كراهية الغرباء.. هل يتولد "الإرهاب الأبيض" من تغريدات ترامب؟

Omran Abdullah - غير البيض يتجمعون أمس بعد ثلاثة أيام من مجزرة إل باسو بولاية تكساس لتذكر الضحايا (رويترز) - مجزرة تكساس تروي قصة تطور الإرهاب اليميني من العداء للمسلمين إلى اعتبار المهاجرين مستعمرين
مواطنون أميركيون يتجمعون أمس بعد ثلاثة أيام من مجزرة إل باسو بولاية تكساس لتذكر الضحايا (رويترز)

عمران عبد الله

"بشكل عام، أنا أؤيد مطلق النار في كرايست تشيرتش وبيانه".

هكذا بدأ الرجل المتهم بإطلاق النار على عشرين شخصا على الأقل في متجر وولمارت في إل باسو بولاية تكساس الأميركية، الوثيقة التي نشرها في أحد منتديات الإنترنت التي يستخدمها أنصار الإرهاب القومي الأبيض، وأضاف أن مطلق النار في نيوزيلندا ألهمه وحفزه على تكرار الهجوم الذي نفذه ردا على ما يعتبره "غزوا إسبانيًّا لتكساس".

وفي 30 يوليو/تموز الماضي أي قبل أيام فقط من الهجوم الأخير في تكساس أصدر قادة كاتدرائية واشنطن الوطنية بيانا ينتقد ترامب بشدة، وجاء فيه أن كلمات الرئيس ترامب التي أهان فيها قائدا في الكفاح من أجل العدالة العرقية والمساواة خطيرة للغاية وغير إنسانية وعنيفة، وتمثل دعوة للتحرك من قبل المتطرفين، فالكلمات العنيفة تؤدي إلى أعمال عنيفة.

من العداء للمسلمين لكراهية المهاجرين
تطورت الحركات الفاشية الجديدة في القرن 21 من العداء للمسلمين إلى معاداة كل الغرباء بحسب الكاتب الأسترالي جيف سبارو الذي نشر كتاب "الكراهية على الإنترنت ومذبحة كرايست تشيرتش".

ويضيف سبارو أن "الحرب الغربية المستمرة ضد الإرهاب أدت لتطبيع خطاب معادٍ للمسلمين يستنسخ تقريبا كل العلل التقليدية لمعاداة السامية".

ويتابع "اعتنق جيل جديد من السياسيين والأحزاب والشخصيات الإعلامية علانية كراهية الأجانب وكراهية الإسلام، لكنهم في معظم الأحيان، تجنبوا ثقافة العنف المرتبطة بالفاشيين الحقيقيين".

واعتبر سبارو -في المقال الذي نشره في صحيفة الغارديان البريطانية- أن تطبيع العنصرية من قبل السياسيين الشعبويين وغيرهم يسهل عمل الفاشيين.

التحول إلى العنف
وأصبح تحول تيار العنصرية اليميني المتطرف إلى العنف المادي بدلا من الاكتفاء بتداول أفكاره العنيفة عبر الإنترنت ومواقع التواصل سمة للزمن الراهن، ويشير بيانا منفذي هجوم نيوزيلندا وهجوم تكساس إلى أن العنف اليميني هو غاية في حد ذاته بالنسبة للعنصريين البيض الذين يريدون تمييز أنفسهم وعدم الاكتفاء بالكلام على الإنترنت بل ممارسته فعليا في الواقع.

وشجع انتخاب دونالد ترامب المعروف بمواقفه الشعبوية والعنصرية مزيدا من حوادث العنف اليميني، وسبق لترامب أن قال في أعقاب هجوم نيوزيلندا إنه لا يرى القومية البيضاء تهديدا متزايدا، معتبرا أنهم مجموعة صغيرة من الناس.

ودعا كلّ من مطلقي النار في نيوزيلندا وتكساس لما أسمياه "التسارع"، إذا رأيا أن القتل الجماعي هو وسيلة لتسريع الدمار الذي سيحدث على كل حال.

وبدا أن الرسالة التي وجهها مطلق النار النيوزيلندي لنشطاء اليمين العنصري حول العالم قد أتت أكلها، ويدين العنصريون البيض النخب السياسية التي تسهل الهجرة ويرون أنه من واجبهم مهاجمة المهاجرين ومن يدعمونهم، فالهجرة أصبحت بالنسبة إليهم استعمارا لبلادهم.

هل ألهم ترامب منفذ الهجوم؟
وضع حساب تويتر الذي يحمل اسم المشتبه به علامات "لايك" على تويتات تحمل الهاشتاغ BuildTheWall الذي يدعم فكرة ترامب لبناء جدار بين المكسيك والولايات المتحدة، وأيضا على صورة كتب بها اسم ترامب باستخدام أسلحة متعددة.

ويتبنى البيان الذي نشره المشتبه بتنفيذه الهجوم أفكارا عنصرية وكراهية نمت تحت حكم ترامب، وبدا اتهامه الديمقراطيين بمغازلة الناخبين الإسبان، وإدانة الاختلاط العرقي شبيها ببعض تعبيرات ترامب الذي تحدث مراراً وتكراراً عن "غزو" أجنبي من الحدود الجنوبية، ووصف المهاجرين المكسيكيين بأنهم "مغتصبون" ووصف اللاجئين السوريين بـ "الأفاعي" و"حصان طروادة".

وأخيرا، كتب ترامب مهاجما أربع نساء منتخبات في الكونغرس من أصول ملونة وطالبهم "بالعودة" إلى "الأماكن الموبوءة بالجريمة التي أتوا منها".

وفي وقت سابق، قال رئيس مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) نهاد عوض -في أعقاب هجوم نيوزيلندا- "لقد استَشهد الإرهابي اليوم بأقوى رجل في العالم؛ الرئيس ترامب".

ورصد الإعلامي البريطاني مهدي حسن عشرةً من مؤيدي ترامب متهمين بارتكاب أعمال عنف مروعة، بينهم مطلق النار في مسجد كيبيك بكندا والقاتل الأسترالي في نيوزيلندا الذي وصف ترامب بأنه "رمز لتجدد الهوية البيضاء".

واعتبر حسن -في المقال الذي كتبه لصحيفة إنترسبت- أن الرئيس الأميركي لا يقوم بزرع القنبلة ولكنه يمكّن كثيرا من الكراهية التي تقف وراء أعمال العنف لنشطاء اليمين المتطرف وأنصار التفوق العرقي للبيض.

من جهتها، اعتبرت الكاتبة في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية ميشيل غولدبرغ أن ترامب تراجع عن الجهود المتواضعة لمناهضة العنصرية التي بذلها سلفه أوباما وأدخل لغة التفوق القومي الأبيض لصلب السياسة الأميركية، لتصبح خطابا أميركيا سائدا، وإضافة لذلك ألغت إدارته المنح المقدمة من عهد أوباما إلى الجماعات التي تعمل على مكافحة التطرف العنصري.

قضايا الهجرة والمهاجرين وضعها ترامب ضمن أولويات إدارته، ولعل خطاباته أججت الجدل في المجتمع الأميركي (رويترز- أرشيف)
قضايا الهجرة والمهاجرين وضعها ترامب ضمن أولويات إدارته، ولعل خطاباته أججت الجدل في المجتمع الأميركي (رويترز- أرشيف)

هذا غزو
وكتب المدير السابق لـ"أف بي آي" أن ترامب حذّر في المسيرات الانتخابية قبل انتخابات التجديد النصفي للعام الماضي -أي قبل تسعة أشهر من الهجوم الأخير- من أن أميركا تتعرض للهجوم من قبل المهاجرين المتجهين إلى الحدود، وهتف "هذا غزو.. هذا غزو!".

وأكد المشتبه به في تنفيذ هجوم تكساس أن وجهات نظره "تسبق ترامب وحملته للرئاسة" وكأنه كان يتوقع الجدل الذي سيتبع حمام الدم، لكن كثيرين -ومنهم كومي في مقاله المنشور في نيويورك تايمز- يلقون باللائمة على الرئيس الأميركي لإذكائه العنصرية والكراهية التي تستند إليها هذه المعتقدات.

وبسبب نفوذ الجناح اليميني الأميركي في مؤسسات الدولة، لا تحظى العمليات الإرهابية التي يقوم بها المتطرفون من أنصار التفوق العرقي للبيض باهتمام حكومي كاف، كما لا تجرم القوانين -بشكل كاف- الانضمام لمنظمات العنصرية البيضاء، ويواجه "الإرهابيون المحليون" تهما بالسلاح والتآمر وجرائم الكراهية فقط وليس تهم الإرهاب.

المصدر : الجزيرة