اتحاد المغرب العربي.. الحلم المؤجل

اتحاد المغرب العربي UMA - الموسوعة
اتحاد يضم دول المغرب العربي، أنشئ رسميا عام 1989 بهدف توحيد الجهود للنهوض بالمنطقة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، غير أن المشاكل العويصة بين المغرب والجزائر عرقلت مسيرته.

التأسيس والنشأة
ظهرت فكرة الاتحاد المغاربي قبل موجة استقلال جل الدول العربية، وتبلورت في أول مؤتمر للأحزاب المغاربية الذي عقد في مدينة طنجة بتاريخ 28-30 أبريل/نيسان 1958 والذي ضم ممثلين عن حزب الاستقلال المغربي، والحزب الدستوري التونسي، وجبهة التحرير الوطني الجزائرية.

وبعد الاستقلال كانت هناك محاولات تعاون وتكامل بين دول المغرب العربي، مثل إنشاء اللجنة الاستشارية للمغرب العربي عام 1964 لتنشيط الروابط الاقتصادية، وبيان جربة الوحدوي بين ليبيا وتونس عام 1974، ومعاهدة مستغانم بين ليبيا والجزائر، ومعاهدة الإخاء والوفاق بين الجزائر وتونس وموريتانيا عام 1983.

وأخيرا كان اجتماع قادة المغرب العربي بمدينة زرالده في الجزائر يوم 10 يونيو/حزيران 1988، وصدر بيان زرالده الذي أوضح رغبة القادة في إقامة الاتحاد المغاربي وتكوين لجنة تضبط وسائل تحقيق وحدة المغرب العربي.

أعلن عن قيام اتحاد المغرب العربي في 17 فبراير/شباط 1989 بمدينة مراكش من قبل خمس دول هي المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا. 

الأهداف
نصت معاهدة إنشاء الاتحاد المغاربي على الأهداف التالية:

-توثيق أواصر الأخوة التي تربط الأعضاء وشعوبهم بعضهم ببعض.

-تحقيق تقدم ورفاهية مجتمعاتهم والدفاع عن حقوقها.

-المساهمة في صيانة السلام القائم على العدل والإنصاف.

-انتهاج سياسة مشتركة في مختلف الميادين.

-العمل تدريجيا على تحقيق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال فيما بينها. 

وأشارت وثيقة المعاهدة إلى أن السياسة المشتركة تهدف إلى تحقيق الأغراض التالية:

 –في الميدان الدولي: تحقيق الوفاق بين الدول الأعضاء وإقامة تعاون دبلوماسي وثيق بينها يقوم على أساس الحوار. 

 –في ميدان الدفاع: صيانة استقلال كل دولة من الدول الأعضاء.

في الميدان الاقتصادي: تحقيق التنمية الصناعية والزراعية والتجارية والاجتماعية للدول الأعضاء واتخاذ ما يلزم من وسائل لهذه الغاية، خصوصا بإنشاء مشروعات مشتركة وإعداد برامج عامة ونوعية في هذا الصدد.

في الميدان الثقافي: إقامة تعاون يرمي إلى تنمية التعليم على جميع مستوياته والحفاظ على القيم الروحية والخلقية المستمدة من تعاليم الإسلام السمحة وصيانة الهوية القومية العربية، واتخاذ ما يلزم من وسائل لبلوغ هذه الأهداف، خصوصا بتبادل الأساتذة والطلبة وإنشاء مؤسسات جامعية وثقافية ومؤسسات متخصصة في البحث تكون مشتركة بين الدول الأعضاء.

الهيكل التنظيمي
حسب اتفاقية التأسيس يتكون الاتحاد من أجهزة تشريعية وتنفيذية وقضائية على النحو التالي:

مجلس الرئاسة
يتألف من رؤساء الدول الأعضاء وهو أعلى جهاز في الاتحاد، ولإجماع رؤساء الدول الأعضاء فقط سلطة اتخاذ القرار. ويتناوب رؤساء الدول الأعضاء على رئاسة المجلس لمدة سنة.

مجلس وزراء الخارجية
مهمته التحضير لدورات مجلس الرئاسة والنظر في اقتراحات لجنة المتابعة واللجان الوزارية المتخصصة وتنسيق السياسات والمواقف في المنظمات الإقليمية والدولية.

ويتكون المجلس من الوزراء المكلفين بالشؤون الخارجية في بلدان الاتحاد، ويشترط حضور جميع الأعضاء لصحة عقد دورته العادية الاستثنائية بدعوة من الرئاسة أو بناء على طلب أحد الأعضاء.

لجنة المتابعة
تتألف من الأعضاء الذين تم تعيين كل واحد منهم في مجلس وزراء دولته أو لجنته الشعبية العامة لمتابعة شؤون الاتحاد، وتقوم لجنة المتابعة بمتابعة قضايا الاتحاد بصفة تكاملية مع بقية هيئات الاتحاد، وتعمل بالتنسيق مع بقية الهيئات لا سيما مع الأمانة العامة واللجان الوزارية المتخصصة تفاديا للازدواجية، بينما تعرض لجنة المتابعة نتائج أعمالها على مجلس وزراء الخارجية.

اللجان الوزارية المتخصصة
عمل مجلس رئاسة الاتحاد على إنشاء عدة لجان وزارية في قراره بتاريخ 23 يناير/كانون الثاني 1990 كالآتي: يكون لاتحاد المغرب العربي أربع لجان وزارية متخصصة هي:

أولا- لجنة الأمن الغذائي:
تهتم بقطاعات الفلاحة والثروة الحيوانية، والمياه والغابات، والصناعات الفلاحية والغذائية، واستصلاح الأراضي، والصيد البحري، وتجارة المواد الغذائية، والبحث الزراعي والبيطري، والبيئة، ومؤسسات الدعم الفلاحي.

ثانيا- لجنة الاقتصاد والمالية:
تهتم بميادين التخطيط، والطاقة، والمعادن، والتجارة، والصناعة، والسياحة، والمالية، والجمارك، والتأمين والمصارف وتمويل الاستثمار، والخدمات، والصناعة التقليدية.

ثالثا- لجنة البنية الأساسية:
تهتم بقطاعات التجهيز والأشغال العمومية، والإسكان والعمران، والنقل والمواصلات، والبريد، والري.

رابعا- لجنة الموارد البشرية:
تهتم بمجالات التعليم، والثقافة، والإعلام، والتكوين، والبحث العلمي، والشؤون الاجتماعية، والتشغيل، والرياضة، والشبيبة، والصحة، والعدل، والإقامة وتنقل الأشخاص، وشؤون الجالية المغاربية.

وتقوم اللجان الوزارية المتخصصة بالتعاون مع لجنة المتابعة والأمانة العامة بوضع التصور للخطط والجداول الزمنية اللازمة لتنفيذ برنامج عمل الاتحاد المصادق عليه من طرف مجلس الرئاسة.

وكذلك تتكون اللجان الوزارية المتخصصة من الوزارات والأمانات الشعبية المعنية حسب القطاعات التي تدخل في مهامها، كما تتفرع عن اللجان الوزارية المتخصصة مجالس وزارية قطاعية وفرق عمل حسب ما يقتضيه عملها، وعليها الاستعانة بذوي الخبرة والكفاءات المغاربية.

وتعرض اللجان الوزارية المتخصصة نتائج أعمالها على مجلس وزراء الخارجية وتمارس نشاطها بالتنسيق مع لجنة المتابعة والأمانة العامة.

الأمانة العامة
للاتحاد أمانة عامة مقرها العاصمة المغربية الرباط، وحسب المعاهدة التأسيسية تتكون من أمين عام يعينه مجلس الرئاسة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ومن عدد كاف من الموظفين ينتدبهم الأمين العام قدر الحاجة من بين مواطني الاتحاد على أساس الكفاءة والولاء لأهداف الاتحاد والتوزيع العادل بين الدول الأعضاء ووفقا للوائح الداخلية للأمانة العامة. وتقوم الأمانة العامة بالمهام الأساسية التالية:

 1 العمل على تنفيذ قرارات مجلس رئاسة اتحاد المغرب العربي بالتنسيق مع سائر أجهزة الاتحاد.

 2 المساهمة في إعداد الخطط التنفيذية لبرنامج عمل الاتحاد بالتعاون مع لجنة المتابعة.

 3 إعداد البحوث والدراسات وتوفير المعلومات والوثائق، وإبداء الرأي المتخصص مع الاستعانة وعلى وجه الأولوية وعند الاقتضاء بالكفاءات المغاربية.

 4 إعداد التقارير الدورية حول التقدم الحاصل في بناء الاتحاد.

5 الاضطلاع بأعمال السكرتارية لمجلس الرئاسة ومجلس وزراء الخارجية ولجنة المتابعة واللجان الوزارية المتخصصة بالتعاون مع البلد المضيف وتوثيق هذه الأعمال.

 6 حفظ وثائق ومستندات الرئاسة ومجلس وزراء الخارجية ولجنة المتابعة واللجان الوزارية المتخصصة ومجلس الشورى والهيئة القضائية وكل مستند رسمي للاتحاد بما فيها وثائق المصادقة على الاتفاقيات الجماعية المبرمة في إطار الاتحاد.

7 العمل على التنسيق بين الأجهزة الاتحادية المتخصصة في المجالات الإعلامية والتوثيق، بهدف تكوين رصيد متطور من المعلومات الإحصائية والمرجعية عن الدول الأعضاء في مختلف القطاعات وأوجه نشاط العمل الاتحادي, وجعلها متاحة للممارسين.

 8 ربط الصلة بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية والأمانات العامة للتجمعات العربية لتحديد ميادين التعاون تعزيزا للعمل العربي المشترك, والتعاون مع التجمعات المماثلة الأفريقية والتجمعات والمنظمات الدولية الأخرى وذلك بالتنسيق مع أجهزة الاتحاد.

 9 ربط الصلة بالجمعيات الشعبية والمنظمات غير الحكومية لدعم مسيرة الاتحاد.

مجلس الشورى
ويمثل مجلس الشورى الجهاز التشريعي للاتحاد, ويتألف من عشرين عضوا عن كل دولة عضو في الاتحاد يقع اختيارهم من الهيئات النيابية للدول الأعضاء أو وفقا للنظم الداخلية لكل دولة. ويبدي مجلس الشورى رأيه فيما يحيله عليه مجلس الرئاسة من مشاريع وقرارات، كما له أن يرفع لمجلس الرئاسة ما يراه من توصيات لتعزيز عمل الاتحاد وتحقيق أهدافه. ويتكون المجلس من اللجان الوزارية المتخصصة.

الهيئة القضائية
تتألف من قاضيين عن كل دولة تعيّنهما الدولة المعنية لمدة ست سنوات، ويتم تجديد نصف الهيئة كل ثلاث سنوات، ورئيس الهيئة ينتخب من بين أعضائها لمدة عام ومقرها نواكشوط.

وهي تختص بالنظر في النزاعات المتعلقة بتفسير وتطبيق المعاهدات والاتفاقيات المبرمة في إطار الاتحاد التي يحيلها إليها مجلس الرئاسة أو إحدى دول الأطراف في النزاع، وتكون أحكام الهيئة ملزمة ونهائية، وتقوم كذلك بتقديم الآراء الاستشارية في المسائل القانونية التي يعرضها عليها مجلس الرئاسة. 

الأكاديمية المغاربية للعلوم
تم تأسيس الأكاديمية المغاربية للعلوم في طرابلس لإقامة إطار للتعاون بين مؤسسات البحث العلمي والتكوين العالي في بلدان الاتحاد وبينها وبين المؤسسات المماثلة بالوطن العربي والبلدان الأجنبية، وتطبيق سياسة بحث علمي وتكنولوجي مركزة على الجوانب التنموية المشتركة بين أقطار الاتحاد باعتبار الوسائل والإمكانيات المتوافرة، وتهدف كذلك إلى تمكين الباحثين في الاتحاد من المشاركة في تطوير العلوم واستيعاب التقنية وتوظيفها بطريقة مؤثرة في الأوساط العلمية والتقنية.

جامعة المغرب العربي
تتكون الجامعة من وحدات جامعية مغاربية موزعة على دول اتحاد المغرب العربي حسب مقتضيات مهمتها والإمكانيات المتوفرة في كل منها, ومقرها طرابلس. وتهدف الجامعة المغاربية إلى تكوين طلبة السلك الثالث والباحثين في المجالات ذات الأولوية التي يقرها مجلس إدارة الجامعة.

المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية
وقعت اتفاقية إنشاء المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية بين دول اتحاد المغرب العربي بتاريخ 10 مارس/آذار 1991، ومقره تونس. يهدف المصرف إلى المساهمة في إقامة اقتصاد مغاربي مترابط ومندمج، ومن ذلك إعداد وإنجاز وتمويل المشاريع ذات المصلحة المشتركة الفلاحية والصناعية وغيرها في البلدان المغاربية، وكذلك في تشجيع انسياب رؤوس الأموال وتوظيفها في المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية والمردود المالي، وتنمية المبادلات التجارية والمدفوعات الجارية المترتبة عنها.

مشاكل وعراقيل
فشل الاتحاد المغاربي منذ تأسيسه في تحقيق الأهداف التي أنشئ لأجلها، حيث تسببت خلافات سياسية بالأساس في جعله كيانا إداريا ليس إلا.

وفي مقدمة تلك العراقيل مشكل الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو التي تطالب بانفصال الصحراء.

فالمغرب ما فتئ ينتقد جارته الشرقية الجزائر ويتهمها بدعم البوليساريو سياسيا وماليا وعسكريا، فيما تؤكد الجزائر أنها تدعم الشعب الصحراوي في سعيه لإقرار حقه في تقرير مصيره بالصحراء بناء على أن القضية ما تزال تناقش بأروقة الأمم المتحدة للفصل فيها.

وبعد سنوات من المعارك المستمرة بين المغرب والبوليساريو، وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار برعاية أممية عام 1991، هدأت الأوضاع لفترة وجيزة بين الرباط والجزائر قبل أن تتأزم مجددا عام 1994 بعد هجوم وقع بأحد فنادق مدينة مراكش اتّهمت عناصر من أصل جزائري بالتورط فيه، ما دفع المغرب إلى فرض التأشيرة على الجزائريين، فردت الجزائر بالمثل، وأغلقت الحدود بين البلدين.

وإلى جانب هذا المشكل المفصلي الذي يعرقل عمل الاتحاد المغاربي، فإن هناك مشكلا ثانيا ساهم في تأزيم عمل الاتحاد، فليبيا في أيام معمر القذافي استاءت كثيرا من عدم دعم الاتحاد المغاربي لها إبان أزمة لوكربي والتداعيات التي خلفتها طيلة سنوات، ما دفع بطرابلس إلى التوجه نحو القارة الأفريقية، وانخرطت في مسلسل طويل لإيجاد أرضية سياسية توافقية مع رؤساء عدد من الدول الأفريقية، بديلا عن اتحاد المغرب العربي وحتى الجامعة العربية.

كما أن العلاقات بين تونس وليبيا لم تكن على ما يرام منذ 1974 تاريخ توقيع اتفاق وحدة اندماجية بين الطرفين، سرعان ما تنصلت منها تونس لبروز خلافات واسعة مع العقيد الليبي الراحل القذافي، ما تسبب في توتر علاقات البلدين.

المصدر : الجزيرة