بها أكثر من ألفي كتاب.. غزي يحول مكتبته الخاصة إلى عامة

Omran Abdullah - أطفال يقرأون في مكتبة الفراني بغزة، الجزيرة - غزي يحول مكتبته الخاصة التي تضم أكثر من ألفي كتاب إلى مكتبة عامة
عبد الحميد الفراني أنشأ ديوانا لجذب الناس إلى القراءة وأطلق على مبادرته "اقرأ تؤجر" (الجزيرة)

علا موسى-غزة

داخل شارع أحمد ياسين بمنطقة الصفطاوي شمالي قطاع غزة، يمكن للباحثين والخريجين وبعض هواة القراءة أن يجدوا بعض الكتب القديمة التاريخية والسياسية والإسلامية والقصص القديمة وكتب اللغة العربية وغيرها لقراءتها في ديوان صغير أنشأه الأكاديمي الفلسطيني عبد الحميد جمال الفراني من غزة لجذب الناس إلى الجلوس والقراءة داخل ديوانه، ضمن مبادرة "اقرأ تؤجر".

الدكتور الفراني (41 عاما) أستاذ مساعد بجامعة الأقصى في قسم التاريخ، وحاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي من جامعة الجنان بلبنان، جمع على مدار عشرين عاما عددا من كتب التاريخ والكتب الثقافية والإسلامية والمنوعة من فلسطين ومصر ولبنان، منها كتب نادرة وأخرى قديمة، ومع التطور التكنولوجي جمع عشرات آلاف الكتب الإلكترونية.

‪عبد الحميد الفراني: أردت إحياء مجالس القراءة ودواوينها في منطقتي واستقطاب القراء من غزة
‪عبد الحميد الفراني: أردت إحياء مجالس القراءة ودواوينها في منطقتي واستقطاب القراء من غزة"‬ (الجزيرة)

وقرر الفراني في يناير/كانون الثاني الماضي فتح مكتبته الخاصة أمام الزوار لتصبح مكتبة عامة، بعد أن ملأتها الكتب الورقية، وبهذا يتيحها لإفادة المجتمع والمختصين في الأبحاث والطلاب والشباب وحتى الأطفال الموهوبين. 

ويقول "توقفت عن الاستفادة من الكتب في مكتبي البالغ عددها أكثر من ألفي كتاب، ما بين سياسة وثقافة دينية وعلمية وتاريخية ودراسات حديثة وفلسطينية وأخرى عن القدس والتاريخ العربي واللغة العربية وعن الأسر الحاكمة العربية وموسوعة قصص قديمة ومنوعة".

وتضم مكتبة الفراني كتاب "زبدة كشف الممالك" لابن شاهين الظاهري طبعة باريس عام 1882، وهو كتاب جغرافي من العصر المملوكي، إلى جانب عشرات الكتب القديمة المطبوعة على الورق الأصفر القديم، وهو يعتبرها أثمن الكتب وأكثرها قيمة ويود الحفاظ على عبقها الأصيل وشكلها القديم.

‪الفراني بين كتبه التي تزيد عن ألفي كتاب‬ (الجزيرة)
‪الفراني بين كتبه التي تزيد عن ألفي كتاب‬ (الجزيرة)

القراءة في غزة
ويضيف الفراني "تقلصت أعداد الكتب الداخلة إلى قطاع غزة منذ انتفاضة الأقصى عام 2000، ثم زادت المشكلة عام 2007.. تغير المجتمع الغزي، وتقيّد دخول الكتب إلى غزة، وتراجع عدد القراء مع التطور التكنولوجي، وألغيت مجالس القراء التي كنا فيها ونحن شبان نجتمع لنقرأ الكتب ونتبادل المعرفة، لذا أردت إحياء مجالس القراءة ودواوينها في منطقتي واستقطاب القراء من غزة".

ويرى أن عددا كبيرا من الباحثين والطلاب في غزة وجدوا صعوبات في الحصول على بعض الكتب من الخارج في ظل الحصار الإسرائيلي وعدم دخول الكتب الحديثة، مما دفعه إلى الحصول عليها من خلال عدد من مصادره خارج القطاع وتخزينها عبر مكتبته الإلكترونية لكي يجد القراء الكثير من الكتب في مكتبته.

‪لافتة ديوان الأكاديمي لمكتبته التي أصبحت مكتبة عامة‬ (الجزيرة)
‪لافتة ديوان الأكاديمي لمكتبته التي أصبحت مكتبة عامة‬ (الجزيرة)

خدمات المكتبة
ولفت الفراني إلى الإقبال الكبير من بعض الشبان الغزيين الباحثين منهم والطلاب الذين يحضرون ويجلسون لساعات في مكتبته لأنه لا يعير كتبه، ويشترط عليهم الجلوس في المكتبة واحتساء مشروب دافئ والقراءة. كما لاحظ توجه أطفال ومراهقين إليه يطلبون قراءة بعض الكتب الثقافية والمعرفية والقصص التراثية والمنوعة.

ويعزو رفضه إعارة الكتب إلى كون "المكتبة مجهودَ بحث وعمل لمدة عشرين عاما، ولتعميم الفائدة على الجميع، ولكي نعيش جو ديوان القراء، خاصة أن إعارة الكتب الورقية ستسبب لي مشاكل، وعدد الكتب قليل بالمقارنة مع المكتبات خارج القطاع".

كما يوفر الفراني خدمة الاستشارة للطلاب والباحثين الذين يقبلون على مكتبته بخصوص كتب ورقية أو إلكترونية تفيد أبحاثهم، ولديه أكثر من 50 ألف كتاب إلكتروني، ويطمح إلى توسيع وإحضار الكثير من الكتب الحديثة من بعض دور النشر الفلسطينية التي حصلت على حق نشر بعض الكتب والروايات في فلسطين.

ويحضر معلم اللغة العربية محمود القانوع (27 عاما) بشكل شبه يومي إلى مكتبة الفراني لقراءة بعض الكتب اللغوية، ويرى الجو فيها أنسب من المنزل، ففي كل مرة يحصل على معلومات جديدة وأسماء كتب جديدة من بعض الذين يقبلون على المكتبة.

يقول القانوع "تأسست على حب اللغة العربية، لكن للأسف نبحر فيها ونخوض غمارها الكبير، لكن لا نجد اهتماما كبيرا بها من المجتمع، ونعيش في ظروف صعبة، لكن أفضل وسيلة للهرب من هذه الظروف هي القراءة داخل مكتبات أو تجمعات ثقافية او أماكن عامة بعيدة عن البيوت، والأستاذ الفراني حقق لي هذا المطلب في حينا".

أما الشاب هيثم الهسي الذي يهوى قراءة الكتب التاريخية والدعوية وكتب التنمية البشرية، فأصبح يتردد على مكتبة الفراني ثلاثة أيام في الأسبوع، ويقول "هناك عشرات المبادرات لإحياء القراءة في فلسطين لكنها وقتية.. لا يوجد شيء مستمر على أرض الواقع، فجميعها مؤقتة، ونحتاج إلى ثقافة إحياء مكتبات قراءة في المناطق السكنية يشرف عليها معلمو تاريخ أو غيرهم كالأستاذ الفراني لحث المقبلين على القراءة بشغف".

المصدر : الجزيرة