الجزيرة للدراسات يصدر كتابا جديدا عن صورة الدولة الحديثة في مخيال الحركات الإسلامية

صورة الدولة الحديثة في مخيال الحركات الإسلامية المغرب وتونس نموذجًا
كتاب "صورة الدولة الحديثة في مخيال الحركات الإسلامية المغرب وتونس نموذجا" يتناول تجربتي حركة التوحيد والإصلاح المغربية والنهضة التونسية (الجزيرة)

صدر عن مركز الجزيرة للدراسات كتاب جديد بصيغة رقمية، بعنوان "صورة الدولة الحديثة في مخيال الحركات الإسلامية المغرب وتونس نموذجا"، لمؤلفته الدكتورة فوزية طلحا.

يتناول الكتاب، بالرصد والتحليل والمقارنة، صورة الدولة الحديثة في أدبيات حركة "التوحيد والإصلاح" المغربية، وحركة "النهضة" التونسية، قبل وبعد اشتراكهما في الحكم.

ويطرح الكتاب جملة من الأسئلة أبرزها: كيف تبدو صورة الدولة في مخيلة مفكري هاتين الحركتين وقادتهما؟، وما الذي طرأ على هذه الصورة من تغيير بعد خوض غمار العمل السياسي وتجربة المشاركة في الحكم؟، وإلى أي حد اقترب أو ابتعد خطابهما النظري عن التطبيق بعد الوقوف عمليا على تعقيدات الدولة الحديثة وتحدياتها؟.

ويرجع سبب اختيار المؤلفة لحركة "التوحيد والإصلاح" المغربية مع حزبها "العدالة والتنمية"، ولحركة "النهضة" التونسية، نموذجين للدراسة، لما تمثلانه -وفقا لما جاء في الكتاب- من نهج وسطي معتدل، ولا سيما بعد مراجعاتهما الفكرية واتجاههما نحو التصالح مع الدولة الحديثة، وإيمانهما بالإصلاح من داخل مؤسسات هذه الدولة لا من خارجها.

تجربة عملية

وشكلت التجربة السياسية لـ"التوحيد والإصلاح" و"النهضة" -تضيف المؤلفة- اختبارا حقيقيا لخطابهما وتمثلاتهما حول الدولة، خاصة بعد أن أتيحت لهما فرصة المشاركة في الحكم بعد ثورات الربيع العربي، حيث اختبرا عن قرب طبيعة الدولة الحديثة، وأدركا كنه حقيقتها التي تتطلب التكيف مع مبادئها ومؤسساتها.

كما وضعت تجربة المشاركة في الحكم هاتين الحركتين الإسلاميتين أمام تحديين كبيرين -وفقا للمؤلفة- يتجلى الأول في اختبار قدرتهما على تنزيل رؤيتهما الإسلامية في السياسة والحياة عموما على دولة قامت على أسس حداثية. أما التحدي الثاني، فيتمثل في اختبار مدى قدرتهما على النجاح في تسيير مؤسسات الدولة في ظل سيطرة الخطاب الأخلاقي والديني على أدبياتهما، وكذلك في ظل خصوصية نظام الحكم في كلتا الدولتين، المغرب وتونس.

لهذا تخلص المؤلفة إلى أن تجربة الإسلاميين في الحكم تغري بخوض غمار البحث والتنقيب في أدبيات هاتين الحركتين الإسلاميتين، لمعرفة معالم الصورة الذهنية التي رسمها مفكروهما ومنظروهما عن الدولة الحديثة، والوقوف على مكامن القوة ونواحي الضعف فيها، وإمكانات تنزيل هذه التصورات وتلك الرؤى على أرض الواقع، إلى جانب رصد التطور الذي عرفه خطاب هاتين الحركتين في اتجاه التصالح مع الدولة الحديثة، وقياس مدى نجاحهما في الانسجام والتوافق مع الدولة الحديثة سواء على مستوى الخطاب أو الممارسة.

والمؤلفة فوزية طلحا، هي أستاذة وباحثة مغربية في الفكر السياسي الإسلامي، حاصلة على الدكتوراه في الفلسفة والفكر الإسلامي من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وقد نشرت العديد من الدراسات في مجالات متنوعة تربوية وسياسية، كما نشرت مجموعة من الإبداعات القصصية وشاركت في ندوات دولية ووطنية.

ويمكن تصفح الكتاب وتحميله من خلال الرابط.

تصنيف الإسلاميين

وقالت المؤلفة إن موضوع الدولة وشكلها وطبيعتها يكتسي أهمية كبرى في الفكر العربي المعاصر لأن تغير معالم المنطقة العربية ارتبط بتغير شكل الحكم والدولة، خاصة بعد سقوط نظام الخلافة وتثبيت نموذج الدولة القطرية الحديثة التي تميزت بمحاكاتها على مستوى الشكل نموذج الدولة الغربية.

وقسمت المؤلفة في مقدمة كتابها الحركات الإسلامية التي استهدف مشروعها الأساس استرجاع حكم الشريعة الذي عصفت به علمانية الدولة الحديثة، إلى نوعين من الحركات، هما الحركات الحالمة في أدبياتها باستنساخ نموذج حكم الخلافة فيما نظرت للدولة القطرية الحديثة باعتبارها نموذجا مفرّقا لوحدة الأمة الإسلامية، مما جعلها ترفضها شكلا وجوهرا.

والنوع الثاني يشمل الحركات الحالمة ببناء نموذج للدولة الإسلامية الحديثة التي تحاكي على مستوى الشكل النموذج الغربي في السيادة على رقعة جغرافية محددة معترفة بذلك بنظام القطرية، ولكنها تستلهم على مستوى الجوهر قيم الدين الإسلامي، إلا أنها تحرص في الوقت ذاته على التوافق مع مبادئ الحداثة انسجاما مع طبيعة الدولة الحديثة.

وترى الكاتبة أن حركة التوحيد والإصلاح المغربية وحزبها العدالة والتنمية، وحركة النهضة التونسية يعدان نموذجين للنوع الثاني الذي اعتبرت أنه يمثل الوسطية والاعتدال.

وأشارت المؤلفة لدراسات سابقة تناولت موضوع علاقة الإسلاميين بالدولة الحديثة، وذكرت منها كتاب "الدولة المستحيلة" لوائل حلاق، والذي رصد فيه إمكانات قبول أو إنشاء الإسلاميين لدولة حديثة، ليتوصل إلى خلاصات من أهمها استحالة تحقيق ذلك لأن طبيعة هذه الدولة المادية وأسسها الحداثية تتناقض مع ما نظّر له الفكر الإسلامي منذ سنين طويلة، وما يؤاخذ عليه في هذه الدراسة أنه أوصد الباب أمام أية محاولة لإنشاء دولة حديثة إسلامية.

كما تناول المؤلف والسياسي الكويتي إسماعيل الشطي العلاقة نفسها بين الإسلاميين والدولة، من خلال كتابه "الإسلاميون والدولة الحديثة"، والذي بيّن فيه التحديات والصعوبات التي تواجه الإسلاميين في حكم الدولة الحديثة، مركزا على المجتمع الدولي الغربي المتحكم في شؤون الدول العربية والإسلامية وسياساتها المختلفة.

واعتبرت المؤلفة أن دراسة الشطي تميزت بطرح جدي وسليم للعوائق الحقيقية التي تواجه التيارات الإسلامية في حكم الدولة الحديثة، ومع ذلك انتقدت طغيان ما اعتبرته روح الاستسلامية للواقع دون طرح أي بديل مقنع لتجاوز هذه التحديات والمعيقات.

وذكرت المؤلفة أن المنهج المعتمد في دراستها هو المنهج الوصفي التحليلي، لرصد الظاهرة المدروسة من كل الجوانب وتمحيصها وفحصها حيث يتم تحليل ونقد الخطاب الذي يعكس تمثلات الحركات الإسلامية للدولة الحديثة، سواء الخطاب الشفهي أو المكتوب، من مصادره الأصلية، إلى جانب تفعيل آلية المقارنة للخروج بنتائج علمية مهمة.

المصدر : الجزيرة