تهريب الأموال المصرية ما زال مستمرا

مطالبات ثورية برد أموال مبارك وحاشيته للشعب
undefined

أنس زكي-القاهرة

جاء الكشف عن نجاح سوزان ثابت زوجة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في تهريب أرصدة مالية للخارج حتى في ظل حكومات ما بعد الثورة التي أطاحت بزوجها، ليؤكد حسب خبراء أن السلطات المصرية فشلت في استعادة الأموال المهربة، بل فشلت كذلك في وقف تهريب أموال جديدة للخارج.

وكانت صحيفة الوطن المحلية نشرت الأربعاء تحقيقا يؤكد أن سوزان ثابت أخرجت مئات الملايين من الدولارات من مصر، كما يؤكد أنها ربما تمكنت من السفر إلى سويسرا لمتابعة الأمر على الرغم من وجود قرار قضائي بمنعها من مغادرة مصر.

وأوضحت الصحيفة أن لديها عشرات المستندات المحلية والأجنبية التي تثبت أن زوجة مبارك حولت أموالا تخص مؤسسة "سوزان مبارك الدولية للمرأة والسلام"، التي كانت أنشأتها عام 2003، وقالت الصحيفة إن هذا التحويل تم بمساعدة جهات حكومية في ظل الحكومة السابقة التي رأسها عصام شرف ثم الحكومة الحالية التي يرأسها كمال الجنزوري.

واعتبر الخبير القانوني محمد محسوب، وهو أمين المجموعة المصرية لاسترداد الأموال، أن موافقة جهات حكومية على ما حدث "يؤكد التواطؤ مع سوزان مبارك، لأن هذه الأموال كان يجب أن تعود للدولة لأنها حصيلة هبات وتبرعات"، كما أن ما حدث من شأنه أن يجر على الحكومة تهمة دولية تتمثل في تسهيل عمليات لغسيل الأموال، خاصة أنه لم يتم التحقيق بشأن كيفية الحصول على هذه الأموال.

‪فاروق: أدعو لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لاستعادة الأموال المنهوبة‬ (الجزيرة نت)
‪فاروق: أدعو لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لاستعادة الأموال المنهوبة‬ (الجزيرة نت)

مطالبة بالتحقيق
أما عضو المجموعة جمال جبريل، فعبر عن أسفه لأن مصر لم تنجح في استعادة الأموال التي هربها رموز النظام السابق، كما أن خروج كميات إضافية من الأموال ما زال مستمرا.

وحمل الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق على السلطات الحاكمة بمصر، قائلا إن عليها لو كانت تتحلى بالوطنية أن تسارع بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة يرأسها أحد القضاة على أن تكون بعيدة عن إشراف البنك المركزي الذي لم تتغير قيادته منذ عهد مبارك.

ولم يستغرب فاروق حدوث مثل هذه الوقائع في عهد حكومة شرف "لأنه استعان بوزراء من النظام السابق بل ومن المقربين لجمال مبارك نجل الرئيس المخلوع، ثم استمر الأمر إلى حد كبير في حكومة الجنزوري الحالية"، وخلص الاقتصادي إلى أن حكومتي شرف والجنزوري لم تكن لديهما الرغبة أو القدرة على اتخاذ قرارات صائبة في هذا الشأن.

واعتبر فاروق، وهو مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، أن نظام مبارك ونجله جمال ما زال يسيطر على مفاصل الحياة في مصر بعد الثورة، خصوصا في المجالات الاقتصادية وبالتحديد القطاع المصرفي.

كما عبر فاروق عن استغرابه لاستمرار شخصيات مثل مدير مكتبة الإسكندرية إسماعيل سراج الدين، حيث وصفه بأنه مقرب من سوزان مبارك التي كانت ترأس مجلس أمناء المكتبة، ويؤكد أن إدارته للمكتبة شهدت العديد من مظاهر الفساد فضلا عن قيامه بلعب أدوار للتغطية الثقافية على فساد زوجة مبارك.

استمرار النزيف
أما رئيس المبادرة الشعبية لاسترداد الأموال المنهوبة معتز صلاح الدين فقال إن مشكلة تهريب الأموال تكمن في أن الماضي كان مريرا، لكن المشكلة الأكبر هي أن الحاضر ما زال كذلك، حيث أن عمليات تهريب الأموال بشتى الطرق لم تتوقف لدرجة أن شهر مارس/آذار الماضي وحده شهد مصادرة السلطات البريطانية لأكثر من خمسين مليون دولار حاول مصريون الدخول بها من المطارات البريطانية بعد أن خرجوا بها من مصر دون رقيب أو حسيب.

صلاح الدين: تعثر ملف استعادة الأموال سببه تقاعس السلطات المصرية (الجزيرة نت)
صلاح الدين: تعثر ملف استعادة الأموال سببه تقاعس السلطات المصرية (الجزيرة نت)

وقال صلاح الدين إن خروج هذه الأموال "يتم بمساعدة شبكات عصابية وبتواطؤ من شخصيات نافذة خصوصا في المطارات والموانئ، علما بأن القوانين المصرية تحدد سقفا منخفضا لخروج الأموال مع المغادرين للخارج".

وأكد المتحدث بأن المبادرة التي يقودها قامت بجهد كبير خلال الأشهر الماضية شملت ممارسة ضغوط إعلامية وتنظيم تظاهرات في الدول التي تم تهريب الأموال المصرية إليها، وفي مقدمتها سويسرا وبريطانيا وإسبانيا والنمسا والولايات المتحدة وكندا إضافة إلى بعض دول الخليج.

تعثر الجهود
لكن صلاح الدين يرجع التعثر في استعادة الأموال إلى أن الجهود الحقيقية التي بذلت حتى الآن هي جهود قضائية وشعبية، في حين أن الأمر يتطلب بذل جهود أكبر على الجانب السياسي والدبلوماسي لأن قرارات إعادة الأموال هي قرارات سياسية في جانب كبير منها.
 
وعما إذا كان الفشل المصري في هذا الملف يرجع إلى تقاعس السلطات أو انشغالها بالتطورات المرتبكة للمرحلة الانتقالية، قال صلاح الدين إنه يعتقد بأن الأمر يرتبط بكلا السببين، مؤكدا أن مصر ما زالت تفتقد لوجود إستراتيجية منظمة تتضافر فيها مختلف الجهود من أجل استعادة الأموال التي تقدرها المبادرة بما يزيد على 225 مليار دولار.
المصدر : الجزيرة