ماذا يعني خفض تصنيف أميركا؟

General view of the House Chamber as US President Barack Obama delivers the annual State of the Union address to a joint session of Congress at the Capitol in Washington on January 25, 2011.
قد لا يوجد احتمال للتوصل إلى حل للموازنة قبل الانتخابات القادمة (الفرنسية)

سارع المسؤولون اليابانيون اليوم إلى تعزيز الثقة في الدين الأميركي بعد يوم واحد من إقدام مؤسسة التصنيف الائتماني ستاندرد أند بورز لأول مرة على خفض تصنيف دين الولايات المتحدة الطويل الأجل من مستقر إلى سلبي.

 
وحذرت المؤسسة من نتائج خطيرة إذا أخفق المشرعون الأميركيون في التوصل إلى صفقة يستطيعون من خلالها السيطرة على العجز الكبير في الموازنة الاتحادية.
 
وتحتفظ الدول الآسيوية بتريليونات الدولارات من الدين الأميركي بسبب كبر حجم تجارتها مع الولايات المتحدة.
 
وقال وزير المالية الياباني يوشيهيكو نودا في مؤتمر صحفي إن "الولايات المتحدة تتخذ خطوات مختلفة على الصعيد المالي، وإننا لا نزال نعتقد أن سندات الخزانة الأميركية تعتبر جذابة لنا".
 
وفي تصريح مماثل قال وزير المالية الياباني كاورو يوسانو إن "مستثمرين كثيرين في العالم ما زالوا يرغبون في شراء السندات الأميركية".
 
وبلغت قيمة الاحتياطات الأجنبية لدى اليابان 1.12 تريليون دولار بنهاية الشهر الماضي منها 886 مليار دولار من السندات الأميركية، في حين بلغت هذه الاحتياطات لدى الصين ثلاثة تريليونات دولار، معظمها أيضا من السندات الأميركية.
 
قلق بالأسواق
وجاء خفض التصنيف الائتماني لدين الولايات المتحدة في وقت تشعر فيه الأسواق بقلق شديد إزاء احتمال إعادة هيكلة اليونان ديونها.
 
وإذا طلب المستثمرون عائدات أعلى على الدين الأميركي فإن هذا يعني ارتفاعا في معدل الفائدة عليه وارتفاعا أيضا في الفائدة على القروض في الدول التي تحتفظ بالسندات الأميركية.
 
هبطت أسواق المال الأميركية بعد خفض تصنيف الولايات المتحدة (الفرنسية)
هبطت أسواق المال الأميركية بعد خفض تصنيف الولايات المتحدة (الفرنسية)
وقد أصبح احتياطي الصين من العملات الأجنبية كبيرا لدرجة أنه أضحى يهدد برفع معدل التضخم، كما أنه جعل الصين رهينة  للاستثمار في السندات الأميركية، وهو السوق الوحيد الكبير والقادر على استيعاب هذا الحجم من السيولة.
 
وقال رئيس مركز الصين لأبحاث الصرف الأجنبي لي جيي إن تحذير مؤسسة ستاندرد أند بورز للولايات المتحدة دق أجراس الخطر في الصين.
 
وأضاف أن الخسارة جراء هبوط قيمة السندات قد تضطر الصين إلى خفض احتياطاتها منها.
 
وأعرب عن اعتقاده بأن السندات تشكل 70% مما لدى الصين من الاحتياطات المقومة بالدولار، وقد تلجأ بكين إلى خفض النسبة إلى أقل من 50%، لكن ذلك لن يحدث دون هبوط قيمة السندات الأميركية في السوق.
 
وقد يلفت خفض تصنيف الولايات المتحدة النظر إلى احتياطات اليابان من السندات الأميركية أيضا والتي قد تزيد مع سعي طوكيو إلى الحصول على تمويل لإعادة بناء ما دمره الزلزال.
 
وسوف تسعى الحكومة اليابانية إلى الحصول على موازنة إضافية بقيمة 4 تريليونات ين (48.4 مليار دولار) من أجل إعادة البناء، وهو أول قسط من عدة مراحل متوقعة للإنفاق على هذه العملية.
 
وكانت ستاندرد أند بورز خفضت تصنيف اليابان الائتماني إلى سالب أي أي بسبب تضخم الدين العام الذي يصل إلى أكثر من ضعفي حجم الناتج المحلي الإجمالي البالغ خمسة تريليونات دولار.
 
الحل السياسي
وفي الولايات المتحدة يأمل المستثمرون أن يؤدي خفض تصنيف واشنطن إلى زيادة الضغوط على البيت الأبيض والكونغرس للتوصل إلى خفض لعجز الموازنة، حيث إن الفشل في ذلك سيؤدي إلى وقف في تمويل الموازنة الاتحادية التي ستصل في مايو/أيار القادم إلى السقف المسموح من خلاله للحكومة بالاقتراض.
 

"
ستاندرد أند بورز لا ترى احتمالا كبيرا في التوصل إلى اتفاق بشأن خفض العجز قبل الانتخابات العامة التي ستجرى في نوفمبر/تشرين الثاني 2012

"

وقال البيت الأبيض في الأسبوع الماضي إنه يعتزم خفض عجز الموازنة بمقدار 4 تريليونات دولار في 12 عاما القادمة من خلال خفض الإنفاق وزيادة الضرائب. لكن الجمهوريين في الكونغرس يريدون خفضا أعمق وعدم زيادة الضرائب.
 
ويبدو أن الخلاف بين الجانبين عميق، لكن أريهورو ناغاتا رئيس قسم تجارة السندات في بنك سوميتومو ميتسوي يقول إن خفض تصنيف الولايات المتحدة قد يدفع الجانبين للتوصل إلى حل.
 
وقالت مؤسسة ستاندرد أند بورز في بيانها أمس إن غياب حل قد يدفعها إلى خفض التصنيف الاستثماري للحكومة في العامين القادمين. ويعني خفض تصنيف ثلاثة أي الذي تتمتع به صعوبة حصولها على قروض.
 
تقريع أوباما والكونغرس
ويقول محللون إن خفض التصنيف الائتماني لواشنطن يمكن تفسيره على أنه تقريع للرئيس باراك أوباما وللمشرعين الأميركيين، ودفعهم إلى طرح السياسة جانبا والخروج بخطة مالية طويلة الأمد في أقرب فرصة ممكنة.
 
ويقول روبرت بيكسبي مدير تآلف كونكورد -وهي مجموعة غير حزبية تعمل على خفض العجز بالموازنة الأميركية- إن ذلك كان بمثابة تحذير من ستاندرد أند بورز للإدارة الأميركية والكونغرس. فلم يحدث قط أن أقدم المحللون في مؤسسة التصنيف ولو مرة واحدة على استخدام توقعاتهم لخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة.
 
ويقول رئيس قسم الاستثمار في هاريس برايفيت بنك، جاك ألبين إن التصنيف الائتماني للولايات المتحدة يعتبر أمرا مقدسا، وإن المشرعين سيسعون إلى تجنب خفض التصنيف بكل ما أوتوا من قوة.
 
لكن ستاندرد أند بورز لا ترى احتمالا كبيرا في التوصل إلى اتفاق بشأن خفض العجز قبل الانتخابات العامة التي ستجري في نوفمبر/تشرين الثاني 2012.
المصدر : وكالات