قراءة في تجربة الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي

(الصحافة القطرية)

أقام الفريق الإعلامي لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي مساء اليوم الخميس ندوة بعنوان "قراءة في تجربة الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي عبر مواسمها الخمسة الماضية"، شارك فيها عدد من الفائزين.

المداخلة الأولى في الندوة التي نظمت عبر تطبيق "زوم" وبثت مباشرة عبر "فيسبوك"، قدمتها الدكتورة الأردنية إخلاص القنانوة الفائزة بالمركز الأول في نسخة العام 2019 عن ترجمتها لكتاب "العلم في تجل" للمفكر الأميركي من أصل ألماني فرانز روزنتال.

وقالت إخلاص في مداخلتها حول "الترجمة بين الشغف الذاتي والرسالة الإنسانية"، إن المردود المادي للترجمات عادة لا يكون عاليا ولا يغري المترجم بقضاء وقته فيها لو كان هذا هو دافعه فحسب، لذا فإن المترجم الجاد والمسؤول يعيش حالة من العلاقة بينه وبين النص المترجم، تقوم على الحب والرغبة في الكشف عن عالم مجهول.

وبينت أن عملها في كتابها المترجم الفائز استغرق 24 شهرا بالتشارك مع زوجها يحيى القعقاع، وعلقت على طول المدة بأن ترجمة هذا العمل لم تكن لتخضع للمعايير العادية، فهي ترجمة بحثية وتحقيق وتدقيق وقراءة عميقة في ذات الموضوع قبل الشروع في الترجمة، مشيرة إلى أن المترجم الشغوف نتاج باحث جيد لكون المترجم يتلقى معرفة أيضا من خلال ترجمته وليس نقل نص من لغة إلى أخرى.

ترجمات وقراءات معاصرة

وقدم الأستاذ الدكتور جمال شحيد مداخلة بعنوان "مسؤولية المؤسسات العلمية تجاه العمل المترجم"، وتطرق إلى تجربته في ترجمة كتاب "المسرات والأيام" لمارسيل بروست من اللغة الفرنسية إلى العربية، مما أهله للفوز بالمركز الثاني في نسخة العام 2017 من الجائزة.

وأوضح شحيد أن وضع الترجمة في العالم العربي تحسن في العقود الأخيرة تحسنا طفيفا، لكنه جيد لكونه يؤشر على ازدهار حركة الترجمة من جديد، مشيرا إلى أن الفضل في ذلك يعود إلى المؤسسات المتخصصة في الترجمة في العالم العربي ومنها جائزة الشيخ حمد للترجمة.

وطالب بضرورة إنصاف المترجم ماديا وتفعيل حماية الملكية الفكرية بشكل واضح ودقيق نظرا لضياع حقوق المترجمين في أغلب الأحيان، مبينا أثر الدعم والتشجيع والمتابعة من قبل تلك المؤسسات على جودة المترجمات واهتمام القارئ العربي الناضج بها.

وقدم المداخلة الثالثة وكانت بعنوان "قراءة في لغات الجائزة ومكمن القيمة للموضوع أم للغة"، المترجم والأكاديمي الأميركي الدكتور مايكل كوبرسن الفائز بالمركز الأول في نسخة العام 2016 عن ترجمته لكتاب "مناقب الإمام أحمد بن حنبل"، حيث بين أن مساهمة جائزة الشيخ حمد هي تكريم العمل المترجم لذاته بصرف النظر عن لغته.

وأشاد كوبرسن بما امتازت به الجائزة من تكريم للفائزين من عدة لغات، وتنوع للأعمال المترجمة، بما يضفي قيمة كبيرة على دورها في ازدهار الترجمة وتشجيع المترجمين.

وأكد أن الجائزة لها الفضل في تشجيع العمل بإخلاص وفي تحفيز أصحاب التحدي لترجمة "الأعمال المستحيلة"، كما فعل هو بعد الفوز حيث تفرغ لترجمة "مقامات الحريري"، مشيرا إلى صدور كتابه بعد الفوز بطبعات عديدة لصالح جامعات أميركية.

مشاركة تركية

ومن تركيا كان الحديث للدكتور محمد جليك الفائز بالمركز الأول في نسخة العام 2015 عن ترجمته لكتاب "العقل الأخلاقي العربي" للمفكر محمد عابد الجابري، حيث أوضح ماذا يعني له الفوز بجائزة عالمية، مؤكدا أنها زادته إحساسا بالمسؤولية ودفعته للمزيد من التجويد والمتابعة لأهم الأعمال الفكرية التي تصلح للترجمة من اللغتين العربية والتركية.

وتحدث جليك عن تجربته في الترجمة، إذ كان يستدعي قراءة أعمال المؤلف كاملة وكل ما كتب عنه قبل الشروع في الترجمة، لكي يتسنى له تمثل الوعي الفكري للكاتب بصورة دقيقة تعينه على الترجمة الدقيقة.

وأكد أن من معايير التجويد في الترجمة هو البطء الذي يورث السلامة وحسن التدقيق، بالإضافة إلى قراءة العمل عدة مرات قبل دفعه للطباعة، مشيدا في ختام حديثه بدور الجائزة في ازدهار حركة الترجمة، إذ بعد فوزه دعي إلى العديد من المؤتمرات والندوات للتحدث عن منجزه، بالإضافة إلى مشاركته في ورشات عمل عن سبل الترجمة الجيدة.

الترجمة إلى الصينية

الدكتور شوي تشينغ قوه الصيني -المشهور باسم بسام- لفوزه بجائزة الإنجاز من العربية إلى الصينية في نسخة العام 2017 والمعروف باشتغاله في الثقافة الصينية والعلاقات العربية، تحدث في المداخلة الخامسة عن دور الصين في دفع عجلة الترجمة وتعزيزها بهدف تقوية البلاد ودفعها نحو التغيير والتطوير وتغيير البنية الثقافية للمجتمع الصيني.

وبيّن شوه دور ترجمة الآداب العربية إلى اللغة الصينية في رفد مظاهر الإصلاح وخدمة الإبداع حيث ترجم لأعلام الأدب العربي الحديث في الشعر والنثر، مشيرا إلى دور النشر الفاعل في تحفيز الترجمات الجيدة والمفيدة.

من الإيطالية إلى العربية

في المداخلة السادسة تحدث الفائز بالجائزة التشجيعية للشباب عام 2018 المترجم السوري معاوية عبد المجيد صاحب العديد من الأعمال المترجمة من اللغة الإيطالية إلى العربية، عن معايير انتشار الكتاب المترجم شكليا وموضوعيا، موضحا أن على المترجم مراعاة اختيار الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين الثقافتين.

وكانت المداخلة السابعة والأخيرة للدكتور المغربي حسن حلمي الفائز بالمركز الثاني في نسخة العام 2016 عن كتابه "مختارات من قصائد إزرا باوند".

تحدث حلمي الذي يترجم من الإنجليزية إلى العربية عما بعد الجائزة، وكيف أسهمت في منحه مساحة كبيرة من التواصل مع كبار المترجمين العالميين، وأنها كانت فرصة لتلاقي الآراء والأفكار حول الترجمة وقضاياها من خلال مؤتمر الترجمة والمثاقفة الذي يعقده منتدى العلاقات العربية والعالمية سنويا، مشيرا إلى دور الجائزة في تحفيزه لسبر غمار ترجمة الشعر التي تشكل تحديا كبيرا للمترجمين، وشاكرا الجائزة لدورها في تكريم المترجمين الذين لم يكن ليلتفت إليهم من قبل.

وانتهت الندوة التي أدارتها عضوة الفريق الإعلامي للجائزة الدكتورة امتنان الصمادي وبحضور المستشارة الإعلامية للجائزة الدكتورة حنان الفياض، بالتأكيد على دور الجائزة في منح المترجمين أفضل السبل لتكون الترجمة إضافة نوعية للمكتبات العربية والعالمية، وأنها ستظل بانتظار المزيد من المترجمات المميزة لترفع رايتها في عالم الفكر الإنساني.

ترجمة تراثية

وفي تصريح خاص للجزيرة نت، عبر أستاذ القانون بجامعة تورنتو محمد فاضل عن تقديره لمن أسس هذه الجائزة ويرعاها سنويا، وقدم التحية للجنة القائمة على التحكيم وتقويم الأعمال المرشحة.

وقال الدكتور فاضل الفائز بالمركز الثاني عن فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية في نسخة العام 2019، إن ترجمته لكتاب "الإحكام في أصول الأحكام" كانت ضمن سلسلة كتب صادرة عن جامعة "ياييل" اسمها "فكر عالمي في الترجمة". وكان المقصود من هذه السلسلة إثراء المكتبة الإنجليزية ببعض الكتب السياسية التنظيرية من شتى الثقافات الإنسانية، خصوصاً الثقافة الإسلامية والعربية.

وأضاف أنه اختار الكتاب الذي ألفه شهاب الدين القرافي في القرن 13 الميلادي لأسباب شتى بعضها عملية وبعضها نظرية، مؤكدا أن الكتاب فريد من ناحية كونه مزيجا بين التحليل الأصولي والتنظير العملي المبني على جزئيات فروع المذهب.

وتابع أن كتاب القرافي "يمثل مرحلة عليا في النضج التنظيري الفقهي التجريدي الذي أحببت أن أظهر وجها منه لعلماء القانون الإنجليزي الذين يجهلون -أو لا يقدرون- مرحلة التنظير التجريدي الذي بلغه الفقه الإسلامي في القرن الثالث عشر، وكيف أن فقيها مثل الإمام القرافي كان يعالج قضايا شبيهة للقضايا التي يعتني بها فلاسفة القانون اليوم".

المصدر : الجزيرة