عملية سنجق.. وثائقي للجزيرة بلقان يتناول معاناة البوشناق بين صربيا والجبل الأسود

تم إنتاج وثائقي "عملية سنجق" بشكل مشترك بين شركة (Core Dox) الصربية وقناة "الجزيرة بلقان" (الجزيرة)

في أجواء حرب البوسنة والهرسك الملتهبة في تسعينيات القرن الماضي، تمت تغطية العديد من الجرائم ضد البوشناق في إقليم سنجق بالبلقان، بما في ذلك تعذيب الشرطة لأكثر من 15 ألف شخص خلال عامي 1993 و1994.

وكشف الصحفي الصربي ألكسندر ريلجيج، عن فيلم وثائقي يسلّط الضوء على معاناة أقلية البوشناق المسلمة بإقليم سنجق، وما تعرضت له من ظلم واضطهاد على يد القوات الصربية، خلال مرحلة تفكك يوغسلافيا السابقة.

الوثائقي الذي يحمل اسم "عملية سنجق"، من إخراج ريلجيج، ويجسّد ما عانته الأقلية المسلمة في الإقليم الواقع حاليا بين صربيا والجبل الأسود، من تهجير وتعذيب ونفي وظلم واضطهاد، تزامنا مع استمرار الحرب البوسنية في تسعينيات القرن الماضي.

إنتاج مشترك

وفي معرض رده على أسئلة الأناضول، قال الصحفي ريلجيج، إن الفيلم تم إنتاجه بشكل مشترك بين شركة (Core Dox) الصربية وقناة "الجزيرة بلقان".

وأضاف أن الفيلم يتناول الجانب الذي لم يظهره الإعلام والصحف أثناء وقوع الانتهاكات ضد أقلية البوشناق المسلمة في إقليم سنجق. وأردف "قلة قليلة من الناس يعرفون ما الذي حصل حينها في إقليم سنجق".

وأشار إلى أن الفيلم يتطرق أيضا إلى عملية "ليم – Lim" التي اعتقلت فيها القوات الصربية، 25 عضوا من "حزب العمل الديمقراطي" في سنجق خلال مايو/أيار 1993، ومن ثم اعتقال 21 كادرا آخر من الحزب نفسه في الجبل الأسود.

وشدد الصحفي الصربي على أن هذه العمليات والاعتقالات كانت بمثابة "خطة معدّة مسبقا"، مستشهدا على ذلك بالتهم التي وجهتها القوات الصربية إلى المعتقلين وتمثلت في "التحضير لعمل مسلّح".

ولفت إلى أن المعتقلين خلال عملية "ليم"، تعرضوا لعمليات تعذيب كبيرة من قبل الشرطة الصربية، اضطروا في النهاية للاعتراف بجرائم وتهم لم يرتكبوها.

قصة إبراهيم جيكيج

ونقل "ريلجيج" قصة أحد مسلمي البوشناق ويُدعى "إبراهيم جيكيج"، مبينا أن الأخير كان من بين المعتقلين في إطار عمليات "ليم"، وسُجن لمدة عامين ونصف العام.

وأضاف الصحفي الصربي، أن "جيكيج" وجهت إليه تهمة التحضير لعملية قنص مسلحة، إلا أن المثير في الأمر أن الشخص المذكور كفيف منذ 20 عاما.

وبهذا الخصوص، توقع "ريلجيج" أن يواجه الفيلم الوثائقي ردود أفعال سلبية في كلّ من صربيا والجبل الأسود، مبينا أن جميع الجرائم المرتكبة في إقليم سنجق، لم تعرض أمام المحاكم الدولية.

وشدد أيضا على أنه في الوقت الذي بقي فيه العديد من جرائم الحرب المرتكبة في البوسنة والهرسك، دون عقاب، فإنه لا يتم كذلك الاعتراف بأي من ضحايا الحرب في إقليم سنجق.

ومن المنتظر أن يُعرض فيلم "عملية سنجق" خلال فعاليات النسخة الثالثة من "مهرجان الجزيرة بلقان للأفلام الوثائقية"، الذي ترعاه إعلاميا وكالة الأناضول.

ويعرض المهرجان المذكور 18 فيلما وثائقيا، 10 منها داخل المسابقة الرسمية، ومن بين الأفلام المشاركة 6 ذات صفة دولية، و8 إقليمية، و4 من إنتاج البوسنة والهرسك.

ويهدف المهرجان إلى تشجيع الكتّاب والأفلام الوثائقية التي تتعامل مع الظواهر الاجتماعية من خلال التركيز على القيم الإنسانية العالمية، إذ يتضمن أفلاما وثائقية معدة للبث التلفزيوني.

ويستمر المهرجان لمدة خمسة أيام بين 11 و15 سبتمبر/أيلول الجاري، حيث تتناول الأفلام المشاركة فيه عددا من القضايا الإنسانية العالمية من سوريا وفلسطين والفلبين وصولا إلى المكسيك.

ضحايا التعذيب

وتحدث مؤلف الفيلم، ألكسندر ريجليك، إلى "قناة الجزيرة بلقان" عن ضحايا التعذيب على أيدي الشرطة والمحاكمات التي جرت في تسعينيات القرن الماضي.

وقال ريجليك إن الموضوع أثار اهتمامه منذ وقت طويل، حيث بدأ في التعامل معه بشكل مكثف منذ حوالي ثماني سنوات عندما قدم عرضا وثائقيا خاصا حول أحداث سنجق بعنوان "سجناء التسعينيات".

وجاءت لاحقا فكرة إعداد وثائقي عن المحاكمات السياسية، لأنها كانت مهملة في التغطية الإعلامية، ويقول ريجليك إن المحاكمات السياسية التي تم تنظيمها في سنجق كانت مدروسة جيدا، مؤكدا أن الهدف كان بث الخوف بين أبناء البوشناق في إقليم سنجق، وبالتالي طردهم من المنطقة، واعتبر أن المحاكمات استهدفت أشخاصا يحظون بالتقدير مثل الأساتذة لتخويف السكان.

ومن ناحية أخرى، كانت الحكومة تنزع سلاح البوشناق في منطقة كلها مليئة بالأسلحة، ولم يتم نزع سلاح سواهم بينما كانت الجرائم ضد الإنسانية تحدث على مقربة في صربيا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك لطرد السكان البوشناق.

ويتابع ريجليك أنه بعد التوقيع على اتفاق دايتون للسلام، ألغت حكومة الجبل الأسود الاعتقال السياسي، بينما استمرت العملية في صربيا على مدار الـ 20 عاما التالية، حتى دخل قانون التقادم حيز التنفيذ.

وأضاف أن "الإفراج عن السجناء السياسيين جزء من اتفاقيات دايتون" لكن صربيا رفضت إطلاق سراح الجميع مرة واحدة، وفي الجبل الأسود لم يحصل المفرج عنهم على رد اعتبار أو إثبات أنهم كانوا في الحقيقة غير مذنبين.

وأشار ريجليك إلى أنه من المهم للغاية التعامل مع الشر وقضايا الاضطهاد والتعذيب بهذه الطريقة الوثائقية الواقعية -مثل التي قدمها بالفيلم المرتقب عرضه في "مهرجان الجزيرة بلقان للأفلام الوثائقية"- حتى تكون دليلا ومرشدا للأجيال الجديدة.

المصدر : الجزيرة + وكالة الأناضول