"العاشرة بتوقيت واشنطن".. هل تغادر الرواية العراقية عالم الحروب إلى خيال التكنولوجيا؟

غلاف رواية العاشرة بتوقيت واشنطن
رواية "العاشرة بتوقيت واشنطن" صدرت حديثا للروائي العراقي باسم القطراني (مواقع التواصل)

في روايته الثانية "العاشرة بتوقيت واشنطن"، يحاول الروائي العراقي باسم القطراني أن يمزج بين الحقيقة والخيال العلمي من خلال الحديث عن القلق الذي يلفّ العالم عبر شخصيات متناقضة تتصادم مع بعضها البعض، وحرّكهم السارد بطريقته الخاصة عبر القص الماورائي (ميتا سرد) أو التخييل فوق التخييل الأصلي الذي يكسر الحاجز بين الواقع والخيال.

ثمة شخصيتان في الرواية: الكاتب الحقيقي الذي يريد إنقاذ العالم، والمزيّف الذي يسعى لخرابه، والأخير يخطّط للوصول إلى فكّ شفرات الحقيبة النووية للرئيس الأميركي، لكي تبدأ الحرب الكونية الجديدة.

الروائي جعل الشخصيات تمتلك قابلية التحوّل لتلعب أدوارا مختلفة في ما يشبه السفر عبر الزمن أو صنع المستقبل وفق تصورات غرائبية.

عوالم ورقية وحقيقية

وصدر للقطراني عدد من القصص، منها: "إنفلونزا الصمت" و"بقعة زيت" و"ذاكرة المقهى" و"قبل نهاية العالم بدقيقة"، وصدرت له رواية بعنوان "متحف منتصف الليل".

القطراني اعتمدت على الخيال العلمي بما يشبه السفر عبر الزمن أو المس أو الجنون ( الجزيرة )
القطراني: اعتمدت على الخيال العلمي لخلق عوالم ورقية وأخرى حقيقية (الجزيرة)

ويقول عن روايته الأخيرة إن "القارئ سيشعر كأنها كتبت على يد 3 كتاب، إذ يتنازل الأول عن كتابتها احتجاجا، فيتسلمها آخر، وفي النهاية هناك كاتب ثالث يعمد إلى هدم البنية الأساسية بطريقة مفاجئة، لهذا جعل الثيمة والتكنيك مختلفين، حيث يمتطي الكاتب الغرائبية والعجائبية عبر أساليب ما وراء السرد وبمزاج مشوق ومدهش للقارئ".

ويرى الروائي أن عمله يناقش "القلق الذي يلف هذا العالم، فيعمد كاتبها إلى محاولة اختراق المنظومة الكبرى وفك شفرات الحقيبة النووية من خلال قوى جديدة تحاول أن تنفذ إلى الواجهة افتراضيا أو حقيقيا"، ويضيف أنه اعتمد على الخيال العلمي بما يشبه السفر عبر الزمن أو المس أو الجنون، مما أدى إلى خلق عوالم ورقية وأخرى حقيقية".

ويتحدث عن بطل الرواية قائلا إنه "كامل ضاحي، وهو شخصية حقيقية يسعى لإكمال نظرية أينشتاين على اعتبار أن الأخير قد توقّف عند الجاذبية"، أما الشخصيات الأخرى فإنها "تمتلك القابلية على التحوّل لكي تلعب أدوارا مختلفة لصنع المستقبل وفق تصوّرات غرائبية".

المألوف وغير المألوف

ويقول الناقد علوان السلمان عن الرواية إنها "تقوم على هدم البنية الحكائية وتفتيت معناها، بتجاوز مبناها التقليدي، والاتكاء على العجائبي الذي يخترق حدود المعقول والمنطقي والتاريخي والواقعي".

ويرى السلمان أن قدرة الكاتب تتجلّى في ابتكار الشخصيات وتوظيف الخيال والواقع معا، ببراعة وإتقان يكشفان عن تميّزه ببناء لغوي رصين عبر توظيف ألفاظ موحية شفيفة وتداخل المألوف واللامألوف.

ويزيد بقوله إن الرواية اعتمدت على "أفكار مستمّدة من المعتقدات الشعبية ومن عنف الواقع والمتخيّل، الشيء الذّي أضفى على العمل السردي سمات الغرابة والمتعة في آن واحد".

السلمان القطراني قدّم رواية تقوم على أسلوبين سرديين هما الغرائبية والعجائبية ( الجزيرة )
السلمان: الرواية قائمة على أسلوبين سرديين هما الغرائبية والعجائبية (الجزيرة)

ويرى أن القطراني "قدّم رواية تقوم على أسلوبين سرديين هما الغرائبية والعجائبية" ويمضي بقوله إنه اتّبع "تقنية مكّنته من تناول ما هو مألوف في الواقع بشكل غير مألوف".

والقطراني -المولود في البصرة- حصل على جوائز عديدة؛ منها الجائزة الأولى لإذاعة ومؤسسة الأمل، والجائزة الأولى لمسابقة جريدة العشار وكذلك الجائزة الأولى لمسابقة وزارة التربية.

الفضاء المفتوح

وترى الناقدة منتهى عمران العيداني أن "الرواية العراقية بدأت تغادر منطقة الحروب وتداعياتها وتدخل عالم التكنولوجيا والخيال والتعاطي مع الواقع الحالي، وتتجه نحو المستقبل والخروج من البيئة الضيقة إلى العالم الأوسع".

وهو الأمر الذي تراه العيداني من خلال رواية القطراني الذي أخذ قارئه "إلى عالم مختلف جمع بين الواقع والخيال؛ فبطل الرواية شخصية حقيقية لا تزال تعيش في البصرة لتكون جزءا من لعبة سردية خيالية يقودنا فيها من البصرة إلى واشنطن بأسلوب سلس ومقنع وغير متطرف".

العيداني الروائي قدم لعبة سردية خيالية قادنا فيها من البصرة إلى واشنطن بأسلوب سلس ومقنع ( الجزيرة)
العيداني: الروائي قدم لعبة سردية خيالية قادنا فيها من البصرة إلى واشنطن بأسلوب سلس ومقنع ( الجزيرة)

والرواية -كما تقول الناقدة العراقية- "تحتوي على تحركات بوليسية واستخباراتية يسيطر فيها العلم وهذا خط جديد في الرواية العراقية"، وتعتقد أن القطراني "كان متأثرا بأسلوب الروائي الأميركي دان براون".

وتتحدث عن لغة الرواية وتقول إنها "بعيدة عن التكلف وتخلو سردياته من التعقيد وتميل إلى الفضاء المفتوح ولا تنغلق على الذات الفردية، بل يعتمد البؤرة الجمعية كوسيلة لاكتمال الصورة السردية في جميع الشخصيات لا بشخصية بطل واحد".

وترى العيداني أن "اللغة في الرواية لم تكن إلا عاملا مساعدا قويا في حبكة الرواية ونقطة انطلاق في رحلة الكاتب السردية التي انشغلت بهذا العالم المتموضع، رغم سعته، تحت رحمة زر أحمر صغير يدوسه في أية لحظة مجنونة أصبع صغير لرجل امتلك سلطة تخوله ذلك فيدمر المعمورة وبكل بساطة".

المصدر : الجزيرة