اليورو بين انفراط العقد والركود

epa03219035 (L-R) Italian Prime Minister Mario Monti, Mario Draghi (C) the

undefined

أكد وزراء مالية الاتحاد الأوروبي تمسكهم ببقاء اليونان عضوا في منطقة اليورو، في حين أظهر استطلاع للرأي توقعات بانكماش اقتصادات المنطقة في الربع الأول من العام الحالي بسبب تفاقم أزمة الدين العام.

ووعد الوزراء في اجتماع أمس في بروكسل بالوقوف مع اليونان التي تهدد أزمتها الطاحنة بانفراط عقد اليورو، لكنهم اشترطوا استمرار أثينا في تطبيق سياسة التقشف لمنع أزمتها من التفاقم.

يونكر يعارض الانسحاب
وقال رئيس وزراء لوكسمبورغ ورئيس مجلس وزراء المالية جان كلود يونكر إن أحدا لم يحاول إخراج اليونان من المنطقة، مضيفا "إن أحدا لم يذكر خروج اليونان من المنطقة، وإنني بقوة ضد مثل هذه الخطوة".

لكن الوزراء لم يقدموا شروطا أيسر لليونان، مؤكدين أنه سواء خرجت من اليورو أو لم تخرج فإنها سوف تحتاج إلى سنوات من التقشف من أجل معالجة أزمة ديونها.

وقال وزير مالية بلجيكا ستيفن فانكير "إن انسحاب اليونان لن يحل المشكلة". وأوضح أن العودة للعملة الوطنية سيصاحبه هبوط شديد في قيمتها بسبب الوضع الحالي لليونان.

في الوقت نفسه قالت وزيرة مالية النمسا ماريا فيكتر إن اليونان تتجه نحو الخروج، مستشهدة بالصراع بين الأحزاب السياسية اليونانية المعارضة والمؤيدة لسياسة التقشف مما منعها من تشكيل حكومة ائتلافية لليوم التاسع على التوالي، وينذر بإجراء انتخابات جديدة في البلاد في الشهر القادم بعد الانتخابات التي جرت في وقت سابق من هذا الشهر.

وحاول يونكر توحيد الصف خلال الاجتماع بقوله "إنني لا أتخيل ولو للحظة انسحاب اليونان من المنطقة". لكن فيكتر وصفت الوضع بأنه "خطير".

وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية بيا أهرينكلايد هانسن إن أفضل حل لليونان وأوروبا هو بقاؤها داخل المنطقة.

لكن هذه التصريحات أيضا تناقضت مع ما ذكره رئيس المفوضية جوزيه مانويل باروسو في مقابلة تلفزيونية في الأسبوع الماضي وهو أنه "إذا لم يحترم عضو قواعد عضويته في أي منظمة أو مؤسسة فإن من الأفضل له أن يتركها".

‪(الفرنسية‬ ميركل: الأفضل لأثينا البقاء في اليورو
‪(الفرنسية‬ ميركل: الأفضل لأثينا البقاء في اليورو

وكانت تصريحات باروسو أقرب إشارة لمسؤول في الاتحاد الأوروبي على احتمال خروج اليونان من اليورو.

ألمانيا ملتزمة بموقفها
وفي ألمانيا، أكبر اقتصاد أوروبي حيث يكرر المسؤولون مطالبتهم لأثينا بالالتزام بسياسة التقشف، أصبح الحديث عن انسحاب اليونان أكثر قبولا.

وفي صفحتها الرئيسية قالت صحيفة دير شبيغل الأسبوعية "وداعا أكروبوليس"، في إشارة إلى احتمال خروج أثينا من منطقة اليورو.

وفي تصريحات له الأسبوع الماضي قال وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله إن ألمانيا تريد أن تبقى اليونان ضمن منطقة اليورو. لكن في مقابلة مع صحيفة دي فيلت أمس أكد أنه يجب على برلين أن تكون مستعدة لكل الاحتمالات.

وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس إن من الأفضل لأثينا البقاء في المنطقة.

وبدأ اقتصاديون في ألمانيا باحتساب كلفة خروج اليونان. وقال ديكا بنك إن اليونان لن تسدد قروضها لألمانيا في حال انسحابها، وإن ذلك سيكلف ألمانيا 86 مليار يورو  (110 مليارات دولار) وهي قيمة تلك القروض.

كما أصبحت الفكرة أكثر قبولا لدى أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي.

وتحدث رئيس البنك المركزي البلجيكي وعضو المجلس لوك كوين في تصريحات نشرتها صحيفة فايننشال تايمز عن "طلاق ودي" مع أثينا. وقال عضو آخر بالمجلس وهو رئيس البنك المركزي الأيرلندي باتريك هونوهان "إن انسحاب اليونان من اليورو ليس بالضرورة أمرا مميتا" ويمكن حله من الناحية الفنية.

انكماش باليورو
ويتزامن تضارب التصريحات بشأن مستقبل اليونان في اليورو مع أرقام تشير إلى أن المنطقة قد تكون سقطت في هوة الركود للمرة الثانية منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.

قال ديكا بنك الألماني إن اليونان لن تسدد قروضها لألمانيا في حال انسحابها، وإن ذلك سيكلف ألمانيا 86 مليار يورو (110 مليارات دولار) وهي قيمة تلك القروض

"

وأظهر استطلاع أجرته رويترز لمجموعة من الاقتصاديين أن الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة انكمش بنسبة 0.2% في الربع الأول من العام الحالي بعد انكماش بنسبة 0.3% في الثلاثة أشهر الأخيرة في 2011.

وطبقا للاستطلاع فإن ألمانيا من بين عدد قليل من الدول التي استطاعت الهروب من الركود وذلك بنمو يصل إلى 0.1% فقط في الربع الأول من العام الحالي.

كما شهد اقتصاد إيطاليا انكماشا بنسبة 0.6% مقارنة مع انكماش بنسبة 0.7% في الربع الأخير من العام الماضي. وانكمش اقتصاد إسبانيا أيضا في الربع الأول بنسبة 0.3%.

وحتى بالنسبة الدول الغنية الأخرى فإن اقتصادها يعاني أيضا من الانكماش. فقد شهد الربع الأول من العام الحالي انكماش اقتصاد هولندا بنسبة 0.2%.

رد الأسواق
وشهدت أسواق الأسهم الأميركية والأوروبية أمس خسائر بسبب الضبابية التي تلف الموقف اليوناني. وهبطت بورصة أثينا أكثر من 4% أمس لتضيف إلى خسائرها في الأسبوع الماضي.

وتخشى الأسواق من أن يؤدي انسحاب اليونان إلى انهيار نظامها المصرفي تحت وطأة الدين العام. يضاف إلى ذلك أن الحكومة قد تعلن إفلاسها بسبب عدم استطاعتها تسديد ديونها للدول الأوروبية الأخرى مما سيصيب النظام المصرفي الأوروبي كله بصدمة.

المصدر : وكالات