أغلفة جديدة لروايات نجيب محفوظ تحير القراء.. دعوة لمواكبة العصر أم تشويه للتاريخ؟

روايات نجيب محفوظ - أغلافة قديمة وحديثة المصدر: مواقع التواصل الاجتماعي
أغلفة قديمة لروايات أديب "نوبل" نجيب محفوظ (مواقع التواصل)

القاهرة – لا تزال الأغلفة الجديدة لروايات الكاتب الكبير نجيب محفوظ تثير الكثير من الجدل في الأوساط الأدبية والثقافية، ويتجدد الجدل مع طرح كل غلاف جديد لرواية من روايات أديب نوبل، ومنها "اللص والكلاب"، "ثرثرة فوق النيل"، "أفراح القبة"، "قلب الليل"، وآخرها "الحرافيش"، مع الإعلان عن قرب طرح ثلاثيته الشهيرة.

وكانت مؤسسة ديوان للنشر المصرية قد حصلت على حقوق نشر روايات محفوظ بعد انتهاء عقد دار الشروق مع أسرته نهاية العام الماضي، وطرحت "ديوان" أول أغلفة روايات أديب "نوبل" نجيب محفوظ، وهو لرواية "اللص والكلاب"، ولوحة الغلاف للفنان محمد مصطفى، ثم توالت في الإعلان عن أغلفة المزيد من الروايات تباعا.

ديوان ترد

وردّت مؤسسة ديوان على الجدل الكبير بتعريف جمهور القراء بمصممي الأغلفة الجديدة الفنانين يوسف صبري ومريم الرويني ومحمد مصطفى، ونشر سيرهم الذاتية على صفحتها على فيسبوك، والإشارة إلى الأغلفة التي صمموها.

من جانبها، علقت مديرة النشر ومؤسسة دار "ديوان" ليال رستم بأن الدار قررت طرح أعمال محفوظ بشكل جديد، وتمت الاستعانة بمجموعة فنانين ليشاركوا في عمل أغلفة رواياته، ليصل عالم محفوظ إلى الجيل الجديد.

ودافعت رستم عن الفنان محمد مصطفى مصمم الأغلفة المثيرة للجدل "ثرثرة فوق النيل"، و"أفراح القبة"، و"اللص والكلاب"، وقالت إنه فنان عالمي واعٍ حاصل على العديد من الجوائز، وقدم "تصورا فنيا لا نستطيع التدخل فيه ما دام أنه لا يتعارض مع قيم المجتمع".

أذواق شخصية

وخلال عددها الصادر هذا الأسبوع نشرت مجلة روز اليوسف حوارا مع مصمم الأغلفة الفنان محمد مصطفى الذي توقع حالة الجدل حول الأغلفة.

وأشار مصطفى إلى أن التجربة حملت شيئا من التجديد في الرؤية لأعمال محفوظ، ولكنه لم يجد ملاحظات فنية دقيقة في الآراء التي انتقدت أغلفته، مضيفا أن "أغلب التعليقات تعبر عن أذواق ووجهات نظر شخصية".

التجديد والتجريب والمخاطرة

في المقابل، انتقدت الكاتبة نهى الشاذلي الهجوم الكبير على الأغلفة الجديدة، واعتبرت أن هذه الأغلفة ليست موجهة لمن اعتاد على روايات محفوظ بأغلفتها القديمة، فمن يملك هذه الروايات في مكتبته لن يذهب لشرائها ثانية.

وكتبت الشاذلي رأيها في خضم حالة الجدل التي انتابت مواقع التواصل الاجتماعي بين أوساط المثقفين والقراء.

وأضافت أن الجمهور لن يلبث أن يعتاد على الأغلفة الجديدة، ولا يمكن تقييد الفن بمنظر واحد وذوق واحد "وأنا مع التجديد، مع التجريب، مع المخاطرة، مع كسر المألوف، ومع الفن بكل أشكاله".

بعيدة عن الإبهار والوقار

بدوره، يرى الناقد الفني مجدي الطيب أن التصاميم الجديدة ابتعدت عن روح الروايات، ولم تحافظ على "الإبهار" الذي كانت عليه أغلفة الفنان الكبير جمال قطب، أو "الوقار" الذي اتسمت به أغلفة الفنان الكبير حلمي التوني، لكن دار النشر الجديدة قدمت أغلفة صادمة، سواء في تعبيرها الفج والمباشر عن عناوين وروح الروايات، أو سطحية وخواء.

وأضاف الطيب -في منشور على صفحته عبر فيسبوك- أن الدار لا بد أن تضع في حساباتها الضجة التي اندلعت، ولا بد أن تعيد نظرها في تصميم أغلفة الطبعات الجديدة، لأن المشروع الذي أطلقته الدار "من أجل تمديد أثر الأديب العالمي وفتح نوافذ جديدة لكل إبداع أصيل ومميز لا يعني محو الهوية والجذور مثلما لا يعني أبدا القول إن "مصر أفلست"، على حد تعبيره.

 تاريخ طويل

وقد تعاقب عدد من كبار الفنانين على تصميم أغلفة روايات محفوظ، أبرزهم الفنان التشكيلي الراحل جمال قطب (1931-2016)، واشتهرت أغلفته مع روايات محفوظ التي تنشرها مكتبة مصر، وتقدم بورتريهات فنية لأبطال الروايات وشخصياتها المحورية، ولا سيما الشخصيات النسائية في هذه الروايات، مثل أغلفته لروايتي "الحرافيش"، و"زقاق المدق".

كما صور الفنان جمال كامل شخصيات محفوظ برسوماته المستوحاة من الواقع على صفحات مجلة "صباح الخير" الصادرة عام 1956، لتعيش بها شخصيات محفوظ بحسها الشعبي وروحها المتقدة، وعلى عكس أغلفة المجلة التي وضع فيها الرسام وجوه بنات القاهرة الجديدة في الجامعة والعمل والنوادي حية نضرة راح يرسم شخصيات ساخرة في المتن مع تعليقات أكثر سخرية كما تصفه جريدة اليوم السابع المصرية.

وخلال العقد الأخير اشتهرت روايات محفوظ الصادرة عن دار الشروق برسومات الفنان حلمي التوني، وساعدت رسوماته التعبيرية البسيطة واختياراته لألوان الأغلفة في تجديد دماء أدب محفوظ وارتباط الأجيال الجديدة بها.

المصدر : الجزيرة