل متزايد على الاستيراد لتحقيق الأمن الغذائي على مدار عقود ماضية، وغياب تفعيل التعاون العربي في المجال الزراعي رغم توفير مقوماته وإمكانياته.

وعن اتجاه العديد من الدول الخليجية والعربية للاستثمار في أفريقيا وشرق أوروبا، يؤكد عبد الحميد أن هذا الاتجاه غير آمن في حالة حدوث أزمة غذاء في هذه الدول، حيث بإمكان الدول المستضيفة للاستثمارات العربية اتخاذ قرار بمنع تصدير السلع الزراعية والغذائية، لتوفير الغذاء لشعوبها، وبالتالي لا يتحقق الهدف من هذه الاستثمارات بتوفير الغذاء والسلع الزراعية للشعوب العربية.

ويطالب عبد الحميد الدول العربية بتفعيل ما لديها من دراسات وأبحاث لتطوير ثروتها الزراعية، وهي كفيلة بتوفير كميات لا بأس بها من احتياجات الدول العربية.

المصدر : الجزيرة