ضبابية الوضع المالي للدولة المصرية

صورة البنك المركزي المصري - المديونية المصرية تدخل دائرة الخطر - عبدالحافظ الصاوي: القاهرة

 

البنك المركزي نفى وجود حسابات سرية (الجزيرة)

 

عبد الحافظ الصاوي-القاهرة

 

تنتاب الرأي العام في مصر حالة من الحيرة والترقب حول الأوضاع المالية للدولة.

 

فبعد سقوط نظام مبارك في فبراير/ شباط 2011، تعلق الشعب المصري بأمل عودة الأموال المنهوبة والمهربة من قبل مبارك ورجال نظامه، ليتم استخدام هذه الأموال في إصلاح أوضاع الديون والفقر والبطالة، ثم اكتشف الرأي العام أن الطريق طويل.

 

ومطلع كل شهر ينتظر المصريون بيانا من المجلس العسكري بتراجع احتياطي النقد الأجنبي إلى أن وصل إلى 18 مليار دولار بعد أن كان 36 مليارا في ديسمبر /كانون الأول 2010.

 

غير أن الوكيل السابق للجهاز المركزي للمحاسبات فجر قنبلة أمام الرأي العام بتقديمه بلاغا للنائب العام الأربعاء الماضي، يفيد بوجود تسعة مليارات دولار في ثلاثة حسابات سرية بالمركزي المصري.

 

لكن البنك سارع إلى نفي هذه البيانات عبر وسائل الإعلام، وأوضح أن هذه الأموال عبارة عن إعانات من دول عربية قدمت عقب زلزال عام 1992 وتم ضمها لاحتياطي النقد الأجنبي.

 

وفي مشهد أخر أعلنت حكومة كمال الجنزوري توفير نحو 15 مليار دولار من مكافآت العاملين بالدولة لمعالجة عجز الموازنة، كما أعلن وزير المالية عزمه التوجه للاقتراض من الصناديق الخاصة بدون فوائد ورد أموالها بعد ثلاث سنوات.

 

وقد ظهرت هذه الحلول التي نادى بها الاقتصاديون منذ نجاح الثورة، ولكن كانت كلمة السر وراء هذه الخطوات حلول اجتماعات الحكومة مع بعثة صندوق النقد الدولي.

 

ضبابية مقصودة

الخبير المصرفي أحمد آدم صرح للجزيرة نت بأن الضبابية المحيطة بالملف الاقتصادي أمر مقصود، وأن الأمر لا يتعلق بالبيانات المالية فقط، ولكن معظم الزوابع السياسية التي تمت بعد الثورة هي مقصودة لإلهاء المجتمع عن متابعة الملف الاقتصادي وبخاصة الوضع المالي للدولة.

 

حمدي عبدالعظيم: الضبابية ستزول مع ممارسة البرلمان الجديد أعماله (الجزيرة نت)
حمدي عبدالعظيم: الضبابية ستزول مع ممارسة البرلمان الجديد أعماله (الجزيرة نت)

 

ويضرب آدم مثالا واحدا فقط لهذه الضبابية عما يسمى بالاحتياطيات الدولارية غير الرسمية، والتي أظهرتها بيانات البنك المركزي في أكتوبر/ تشرين الأول 2010 بنحو عشرة مليارات دولار، والتي اعتمد عليها محافظ المركزي فيما بعد ليعلن أنه قد وضع جانبا نحو عشرة مليارات  دولار لمواجهة خروج أموال الأجانب من البورصة بعد الثورة.

 

ويوضح آدم أن الأموال التي خرجت من البورصة كانت في حدود ستة مليارات  أو سبعة مليارات دولار، وبالتالي فمن الواجب ألا تؤثر على رصيد احتياطي النقد الأجنبي، وذلك وفق تصريحات محافظ المركزي. ولكن بعد ذلك تم اكتشاف اختفاء هذا الرقم وخصم تحويلات الأجانب من احتياطي النقد الأجنبي.

 

وحول بلاغ الوكيل السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، يرى آدم أن هذه البيانات صحيحة وتمت الإشارة إليها على صفحات الجرائد المصرية بعد الثورة ولم يتحرك أحد سواء بالتحقيق أو النفي.

 

تضارب البيانات

البيانات المنشورة من قبل المسؤولين الحكوميين تؤكد وجود الضبابية حول الوضع الاقتصادي والمالي في مصر. فمثلا عجز الموازنة أعلنت عنه ثلاثة أرقام هي 134 و163 و184 مليار جنيه، فأي الأرقام يصدقها الشعب؟ صرح بذلك للجزيرة نت أستاذ الاقتصاد والعميد الأسبق لأكاديمية السادات حمدي عبدالعظيم.

 

وأضاف عبد العظيم أنه في الوقت الذي تتضارب فيه بيانات عجز الموازنة يتم الإعلان عن إصدار أذون وسندات خزانة بنحو 170 مليار جنيه.

 

ويوضح أن نفس الشيء ينطبق على بيانات البطالة التي أعلنت بعد الثورة فهناك أرقام تشير إلى أنها 21%، وأخرى 11.7%، وثالثة 12%.

 

غير أن عبد العظيم يؤكد أن هذه الضبابية سوف تزول مع ممارسة البرلمان الجديد أعماله الرقابية، وسوف تتضح الصورة بجلاء عن حقيقة الوضع المالي مع مجيء الحكومة المعبرة عن نتائج الانتخابات البرلمانية، حيث ستصارح الشعب بحقيقة الوضع المالي وبيان حجم تركتها الثقيلة.

المصدر : الجزيرة