بقرار قضائي.. كاتب مغربي يفوز بجائزة المغرب للكتاب

الدكتور محمد براو الفائز بجائزة المغرب للكتاب 2018 في صنف الدراسات الاجتماعية
الدكتور محمد براو قاض في المجلس الأعلى للحسابات وباحث وخبير دولي في الحوكمة والمحاسبة ومكافحة الفساد (الجزيرة)

سناء القويطي-الرباط

لم يدر في خلد الخبير المغربي في الحوكمة ومكافحة الفساد الدكتور محمد براو أن إعلان فوزه بجائزة المغرب للكتاب 2018 لن يكتمل بتسليمه الجائزة في الحفل الرسمي.

وقررت وزارة الثقافة عدم استدعاء الفائز في صنف العلوم الاجتماعية لحفل توزيع الجائزة على الفائزين الـ13 في مختلف فروعها والذي نظم في أكتوبر/تشرين الأول 2018 خلال افتتاح الموسم الثقافي، وبالتالي عدم تنفيذ الاستحقاقات المالية والإدارية والأدبية التي تستتبع إعلان اللجنة أسماء الفائزين.

وبعد نزاع قضائي انطلق نهاية أبريل/نيسان المنصرم، قررت المحكمة الإدارية أحقية الكاتب محمد براو في جائزة المغرب للكتاب، وقضت بأداء وزارة الثقافة تعويضا لفائدته قدره 80 ألف درهم (نحو 8 آلاف دولار).

وتعد هذه الواقعة سابقة في تاريخ هذه الجائزة التي بلغت عقدها الخامس وتعد من أرفع الجوائز الثقافية في المغرب، وتمنح لأهم الكتب المغربية الصادرة في مجالات علمية وأدبية متعددة.

جائزة في ردهات المحاكم
ووضع الباحث المغربي محمد براو شكاية لدى المحكمة الإدارية في الرباط ضد رئيس الحكومة ووزارة الثقافة، يتهم فيها هذه الأخيرة بإقصائه من حضور حفل تسليم الجائزة.

وأشار في شكايته إلى أنه لم يحظ بشرف التتويج رفقة باقي الفائزين بسبب قرار الوزارة، ولم يتسلم شهادة تقديرية ولا تذكارا، وكذا القيمة المادية للجائزة رغم إعلان لجنة المسابقة فوزه، ونشر النتائج في مختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية.

وكانت وزارة الثقافة قد عممت في يوليو/تموز 2018 بلاغا أعلنت فيه النتائج النهائية لجائزة المغرب للكتاب حسبما توصلت بها من طرف لجان الجائزة، وتضمنت فوز محمد براو بالجائزة مناصفة مع الكاتب أحمد شراك في صنف العلوم الاجتماعية.

‪جائزة  الكتاب من الفعاليات التي تضخ بعض الدماء في تداول الكتب بالمغرب‬ (الجزيرة)
‪جائزة  الكتاب من الفعاليات التي تضخ بعض الدماء في تداول الكتب بالمغرب‬ (الجزيرة)

وقال براو للجزيرة نت "اتصلت بي وزارة الثقافة ثلاثة أيام قبل حفل تسليم الجزائز وأخبروني أنهم لن يسلموني الجائزة"، وأضاف "منحتهم فرصة للتراجع، وعندما رفضوا لجأت إلى المحكمة".

وبررت وزارة الثقافة قرارها بأن تحرياتها أظهرت أن الدكتور محمد براو يمارس مهنة القضاء، وأن مشاركته في المسابقة تتنافى مع مهنته، مستندة في ذلك إلى مادة في مدونة المحاكم المالية.

وتقول المادة 182 من القانون "يمنع على كل قاض ينتمي إلى المحاكم المالية أن يزاول بصفة مهنية نشاطا خاصا يدر عليه ربحا، كيفما كان نوعه. كما يمنع عليه مزاولة أي عمل يجعله في وضعية تبعية. ولا يمتد هذا المنع إلى التآليف الأدبية والعلمية أو الفنية، غير أنه لا يمكن لمؤلفيها الإشارة بهذه المناسبة إلى صفتهم كقضاة إلا برخصة من الرئيس الأول بعد موافقة مجلس قضاء المحاكم المالية".

واعتبرت الوزارة -حسب تصريحات إعلامية لمدير الكتاب السابق- أن لجنة الانتقاء قررت سحب جائزته لأنه لم يشر إلى صفته كقاض في الملف الذي تقدم به.

غير أن محمد براو يرى أن العاملين في وزارة الثقافة أساؤوا فهم القانون، وقال للجزيرة نت إن "القانون واضح، فهو لا يمنعني من حقي في نشر الكتب والمقالات بصفتي باحثا وخبيرا، لكنه يؤكد أن الإشارة إلى صفة قاض في أي منشور تستلزم ترخيصا، وهذا الأمر ليس قائما بالنسبة للكتاب الذي شاركت به في الجائزة حيث لم أشر فيه إلى صفتي المهنية".

وأوضح محمد براو في دعواه أمام المحكمة الإدارية بالرباط أن ملف ترشيحه لجائزة الكتاب مستوفٍ لكافة الشروط ويحترم المسطرة القانونية، كما أن تقييم اللجنة الموضوعي أظهر استحقاقه الجائزة، مضيفا أن قانون المسابقة لا يلزم المرشحين بالإشارة إلى المهن التي يزاولونها في ملف ترشيحهم.

وأكد أن "اللجنة هي التي تمنح الجائزة لمستحقيها، وليس من حق وزارة الثقافة سحبها أو عدم تنفيذ الاستحقاقات المرتبطة بتنفيذ تبعات الإعلان عن النتائج".

الكاتب والكتاب
والدكتور محمد براو قاض في المجلس الأعلى للحسابات وباحث وخبير دولي في الحوكمة والمحاسبة ومكافحة الفساد، ومحاضر في العلوم القانونية والمالية والسياسية. وقد نشر 15 كتابا قي مجالات متعددة، وهو عضو بعدة مراكز أبحاث وطنية ودولية، وحائز على ثلاث جوائز من المنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة (أرابوساي) التابعة لجامعة الدول العربية، وعلى منحة بحث ما بعد الدكتوراه من جامعة نيويورك.

وشارك براو في جائزة المغرب للكتاب في صنف العلوم الاجتماعية بكتاب صادر باللغة الفرنسية عنوانه "مسؤولية الفاعلين في التدبير العمومي أمام المجلس الأعلى للحسابات"، ويتناول قواعد مسؤولية مسيري المال العام من مسؤولين وموظفين وأعوان، وكيفية تحريك المساءلة المالية بالنسبة للمخالفات والانزلاقات التي يقومون بها في تدبير المال العام، وهي دراسة تحليلية ومقارنة.

يشار إلى أن جائزة المغرب للكتاب تعد أرفع الجوائز الثقافية في المملكة، وتمنح سنويا لأجود المؤلفات المغربية الصادرة باللغة العربية أو باللغة الأمازيغية أو باللهجة الحسانية أو بإحدى اللغات الأجنبية. ويحصل الفائز بها على شهادة وتذكار ومبلغ مالي قدره 120 ألف درهم (نحو 12 ألف دولار).

وحسب القانون المنظم للجائزة، فهي تشمل أصناف الآداب، والعلوم الإنسانية، والعلوم الاجتماعية، والدراسات الأدبية والفنية واللغوية، والترجمة، والإبداع الأدبي الأمازيغي، والدراسات في مجال الثقافة الأمازيغية، والكتاب الموجه للطفل والشباب.

المصدر : الجزيرة