"مدونة اللغة العربية المعاصرة".. مشروع سعودي يستهدف إعلاء عرش لغة الضاد عالميا

مجمع الملك سلمان يسعى إلى تعزيز مكانة ودور اللغة العربية إقليمياً وعالمياً (الصحافة السعودية)
مجمع الملك سلمان يسعى إلى تعزيز مكانة ودور اللغة العربية إقليميا وعالميا (الصحافة السعودية)

رغم كونه حديث النشأة والتأسيس، يواصل مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية جهوده من أجل حمايتها ونشرها ومتابعة سلامة استعمالاتها في المجالات المختلفة، إضافة إلى توحيد المرجعية العلمية داخليا فيما يتعلق بلغة الضاد وعلومها.

كما يسهم المجمع عبر منتجات متنوعة ووسائل تعليمية جديدة ومبتكرة، في تعزيز مكانة ودور اللغة العربية إقليمياً وعالمياً، إلى جانب العناية بتحقيق الدراسات والأبحاث والمراجع اللغوية ونشرها، وتشجيع العلماء والباحثين والمختصين في اللغة العربية.

وفي سبيل ذلك، أعلن مجمع الملك سلمان قبل أيام عن إنشاء مشروع مدونة اللغة العربية المعاصرة، لتكون أهم المصادر اللغوية الداعمة لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، وبناء التطبيقات الحاسوبية.

وتعمل المدونة على رصد الظواهر اللغوية، وتحليل اللغة عبر منصة إلكترونية متخصصة، تسهل البحث والاسترجاع والتحليل، والاستفادة منها في اختبار نماذج الذكاء الاصطناعي وتدريبها.

ومن المرتقب أن تركز المدونة على اللغة العربية المعاصرة في آخر 100 سنة، لتكون الأساس لمعجم حديث للغة العربية، يخدم القارئ العربي والمتعلم والباحث في حوسبة اللغة.

تعزيز المصادر اللغوية

والمدونة اللغوية هي نصوص إلكترونية تجمع لغرض معين بناء على معايير خارجية، والمقصود بالمعايير الخارجية أي التي ليس لمحتوى النص علاقة بها، مثل أوعية النشر أو تاريخ النشر، أي أنه يتم وضع المعايير التي تناسب الغرض ثم يعقب ذلك البحث عن النصوص التي تحقق هذه المعايير بغض النظر عن المحتوى.

وتختلف الأغراض التي على أساسها تبنى المدونة، فالمدونات في الأساس تبنى لدراسة اللغة أو لبناء النماذج الحاسوبية لها، علما بأن المدونة اللغوية ليست مكتبة إلكترونية لاستعراض وقراءة النصوص.

ويسعى قطاع الحوسبة اللغوية في مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية إلى تعزيز المصادر اللغوية التي تسهم في تسريع وتيرة البحث العلمي في اللغة العربية، ورفع موثوقية المنهجيات العلمية المستعملة فيها، وذلك من خلال توفير مصادر لغوية موثوقة للاستعمال والتحليل اللغوي.

وضمن نطاق حوسبة اللغة العربية، تظهر الحاجة الملحة إلى وجود بيانات لغوية ذات جودة عالية وحجم كبير يتناسب مع الوظائف والمهام المعدة لها تلك البيانات، فضلا عن السعي لأن تكون المدونة من المصادر اللغوية المعتبرة لتسهل توظيف الذكاء الاصطناعي وبناء التطبيقات الحاسوبية ورصد الظواهر اللغوية وتحليل اللغة عبر منصة إلكترونية متخصصة.

300 مليون كلمة

ومن أبرز أهداف مدونة اللغة العربية المعاصرة: بناء مصدر لغوي يمثل اللغة العربية المعاصرة وفق معايير تصميم محددة، ودعم الأبحاث اللغوية واستخراج المعلومات بطريقة ميسرة للباحث عن الظواهر اللغوية، بالإضافة إلى تيسير توظيف الذكاء الاصطناعي لبناء أدوات ذكية ونماذج حاسوبية مبنية على المدونة.

ووفقًا لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، تحتوي المدونة اللغوية المعاصرة على 300 مليون كلمة تمثل عينة متوازنة للغة العربية المعاصرة، كما تنقسم إلى أطر زمنية وجغرافية وأوعية وموضوعات مختلفة، كما تحتوي على مواد منطوقة ومكتوبة.

ويقول الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الدكتور عبد الله الوشمي "يأتي إنشاء المدونة ليتواكب مع أهداف المجمع الإستراتيجية، وسعيه الحثيث إلى تحقيق المرجعية العالمية في مجالات اللغة العربية وتطبيقاتها، ورسالته المتمثلة في إعلاء مكانة اللغة العربية عالميًّا، وتكثيف إسهامها التقني في تنمية المجالين العلمي والثقافي، بما يتواءم ومستهدفات رؤية المملكة 2030".

وأكد الوشمي -في تصريح صحفي- أن هناك حاجة ملحة إلى وجود بيانات لغوية ذات جودة عالية وحجم كبير يتناسب مع الوظائف والمهام المتوقعة، وهو ما قاد المجمع إلى بدء العمل في المدونات اللغوية بوصفها من المصادر المنهجية ذات الموثوقية العالية في البحث العلمي المتصل باللغات.

عبد الله الوشمي يؤكد أن إنشاء مدونة اللغة العربية المعاصرة يهدف إلى تحقيق المرجعية العالمية في مجالات اللغة العربية وتطبيقاتها( السوشيال ميديا)
الوشمي يؤكد أن إنشاء مدونة اللغة العربية يهدف إلى تحقيق المرجعية العالمية (مواقع التواصل)

نمط علمي

وأوضح أن جزءا رئيسيا من رسالة المجمع يتجه إلى تطوير اللغة والمحافظة عليها، والبناء على المنجزات التقنية والتطبيقات المتنوعة للوصول إلى تحديث للغة العربية ضمن ضوابط اللغة وقياساتها المعروفة.

ويشير الوشمي إلى أنه في مجال عمل المجمع تتنوع مسارات العمل من التخطيط اللغوي إلى البرامج التعليمية إلى البرامج الثقافية، إلى الحوسبة اللغوية التي يعنى المجمع بتأصيل العمل بها عبر مجموعة من البرامج أولها المدونة والمعاجم اللغوية.

وينبه إلى أن المدونة اللغوية نمط علمي ثقافي يسعى إلى توفير مجموعة ضخمة جدا من المفردات والكلمات والجمل الشائعة والمتداولة، يبنى عليها رصد الظواهر اللغوية.

ويضيف أن رصد المفردات والحزم اللغوية يتوقف على حجم المدونة وطبيعة الروافد المزودة لها، لافتا إلى أنه لو تم التدقيق في مدونة خاصة بمجال التجارة على سبيل المثال، فيمكن الخروج بمجموعة من الظواهر والملاحظات اللغوية التي ترتبط بالسوق والاقتصاد وغيرها.

وعن دور مجمع الملك سلمان في تمكين اللغة العربية ودعم حضورها في المجال العلمي والعلوم المختلفة، يقول الوشمي إن المجمع يعمل في مسارات متنوعة، ومنها مسار التخطيط اللغوي الذي يعنى بأن تكون البرامج والرؤى والأنشطة والفعاليات المعنية باللغة العربية منطلقة من رؤية علمية تجاه هذه القضايا.

جدير بالذكر أن مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية أنشئ بقرار من مجلس الوزراء السعودي في سبتمبر/ أيلول 2020، ويتضمن مشروعات رئيسة ضمن برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج رؤية المملكة 2030 الرامية إلى تعزيز دور اللغة العربية إقليمياً وعالمياً، ونشرها وحمايتها.

ويسعى المجمع إلى أن يكون مرجعية عالمية في مجالات اللغة العربية وتطبيقاتها، عبر نشر الأبحاث والكتب المتخصصة باللغة العربية، واختبارات اللغة العربية ومعاييرها، والذكاء الاصطناعي في اللغة العربية، والمؤتمرات والمعارض، والمدونات والمعاجم، ومراكز تعليم اللغة العربية، والحملات الإعلامية المعززة لقيمة اللغة العربية ودعم إثراء المحتوى العربي.

المصدر : الجزيرة