جامع المنصوري الكبير بلبنان.. صرح مملوكي يتألق في رمضان

Omran Abdullah - يتميز بناء المسجد المنصوري بالبساطة وغياب الزخاريف لكنه معروف بالمئذنة شبه المربعة - جامع المنصوري الكبير في رمضان.. صرح حضاري مملوكي يعج بالنشاط الرمضاني في لبنان
تميز بناء المسجد المنصوري بالبساطة وغياب الزخارف لكنه معروف بالمئذنة شبه المربعة (الجزيرة)


وسيم الزهيري-بيروت

 

يعد المسجد المنصوري الكبير واحدا من أعظم المساجد في مدينة طرابلس شمالي لبنان، وقد بناه المماليك على دفعات إعتبارا من عام 1294م. وهوأول معلم معماري يقام في طرابلس المملوكية، حيث أطلق عليه اسم الجامع المنصوري الكبير تيمنا باسم فاتح طرابلس "المنصور قلاوون" ولأنه كان ولا يزال أكبر جامع في المدينة القديمة.


يتميز بناؤه بالبساطة وغياب الزخارف لكنه معروف بالمئذنة شبه المربعة والبوابة الرئيسية، إضافة الى وجود ساعة شمسية لتحديد مواعيد الأذان.


ولعل أبرز ما أضيف لميزات هذا المسجد إهداء السلطان العثماني عبد الحميد الثاني لمدينة طرابلس وأهلها شعرة من لحية النبي محمد عليه الصلاة والسلام من محفوظات الأمانات المقدسة في إسطنبول، وقد تم حفظها في الجامع المنصوري الكبير.


في رمضان

منذ مئات السنين تميز المسجد المنصوري الكبير بأهمية خاصة خلال شهر رمضان المبارك.

ويتحدث علي الشلبي شيخ المسجد عن أن الكثير من العادات القديمة ما زالت تُمارس إلى يومنا هذا، وأن المسجد المنصوري لا يغلق أبوابه في الشهر الفضيل لأنه يعج دائما بالمؤمنين من أهالي مدينة طرابلس والمحيط، والذين يؤدون صلوات التراويح.

‪.. بناه المماليك على دفعات اعتبارا من عام 1294م‬ (الجزيرة)
‪.. بناه المماليك على دفعات اعتبارا من عام 1294م‬ (الجزيرة)

ويقول الشلبي للجزيرة نت إن الكثير من النشاطات يشهدها المسجد في شهر رمضان ومنها إعطاء دروس توجيهية بعد صلاة الصبح تستمر على حلقات خلال النهار، وأوضح أنه في آخر يوم جمعة من شهر رمضان يتم إخراج شعرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لعرضها أمام الناس، مشيرا إلى أن هذه العادة مستمرة منذ أيام الحكم العثماني، لافتا إلى أن هذه الشعرة محفوظة داخل صندوق زجاجي آمن.


ويلفت إلى أنه يتم توزيع الكثير من الحصص الغذائية المجانية خلال شهر رمضان في المسجد المنصوري لمساعدة المحتاجين.

 

الشلبي يروي عن عادات وتقاليد شهر رمضان في المسجد المنصوري خلال القرن الماضي، حيث يجتمع الناس في يوم إثبات حلول الشهر المبارك وينطلقون باتجاه المحكمة الشرعية في مدينة طرابلس للاستفسار حول رؤية الهلال.


ويضيف أنه من العادات عند ثبوت حلول رمضان إطلاق المدفعية سبع طلقات احتفالا، لتبدأ من بعدها التبريكات والمعايدات بين الحاضرين قبل أن تمتلئ باحات الجامع الكبير الداخلية والخارجية بأهالي المدينة القادمين للصلاة.

كما يتحدث الشلبي عن توزيع صحون الحلوى المعروفة باسم "المهلبية" على المنازل للسحور إضافة الى المشمش المجفف، ويروي عن التقليد المعروف "بالتسابيح" قبل موعد السحور بساعة تقريبا حيث تطلق عبر مآذن المدينة ومنها الجامع الكبير.

ويشير الى أن أهالي المدينة كانوا يعمدون الى إيقاظ بعضهم البعض لتناول السحور ويتجهون نحو الجامع الكبير لانتظار مدفع الإمساك وأذان الفجر، ليدخل الحاضرون عند إطلاق المدفع الجامع المنصوري للاستماع لقراءة الآيات القرآنية من المشايخ. ويلفت إلى أن الناس ابتعدت عن بعض العادات القديمة بفعل التقدم التكنولوجي وانتشار وسائل الترفيه والمقاهي بشكل كبير.

‪.. يتميز بأنه يتوسط المدينة التاريخية‬ (الجزيرة)
‪.. يتميز بأنه يتوسط المدينة التاريخية‬ (الجزيرة)

مجمع ديني وتربوي

يتميز الجامع المنصوري الكبير بأنه يتوسط المدينة التاريخية أو طرابلس المستجدة ويقع تحت أسفل قلعة طرابلس، ويقول خالد تدمري رئيس لجنة الآثار والتراث في بلدية طرابلس إن المماليك فتحوا طرابلس بعد حوالي مئتي عام من سقوطها بيد الإفرنج، مشيرا إلى أن بناء الجامع جاء خاليا من الزخرفة نظرا لانصراف المماليك إلى الاهتمام بالدفاع عن المدينة.

أضاف تدمري أن بناء المسجد تأثر بالعمارة المغربية الأندلسية من ناحية وبالعمارة المملوكية من جهة أخرى، وختم قوله بأن الجامع المنصوري تحول لمجمع تربوي وديني ضخم يحيط به عدد كبير من المدارس تدّرس مختلف العلوم الدينية والعلمية.

المصدر : الجزيرة