خلافات ومخاوف تؤجل مناقشة قانون النفط العراقي

قانون النفط العراقي الجديد

محمود عبد الغفار

 
بعد انتقادات واتهامات ومطالبات بعدم مناقشته، أرجأ البرلمان العراقي في جلسته الأخيرة مناقشة مشروع قانون النفط والغاز بعدما شهدت الجلسة خلال قراءته الأولى خلافات بين أعضاء المجلس طغى فيها صوت المعارضين.
 
وتراوحت الآراء ما بين رافض لتوقيت الطرح في ظل الاحتلال والتدهور الأمني ومؤكد بأنه يمثل تبديدا لثروات البلاد، في حين رأى آخرون أنه ثغرة لدخول الشركات الأجنبية والسماح لها بالتوسع تمهيدا للسيطرة على مقاليد الاقتصاد العراقي.
 
وقد دعا حسين الفلوجي من جبهة التوافق -وسط تأييد آخرين- إلى تأجيل مناقشة مشروع القانون وتشكيل لجنة من البرلمان تعقد جلسة استماع بحضور متخصصين في مجال الاستثمارات النفطية واقتصاديين من العراق ودول أخرى للمناقشة وتحديد مدى المنفعة المتحققة للاقتصاد العراقي في حال إقرار القانون أو إجراء تعديلات عليه وبما يتفق مع مواد الدستور.
 
ويعطي مشروع القانون الحق للشركات الأجنبية في الاستثمار على أساس نظام "اتفاقات تقاسم الأرباح أو الإنتاج" المعروف باسم "بي.أس.أي"، وبذلك سيكون العراق أول دولة في الشرق الأوسط تعتمد هذه الطريقة في اجتذاب الشركات النفطية الكبرى، في الوقت الذي تعمل فيه روسيا وفنزويلا حاليا على الخروج من هذا النظام.
 
تقاسم الإنتاج
وذكر تقرير لصحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية أن التجارب أثبتت أن نظام بي.أس.أي يحقق مصالح الشركات الأجنبية أكثر مما يحقق مصلحة شعوب البلدان المنتجة للنفط.
 
كما يحدد مشروع القانون كيفية توزيع العائدات على أقاليم البلاد أو بالأحرى على الطوائف والأعراق -كما ذكرت كريستيان ساينس مونيتور- وهو ما أثار مخاوف قوى عراقية من أن يعمق ذلك الاحتقان الطائفي والعرقي.
 
ويأتي تأجيل جلسة البرلمان بعد أيام قليلة من تحذير هيئة علماء المسلمين في العراق من إقرار القانون، إذ خيرت النواب بين الانحياز إلى الشعب في المحافظة على حقه وحق أجياله القادمة من الهدر والاستغلال، وبين الانحياز إلى المحتل ومؤامراته للاستيلاء على الثروة الوطنية الكبيرة.
 
وطالب خبراء نفط عراقيون بعد اجتماع لبحث مشروع القانون في فبراير/ شباط الماضي بتأجيله لأن فيه ثغرات كبيرة لا تصب في مصلحة الشعب العراقي منها الأزمة الأمنية.
 
علي المشهداني أثناء مشاركتهفي برنامج
علي المشهداني أثناء مشاركتهفي برنامج "بلا حدود"

الخبير النفطي العراقي الدكتور علي المشهداني قال في حوار مع الجزيرة الشهر الماضي إن مشروع القانون لا يخدم مصلحة الشعب العراقي على الإطلاق، وأكد أنه سيمهد لسرقة الثروة النفطية لأنه قائم على إعطاء الحق للشركات الأجنبية للاستثمار في النفط بحجج واهية، منها أنه ليس للعراق أموال في حين يجرى تصدير مليوني برميل يوميا، ما يعني بالأسعار الحالية نحة 44 مليار دولار في السنة.

 
كما عقد اتحاد نقابات العمال في شركة نفط الجنوب العراقية مؤتمراً في مدينة البصرة حضره أكثر من 500 من المعنيين بشؤون النفط، محذرين الشركات الأجنبية من دخول مواقع عقود تقسيم الإنتاج.
 
ووصفوا في بيان لهم مَن يسعون لإقرار القانون بأنهم نخبة من العملاء يسعون لتقديم الثروة النفطية العراقية إلى أسيادهم من الشركات الاحتكارية.
 
وكانت صحيفة ذي إندبندنت البريطانية نشرت تقريراً يوم 7 يناير/ كانون الثاني الماضي ذكرت فيه أن المشروع يُطلِق يد الشركات الأجنبية في السيطرة على نفط العراق وسيجعل احتياطي النفط رهينة بأيدي الشركات الأميركية والبريطانية مثل إكسون موبيل وشل وبريتش بتروليم.
 
وذكرت مصادر غربية أن القانون يعطي الشركات النفطية الأميركية والبريطانية الحق في السيطرة على 75% من أرباح النفط.
 
واتهم مدير معهد الشرق الأوسط بجامعة كولومبيا الأميركية رشيد خالدي الأميركيين بالضلوع في تدبير هذا القانون، في حين أشارت ذي إندبندنت إلى أن القانون أعده الرئيس الأميركي جورج بوش عام 2003 مع الرئيس السابق لشركة شل فيليب كارول الذي أصبح الآن رئيساً للجنة المكلَّفة لمساعدة الحكومة العراقية في تشريع الصناعة البترولية.
المصدر : الجزيرة + وكالات