ضبابية أزمة القروض العقارية وحجم الانكماش الأميركي المتوقع

REUTERS/Homes are advertised for sale at a new housing subdivision in San Marcos, California,
آلاف الأميركيين حصلوا على قروض للمساكن ولا يستطيعون تسديدها (رويترز-أرشيف)
 
رغم الهدوء الظاهري لتداعيات أزمة القروض العقارية الأميركية العالية المخاطر على اقتصاد الولايات المتحدة وعلى أسواق العالم، فإن المخاوف لا تزال بادية لدى المراقبين والمستثمرين لأن آثار الأزمة لم تنجل بعد لمعرفة حجمها.
 
ودفع ذلك وزير الخزانة الأميركي السابق لاري سامرز إلى التأكيد أنه من المبكر جدا الإعلان عن انتهاء الأزمة المالية المتعلقة بالقروض العقارية، مشيرا إلى احتمالات تراجع اقتصادي حاد في الولايات المتحدة.
 
ولم يستبعد سامرز في تصريح لشبكة التلفزيون الأميركية "أي بي سي" الأحد خطر حدوث انكماش سيكون الأعلى منذ المرحلة التي تلت هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 رغم تدخل الاحتياطي الفدرالي الأميركي عدة مرات للتعويض عن ضغط عمليات البيع الكبيرة إثر انهيار سوق الرهن العقاري.
 
ورغم التحسن النسبي في الأسواق والعودة الجزئية إلى الوضع الطبيعي الأسبوع الماضي، فإن الوزير الأميركي السابق أعرب عن اعتقاده بأنه من المبكر جدا القول إن الأزمة انتهت.
 
فلا تزال مفاجأة جديدة أخرى في القطاع المالي –بحسب سامرز- متوقعة، إضافة إلى أنه لم يتح الوقت الكافي لتقويم التأثير الحقيقي الذي سينجم على الاقتصاد بسبب غياب المعرفة بحجم أزمة القروض وعملية توفير فرص عمل في الاقتصاد الأميركي.
 
واتسق هذا التشخيص مع آراء المحللين الاقتصاديين، إذ رأى ديف شيلوك في فايننشال تايمز يوم الجمعة أن هناك إشارات جديدة إلى عودة الشعور بالخطر إلى الأسواق المالية مجددا، وهو ما انعكس على سلوك مستثمرين باتوا يفضلون العمل في أصول واضحة ويتخذون مواقف جديدة بشأن أوضاعهم بالبورصات.
 
وذكرت إيكونومست أمس الأحد أنه رغم حجم الإغاثة التي نفذتها البنوك المركزية في العالم بضخ مليارات الدولارات في الأسواق لتوفير السيولة بعد الأزمة إضافة إلى تدخل الاحتياطي الفدرالي الأميركي، فإنه لم يعرف بعد حجم الخسائر التي أصابت الأصول، الأمر الذي لا يزال يجعل المستثمرين محجمين عن استعادة نشاطهم السابق.
 
كرة الثلج المتدحرجة

"
الخبير الاقتصادي مجدي صبحي: خسارة قطاع العقارات الأميركي دفع المستثمرين إلى سحب أموالهم من البورصات لتغطية مراكزهم المالية في أماكن أخرى، وهو ما انعكس سلبا على الأسواق المالية بالعالم وحجم النشاط الاقتصادي بالولايات المتحدة خاصة وخارجها
"

المحلل الاقتصادي مجدي صبحي أبلغ الجزيرة نت بأن المشكلة بالفعل تتمثل في عدم ظهور تداعيات الأزمة التي لا تزال مثل كرة الثلج المتدحرجة. إذ إن حدوث تراجع في القطاع العقاري الأميركي الضخم الذي تساهم فيه صناديق استثمار وبنوك عالمية في عدة قارات، يمكن أن يحدث أزمة ائتمان عالمية تبدأ من الولايات المتحدة. وأشار إلى أن التدخل السريع للبنوك المركزية والاحتياطي الفدرالي الأميركي حال بالفعل دون تفاقم الأزمة.

 
وقال صبحي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية إن خسارة هذا القطاع دفع المستثمرين إلى سحب أموالهم من البورصات لتغطية مراكزهم المالية في أماكن أخرى، وهو ما انعكس سلبا على الأسواق المالية بالعالم وحجم النشاط الاقتصادي بالولايات المتحدة خاصة وخارجها.
 
لكن الخبير الاقتصادي توقع أن تمر الأزمة عموما بسلام خاصة مع ظهور إحصاء في يوليو/تموز الماضي يفيد بزيادة الطلب على المساكن بالولايات المتحدة، وهو ما سجل انتعاشا أكثر من المتوقع، لكنه توقع أيضا أن يحدث انكماش جزئي بالاقتصاد الأميركي خلال الربع الأخير من العام الحالي.
 
يشار إلى أن الأزمة أسفرت عن خروج عدد كبير من الشركات الأميركية التي كانت تعمل في القروض العقارية من قطاع الأعمال، في حين تراجعت أسهم عدد كبير بمقدار النصف أو يزيد. كما انعكست الأزمة سلبا على آلاف الأميركيين الذين حصلوا على قروض ولا يستطيعون تسديدها بما يهدد بفقدهم منازلهم.
المصدر : الجزيرة