باحثون: الأصول الأنجلوسكسونية كانت "مختلطة ومتغيرة"

anglo-saxon; art; engraved; engraving; frankish; illustration; king; line; magnificent; magnificent victory; retro; shield; siegbert; siegeberht; sigbert; sigeberht; sigebert; sigibert; victory; vintage; win
قدم الأنجلوسكسون الذين منحوا بريطانيا هويتها وحكموها 6 قرون من شمال ألمانيا وجنوب إسكندنافيا (شترستوك)

توصلت دراسة نشرتها المجلة العلمية "بلوس ون" (PLOS ONE) حديثا إلى أن أصول الأنجلوسكسون الأوائل -وهو موضوع لطالما أثار جدلا- ضمّت مهاجرين من أوروبا القارية فضلا عن سكان أصليين من بريطانيا العظمى.

والأنجلوسكسونيون هم مجموعة ثقافية عاشت في إنجلترا منذ القرن الخامس الميلادي بعد هجرتها، وتعود أصول كثير من اللغة الإنجليزية الحديثة إلى لغتهم القديمة، وتكشف الدراسة الجديدة عن خطأ فكرة النقاء العرقي لتلك الشعوب التي تشكلت من مزيج وخليط سكاني قديم.

ففي المرحلة ما بين القرنين الخامس والسابع الميلادي، استقر ناطقون باللغة الجرمانية قدموا من أوروبا القارية في جزيرة بريطانيا العظمى، وضمّ هؤلاء شعوب الأنجل والسكسون والجوت، وأدى ذلك إلى تكوين المجموعة العرقية الأنجلوسكسونية وإلى تطور اللغة الإنجليزية ومملكة إنجلترا في وقت لاحق.

واللغات الجرمانية هي فرع من عائلة اللغات الهندية-الأوروبية، وتعدّ سلفا للإنجليزية والألمانية، واشتقت منها أيضا اللغات النرويجية والدانماركية والسويدية والآيسلندية وغيرها.

هجرة أم غزو؟

وتصف بعض النصوص التاريخية هجرة الأنجلوسكسون بأنها "غزو" إذ حلّ المهاجرون القاريون محل السكان الأصليين، ولكن هناك أدلة أثرية تعارض هذه الرواية وتؤكد أن العديد من الأنجلوسكسونيين في بريطانيا العظمى كانت أصولهم في واقع الأمر محلية، حسب مجلة القرون الوسطى (medievalists).

وقد ألهمت الدراسة الأخيرة كيمبرلي بلومب الباحثة بجامعة سيمون فريزر (Simon Fraser) الكندية حيث سعت هي وزميلاها كيث دوبني ومارك كولارد إلى تحديد أصل الأنجلوسكسون بمقارنة تركيبة جماجمهم مع جماجم الأفراد الأصليين والقاريين (من أوروبا).

واستخدموا من أجل ذلك تقنية التحليل ثلاثية الأبعاد لمقارنة 236 هيكلا عظميا من المقابر الأنجلوسكسونية الأولى والوسطى (410-899 م) ومواقع ما قبل العصور الوسطى في إنجلترا (800 قبل الميلاد-410 م) ومواقع العصر الحديدي في الدانمارك (800 قبل الميلاد-399 م).

وتشير النتائج إلى أنه كان بين الهياكل العظمية الأنجلوسكسونية الأولى نسبة تراوح بين 25% و33% منهم من أصول محلية، في حين بلغت هذه النسبة بين 50% و70% في الهياكل العظمية الأنجلوسكسونية الوسطى.

لغة وثقافة

وأكدت الدراسة أن الأنجلوسكسون يتألفون من أفراد من أصول محلية وقارية وأن نسبة الاثنين تغيرت بمرور الزمن ربما بسبب الاختلافات في أنماط الهجرة، وهي نتائج تتعارض مع بعض البيانات السابقة من النصوص التاريخية فضلا عن تحليلات النظائر والجينات.

ويقترح معدّو الدراسة أن تقوم الدراسات المستقبلية في هذا المضمار بأخذ عينات من مجموعة أوسع من الجماجم وفحص مزيد من مناطق الهياكل العظمية، وذلك قد يوفر مزيدا من المعلومات ويسلط الضوء أكثر على مسألة الأصل الأنجلوسكسوني.

وتؤكد الباحثة بلومب أن "علماء الأنثروبولوجيا القديمة اكتشفوا أنه عند تحليل قاعدة الجماجم البشرية بالتقنية ثلاثية الأبعاد، فذلك يمكّن من تتبع العلاقات بين البشر بطريقة مشابهة للحمض النووي القديم".

وتضيف "بناء على ذلك جمعنا بيانات ثلاثية الأبعاد من مجموعات هياكل عظمية مؤرخة تأريخا مناسبا من بريطانيا والدانمارك، ثم حللنا البيانات لتقدير أصل الأفراد الأنجلوسكسونيين في العينة".

وحسب البروفيسور كولارد فإن "هذه النتائج تخبرنا بأن الأصل الأنجلوسكسوني كان مسألة لغة وثقافة وليس مسألة علم وراثة".

أما البروفيسور دوبني فيرى أن النتائج التي توصل إليها فريق البحث تظهر أن "الممالك الأنجلوسكسونية في العصور الوسطى المبكرة ببريطانيا كانت متشابهة تشابها لافتا للنظر مع بريطانيا المعاصرة، ممتلئة بأناس من أصول مختلفة يتشاركون لغة وثقافة واحدة".

شعوب أوروبية

وتشير الموسوعة البريطانية إلى أن الأنجلوسكسون كانوا من نسل 3 شعوب جرمانية مختلفة هي الأنجلو، والسكسون، والجوت، وهذه الشعوب هاجرت أصلا من شمال ألمانيا إلى جزيرة بريطانيا في القرن الخامس بدعوة من فورتيجرن، حاكم بريطاني الأسطوري، لمساعدته على الدفاع عن مملكته لصدّ غارات وغزوات الذين احتلوا ما هو الآن أسكتلندا.

وكان الأنجلوسكسون يمثلون في الواقع مزيجًا من الشعوب الجرمانية مع سكان سلتيك البريطانيين الذين كانوا هناك سابقا وأضيف إليهم أيضا الغزاة الدانماركيون والفايكنغ اللاحقون.

وتحدثت شعوب الممالك الأنجلوسكسونية المختلفة لهجات مميزة تطورت بمرور الوقت وأصبحت تُعرف معًا باسم اللغة الإنجليزية القديمة. وضمن هذا التنوع من اللهجات، ظهرت أدبيات عامية غنية مثل القصيدة الملحمية الرائعة بياولف وغيرها من المخطوطات التي تغطي الأحداث في تاريخ إنجلترا المبكر.

واستمرت الحقبة الأنجلوسكسونية من أوائل القرن الخامس الميلادي حتى عام 1066، وحكموا بريطانيا قرابة 6 قرون بعد الرومان الذين تركوا فراغا في السلطة ملأه الوافدون الأنجلو-سكسون القادمون من شمال ألمانيا وجنوب إسكندنافيا قبل أن يهزمهم الحكم النورماندي في معركة هاستينغز عام 1066.

وبينما كان البريطانيون الأصليون مسيحيين، ظل الأنجلوسكسون وثنيين، ولكن مع نهاية القرن السادس الميلادي أرسل البابا غريغوري الكبير (540-604) القديس أوغسطين لتحويل الأنجلوسكسون إلى المسيحية، وتحولت الممالك الأنجلوسكسونية السبع تدريجيا إلى المسيحية لترتبط شعوبها بالمسيحية حتى في موطنها القبلي الأصلي في شمال ألمانيا وجنوب إسكندنافيا.

المصدر : الجزيرة