آلاف المشروعات اليونانية تغلق أبوابها

آلاف المشروعات اليونانية تقفل أبوابها
undefined

 
شادي الأيوبي-أثينا

تتواتر الدراسات الاقتصادية التي تنظر بتشاؤم إلى الاقتصاد المحلي اليوناني، لا سيما المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي يقوم عليها اقتصاد البلاد.

فقد أصدر معهد أبحاث المؤسسات الصغيرة مؤخرا دراسة أشار فيها إلى أنه من المنتظر خلال العام الجاري أن يغلق 61 ألف مشروع صغير ومتوسط أبوابه، مما يعني تعرض 240 ألفا من العمال والموظفين للبطالة.

وقالت الدراسة إن كل عملية توظيف يقابلها سبع عمليات طرد من العمل، بينما خسرت المشروعات الباقية جزءً كبيراً من أرباحها واضطرت إلى تخفيض رواتب موظفيها.

وفي دليل على قلة السيولة، قالت الدراسة إن واحداً من كل ثلاثة مشروعات مدين لعدة جهات، في حين أن 38% منها مدين لصندوق التأمين الاجتماعي.

وقالت دراسة أخرى نشرها الاتحاد الوطني للتجارة إن القطاع خسر العام الماضي 77700 موظف أي 9.6% من مجموع الموظفين بالقطاع، وهي النسبة التي كان عليها عام 2002.

وأشارت الدراسة نفسها إلى أن التجارة لا تزال تشغّـل 18.4% من الأيدي العاملة.

ظواهر اجتماعية
وقد بدأت البطالة تفرز ظواهر اجتماعية خطيرة، مثل التشرد والانتحار والاحتجاج المسلح واحتجاز رهائن بقصد طلب وظيفة، أو احتجاجاً على الطرد منها.

حول الموضوع، قال باحث علمي بمعهد أبحاث المؤسسات الصغيرة إن 99.6% من المشروعات التجارية تنتمي إلى فئة المشروعات الصغيرة (التي تشغّل حتى خمسين موظفاً). وخلال السنوات الخمسين الماضية نما الاقتصاد معتمداً على الاستهلاك المحلي، أي على القدرة الشرائية للمواطنين التي تنخفض تباعاُ، بينما لم توجد سياسة توجيه للمشروعات من قبل الدولة والنقابات.

وأشار ذيونيسيس غرافاريس إلى أن الضرر الأكبر أصاب قطاع الصناعات التحويلية مثل صناعات الأقمشة والأغذية، كما أن المشروعات المعتمدة على السياحة أصيبت بأضرارٍ نتيجة عدم جاذبية المدن الكبرى لا سيما أثينا، بينما تعتمد مشروعات أخرى على استغلال المواقع الأثرية  للاستثمار قربها بفنادق ومطاعم ومقاه دون إضافة أو ابتكار أي شيء جديد.

كما أوضح أن مناطق شمال اليونان أصيبت بأضرار ونسبة بطالة أكبر من العاصمة نفسها، في حين امتدت الظاهرة أخيراً إلى أثينا.

كما أصابت البطالة الأعمال السياحية الموسمية بالجزر اليونانية، كذلك فإن الأزمة التي ضربت أوروبا جلبت لليونان نوعية من السياح أقل دخلاً وإنفاقا، إضافة إلى أن السياحة الداخلية ليست مربحة إذ عادةً ما تعتمد على استضافة قريب أو صديق بالمنطقة المقصودة.

القدرة الشرائية المنخفضة لليونانيين وراء إغلاق المشروعات (الجزيرة نت)
القدرة الشرائية المنخفضة لليونانيين وراء إغلاق المشروعات (الجزيرة نت)

القدرة على المنافسة

وقال إن ثلاثة أسباب تقف وراء تراجع قدرة اليونان التنافسية: المناخ الاقتصادي السيئ والمضطرب، وأزمة السيولة الحادة التي تمرّ بها حالياً، ونوعية الخدمات العامة، مرجحاً أن القطاع المصرفي سيبقى في حالة غيبوبة حتى العام القادم.

وأوضح أن تخفيض الرواتب وتعويضات المسرحين من العمل، بحجة جعل الاقتصاد أكثر تنافسية، أدى إلى نتائج عكسية، خاصة بالنسبة لصناديق التأمين الاجتماعية التي انخفض مدخولها بشكل كبير.

المحلل الاقتصادي بمجلة "إيبيكيرا" قال للجزيرة نت إن القدرة الشرائية المنخفضة لليونانيين وراء إغلاق  تلك المشروعات، وإرسال أكثر من مليون يوناني إلى البطالة.

وقال يورغوس فيليباكيس إن العاطلين من الشباب عادة ما يفكرون في السفر للخارج بحثاً عن عمل، لكن المشكلة الأكبر تقع على الذين تجاوزوا الخمسين من عمرهم، فهؤلاء يصعب عليهم إيجاد عمل باليونان، كما يصعب عليهم أن يسافروا للخارج. كما أن أصحاب العمل يفضلون الشبان الذين يمكن أن يعملوا ساعات أطول بمرتب شهري يتراوح ما بين خمسمائة و580 يورو.

وأوضح أن العاطلين في سن الخمسين قد يضطرون للتقاعد مبكراً، مما يعني حصولهم على راتب تقاعدي ضئيل يصل إلى خمسمائة يورو، بينما يصل متوسط الرواتب التقاعدية اليوم إلى ألف يورو.

وقال إن أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية مرتفعة للغاية مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى، كما أن القطاع الزراعي لا ينال حظه من دعم الحكومة، مما حول اليونان إلى بلد مستورد للمنتجات الزراعية.

المصدر : الجزيرة