بوادر على تعاف اقتصادي بمصر

epa02648991 A general view shows the trading room of the Egyptian stock market in Cairo, Egypt,
undefined

اعتبر ارتفاع مؤشر البورصة المصرية خلال الأسبوع الجاري -مسجلا أعلى مستوى له منذ يوليو/تموز الماضي- مؤشرا على أن اقتصاد البلاد بات مرشحا للتعافي السريع، بعد عام من الاضطرابات تعطل خلاله كثير من الاستثمارات.

وتمكنت البورصة مؤخرا من تعويض معظم خسائرها التي تكبدتها خلال العام الماضي، وقد ارتفع مؤشر البورصة بأكثر من 48% منذ بداية 2012 وحتى نهاية فبراير/شباط الماضي.

وتسبب تعطل العديد من الأنشطة الاقتصادية خلال الشهور الماضية في تراكم الطلب بشكل كبير على الإسكان والسلع والخدمات، لتلبية احتياجات نمو سكاني سريع، وهو ما قد يحفز الشركات على الوفاء، مما سيضع البلاد على مسار نمو اقتصادي أسرع في وقت لاحق من العام الجاري.

وستدعم اقتصادَ مصر جهودٌ حثيثة لتمويل عجز الموازنة العمومية وعجز الحساب الجاري اعتبارا من مارس/آذار الجاري، حيث من المتوقع أن يتم توقيع اتفاق قرض بين مصر وصندوق النقد الدولي بقيمة 3.2 مليارات دولار.

ومن شأن الاتفاق مع الصندوق أن يفتح الطريق أمام مصر لتقديم المزيد من المساعدات الخارجية التي وعدت بها دول أوروبية والولايات المتحدة ودول خليجية.

وكذلك سيحفز التحولُ إلى الديمقراطية واستتبابُ الأمن في مصر وانتخابُ رئيس مدني للبلاد في يونيو/حزيران القادم، الكثيرَ من المستثمرين على القدوم للبلاد.

بعض قطاعات الاقتصاد المصري تستعيد عافيتها بشكل جيد
بعض قطاعات الاقتصاد المصري تستعيد عافيتها بشكل جيد

انقشاع المخاوف
وبشأن الاقتصاد المصري، يقول الاقتصادي ببنك أكزوتيكس الاستثماري المتخصص في الأسواق الناشئة جابرييل ستيرن إنه كانت هناك مخاوف وتحذيرات خلال العام الماضي، لكن من الواضح أن الأمر سينتهي إلى حكومة تعكس إرادة الشعب.

وأضاف أن الحكومة المرتقبة ستجد سهولة أكبر في إدخال إصلاحات هيكلية لكونها في التحليل النهائي في صالح الشعب. 

ولا يزال الاقتصاد المصري يئن تحت وطأة ضبابية سياسية واضطرابات عمالية تلت الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، فقد ارتفع معدل البطالة الرسمي إلى 12.4% في الربع الرابع من العام الماضي من أصل 8.9% قبل عام، رغم أن اقتصاديين يرون في هذه النسبة تهوينا للعدد الحقيقي للعاطلين عن العمل.

غير أن بعض قطاعات الاقتصاد تستعيد عافيتها بشكل جيد، فقد عوضت إيرادات قناة السويس وصادرات النفط والغاز وتحويلات العاملين في الخارج القوية فاتورة تراجع دخل السياحة واستثمارات الشركات الأجنبية بشكل جزئي.

تراجع معدلات السياحة -التي تعد مصدرا هاما للعملة الصعبة وللتوظيف- غير مريح، لكنه لم يعد خانقا كما حدث في بداية الاضطرابات التي شهدتها مصر

السياحة
ويظل تراجع معدلات السياحة -التي تعد مصدرا هاما للعملة الصعبة وللتوظيف- غير مريح، لكنه لم يعد خانقا كما حدث في بداية الاضطرابات التي شهدتها مصر، وتراجع عدد الليالي السياحية بنسبة 18% في ديسمبر/كانون الأول الماضي من مستواه قبل عام، حسب الأرقام الحكومية، مقارنة بتراجعات شهرية تراوحت بين 30 و50% خلال فترة الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد مطلع العام الماضي.

وفي مجال أداء الشركات في مصر، حققت شركات مصرية كبيرة أداء أقوى بكثير من توقعات المحللين، فأعلنت حديد عز -أكبر مصنع للحديد في البلاد- أن صافي أرباحها في الربع الثالث من العام الماضي قفز إلى 128 مليون جنيه (21 مليون دولار) من أصل 1.65 مليون جنيه قبل عام بفضل الطلب القوي على منتجاتها.

وتشير أحدث المؤشرات إلى أن رجال الأعمال يتوقعون انتعاش الاستثمار خلال العام الجاري، إذ تقول الشركة المصرية للاتصالات -التي تتمتع باحتكار خطوط الهواتف الأرضية- إنها تخطط لإنفاق رأسمالي يتراوح بين مليار و1.2 مليار جنيه هذا العام، ارتفاعا من مبلغ 689 مليون العام الماضي.

وتحسنت آفاق الشركات العقارية التي حفزت الاقتصاد خلال العقد الأخير منذ صدور حكم قضائي في خواتيم العام الماضي أدى إلى تسوية نزاع على أراض للدولة اشترتها مجموعة طلعت مصطفى، وكان ذلك النزاع قد أثار شكوكا حول مشروعات أخرى في أنحاء القطاع.

وأعلنت شركة سوديك الرائدة في مجال التطوير العقاري أنها تخطط لزيادة استثماراتها هذا العام. وتحاول وزارة الإسكان إطلاق نشاطها ببيع 8000 قطعة أرض في أطراف القاهرة للمصريين المقيمين بالخارج.

ويقدر صندوق النقد الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي لمصر سيزيد بنسبة طفيفة خلال العام الجاري إلى 1.8%، بعدما ارتفع بنسبة 1.2% العام الماضي و5.1% عام 2010.

ويعتقد بعض الاقتصاديين أن التعافي الاقتصادي قد يمضي بوتيرة أسرع كثيرا، ويتوقع بنك أتش أس بي سي أن الناتج المحلي الإجمالي قد ينمو بنسبة 2.7% في السنة المالية الحالية التي تنتهي في 30 يونيو/حزيران، وبنسبة 3.9% في السنة المقبلة.

المصدر : رويترز